أدلة تدين المحرك الروسي لدمى التمرد الأوكراني

في فصول دراسية عسكرية مجهولة في مكان ما في موسكو، استندت 12 صورة لها إطارات متطابقة مصنوعة من صدف السلاحف على مقاعد معدنية على منصة. أمام كل صورة كانت هناك مجموعة من ست ورود باللون الأحمر والوردي.

القتلى، وفقاً للمصدر الذي أظهر لصحيفة فاينانشيال تايمز صور النصب التذكاري الهادئ الشهر الماضي – شخص على معرفة وثيقة بمجتمع الاستخبارات في الكرملين – فقد كانوا عناصر من القوات الخاصة الروسية. جميع الأشخاص الـ 12 لقوا حتفهم في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، بينما كانوا رسمياً في عطلة.

لا يمكن التحقق من مصدر الصور على وجه الدقة، ولكن ثلاثة من القتلى يمكن تحديدهم بشكل مستقل، على أنهم يخدمون كوماندوز استخبارات عسكرية باستخدام صور منفصلة مفتوحة المصدر لتدريبهم، كما يدل زيهم الرسمي.

كان اثنان أيضاً من بين أولئك قد تم تصويرهما من قبل أحد الصحافيين الروس لدى صحيفة نوفايا غازيتا، وهم يعبرون الحدود الأوكرانية في حزيران (يونيو) في شاحنة تسمى "شحن البضائع 200" – وهو رمز عسكري روسي لنقل الجنود القتلى الذين يجري إعادتهم لأوطانهم.

إنه دليل مقنع، إذا كان يعد دليلاً ظرفياً، يدعم المزاعم التي تقدمها كييف منذ نيسان (أبريل): روسيا، كما يدعي قادة الجيش الأوكراني، لا تسلح المتمردين الانفصاليين في شرقي البلاد فحسب، بل تشن حملة عسكرية سرية نشطة، باستخدام قوات النخبة الخاصة لديها، وعناصر الاستخبارات هناك.

ينفي الكرملين بشكل مستمر جميع هذه الاتهامات، لكن الآن، ومع استمرار جيش كييف في إبعاد المتمردين في مناطق دونيتسك ولوغانسك، تتزايد الأدلة - وتورط عناصر من الاستخبارات الروسية سيصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، في طريقة سير النزاع.

يتفق رؤساء الاستخبارات الغربية مع تقييم كييف للنشاط السري الروسي، والذي تمت المصادقة عليه من قبل الرئيس فلاديمير بوتين. وقال مسؤول أمن بارز في المملكة المتحدة إن خدمة عناصر الاستخبارات الروسية والقوات الخاصة هي أن تعمل على نطاق واسع في شرقي أوكرانيا، "بلا شك".

فيما يتعلق بالجهة التي تعطيهم التوجيهات - وما قد يشير إليه حول نوايا روسيا - أصبح ذلك أيضاً أسهل من حيث الإجابة.

العناصر المعنية تختلف عن مجموعات المرتزقة الروسية، من موظفي الخدمة الروسية السابقين والشيشان الذين تم تحديدهم سابقاً، ليقاتلوا إلى جانب الانفصاليين في التمرد الموالي لموسكو.

حفنة من الصور المستقاة من وسائل الإعلام الاجتماعية تظهر أفراداً يرتدون الملابس والعتاد القتالي – وهي معدات متطورة أدخلت من قبل الجيش الروسي هذا العام، وهي متاحة للقوات الخاصة.

وقال ضابط استخبارات عسكرية بارز في حلف شمال الاطلسي: "إنهم ذلك النوع من الشخصيات الذين يعملون بدقة وبسرعة ثم يختفون". وأضاف: "من الصعب جداً تحديد أين كانوا. هذه هي القوات المتخصصة. هناك من هذه العناصر عدد قليل، عدد قليل جدا".

بينما كانت القوات الخاصة منتشرة بشكل واضح جداً في شبه جزيرة القرم قبل ضمها، في شرقي أوكرانيا - ربما بسبب الدروس المستفادة من شبه جزيرة القرم – كانوا أكثر سرية هنا.

يقول إيجور سوتياجين، خبير العسكرية والمخابرات الروسية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: "القوات الخاصة تعتبر خليطا بين الجوالة الأمريكية والخدمة الجوية الخاصة بالعمليات السرية البريطانية SAS".

وأضاف "لديهم مجموعة واسعة من الاستخدامات، ويمكنهم القتال، ولكن يتم تدريبهم أيضاً للقيام بالأعمال الاستخباراتية، لإنشاء حركات التمرد والسيطرة عليها وتهريب الأسلحة وشن حروب العصابات".

وقد وثق سوتياجين أنشطة القوات الخاصة في شرقي أوكرانيا باستخدام العشرات من الصور المفتوحة المصدر، والبيانات لبناء صورة لمواقفها وعملياتها.

ويشير استخدامها لإحدى المنظمات العسكرية الروسية على وجه الخصوص، وهي تدير العملية إلى GRU مديرية المخابرات الرئيسية لهيئة الأركان العامة. وGRU - جهاز أمني واسع في مبنى يعرف بـ "الحوض" في موسكو والذي يحمل شعار خفاش، تمتد أجنحته إلى أنحاء العالم - يبرز بوصفه وكالة رئيسية لروسيا في أزمة أوكرانيا.

وعانى GRU من تراجع هيبته في السنوات الأولى من رئاسة بوتين، ولكن مع الصراع "الخارجي القريب" لروسيا، عادت تكتيكات الذراع القوية لمواجهة ذلك. كان مديرها اللواء ايجور سيرجن، من بين أول الأشخاص المستهدفين من قبل العقوبات الغربية.

وتدير GRU ثمانية ألوية قواعد رئيسية للقوات الخاصة. كما تسيطر على وحدة القوات الخاصة من المظليين، الفوج 45 من VDV - نخبة داخل النخبة لـ 700 عنصر من عناصر الجيش "القبعات الزرقاء". اثنان منهم التقطت لهما صورة في مراسم جنازة في موسكو، كانوا يخدمون أعضاء في الفوج رقم 45.

رؤساء تجسس كييف لديهم أدلة أخرى تشير إلى أن GRU هي "المعلم" الذي يحرك الدمى وراء التمرد. جهاز الأمن الأوكراني، إدارة أمن الدولة، يزعم أنه سجل العديد من المكالمات التي جرى إجراؤها من قبل القادة الانفصاليين مع المسؤولين عنهم في جهاز GRU. إيجور ستريلكوف، القائد العسكري للجمهورية التي تطلق على نفسها دونيتسك الشعبية، عقيد في جهاز GRU، وفقاً لإدارة أمن الدولة.

يقول المحللون إن النشاطات الروسية في شرقي أوكرانيا مثال واضح وصريح على عمليات الجهاز GR، فهذا الجهاز معروف بأنه يستخدم عناصر مجرّبة مثل عمليات الاغتيال، وتهريب الأسلحة، وخلق حركات مقاتلي حرب العصابات التي يقودها أشخاص تابعون لهم، واستخدام عمليات القوات الخاصة لمساندتها.

يقول نايجل إنكستر، المدير السابق للعمليات والاستخبارات في جهاز MI6، الجهاز البريطاني المختص بالاستخبارات الخارجية، والذي يعمل الآن مديراً لقسم التهديدات الأجنبية في مؤسسة الأبحاث II: "الأمر يتعلق بالتخريب والتمرد، ويتعلق بالتجسس مع استخدام محدود لقوات خاصة يمكن نفي وجودها، واستخدام أشخاص بالوكالة يمكن نفي أي صلة بهم. إنها حرب لم يتم إعلانها قط في الواقع".

( فايننشال تايمز 22/8/2014 )