اضطرابات شرق القدس ترجح اندلاع انتفاضة ثالثة
في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام العالم على الحرب في غزة، بدأت تتفتح بهدوء جبهة أخرى في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في القدس، وهي واحدة من الأماكن القليلة التي يختلط ويلتقي فيها الطرفان، خلافاً لغيرها من الأماكن المقسمة بالجدران والأسيجة.
بدأت هذه المدينة تشهد مظاهرات وشغبا في كل ليلة تقريباً، منذ أن قتل متطرفون يهود الشاب محمد أبو خضير، وهي الصدامات التي تحدث عادة بين الشباب العرب والشرطة أو الجنود الإسرائيليين.
وفي مشاهد تذكر بانتفاضتين أو ثورتين ضد الاحتلال الإسرائيليي، يلف أولاد وجوههم بغطاء الرأس الكوفية لتجنب الكاميرات، ويلقون بالحجارة والمفرقعات النارية وقنابل المولوتوف على الشرطة والمستوطنين، في شرقي المدينة ذي الأغلبية العربية.
ترد الشرطة على ذلك باستخدام القوة، وترش المتظاهرين بسائل كريه، شبيه برائحة مياه المجاري، أو بإرسال ضباط، يكونون أحياناً ملثمين للقبض على المشتبه بهم في الليل، في تكتيكات يشبهها متضامنون بتلك المستخدمة في التصدي للاضطرابات في الضفة الغربية المحتلة.
مر هذا العنف دون أن تلاحظه الأغلبية في إسرائيل، لأنه يقتصر على أحياء في حد ذاتها، مثل جبل الزيتون والعيسوية وسلوان، حيث لا يذهب إلى هناك سوى عدد قليل من الإسرائيليين من غير المستوطنين أو الشرطة.
يقول ميئير مارجاليت، المستشار السابق في المدينة: " أنا قلق جداً من حقيقة أنه بسبب القصف في غزة، لا أحد يلاحظ حقاً أن الانتفاضة الثالثة ستبدأ من القدس. نحن قريبون جداً من هذه النقطة، ولا أحد يعطي اهتماماً فعلياً لما يجري هناك".
كما زاد من اشتعال المشاعر الصور التلفزيونية للقتلى الفلسطينيين والمباني المدمرة، ومنها مساجد، في غزة. وكذلك توجد دلائل على أن إسرائيل ربما أصبحت جاهزة للسماح بالصلاة اليهودية في المسجد الأقصى، الذي يعتبر ثالث الحرمين عند المسلمين، والمعروف عند اليهود بجبل الهيكل، وهو الذي سيغير من الوضع القائم منذ احتلال إسرائيل للنصف الشرقي من المدينة في عام 1967.
يقول الفلسطينيون إن المظاهرات في القدس شاهد على سنوات من الحرمان بين العرب، والتمييز ضدهم، وعلى اليد الثقيلة للشرطة وتوسع المستوطنات إلى الشرق من المدينة، منها للوصول إلى الحي الإسلامي.
يقول علي محمد جيدة، وهو ناشط فلسطيني مسن: "إذا طفت في جولة ونظرت إلى هؤلاء الشباب الصغار الذين يشاركون في هذه الصدامات، فستجد أن لكل واحد منهم قصة تحكي عملية توقيف أو إهانة أو حتى الضرب من قبل الجنود الإسرائيليين. إنهم يعتبرون أن المشاركة في هذه الصدامات تنفيس عن اليأس والغضب المتراكم في نفوسهم".
سببت جريمة قتل أبو خضير في تحويل هذا الغضب إلى حالة غليان. وكان قد حذر مقيمون في حي شعفاط الشرطة الإسرائيلية قبل يومين من اكتشافهم أن مستوطنين حاولوا خطف شاب صغير من أمه، كانتقام على مقتل ثلاثة طلاب يهود في الضفة الغربية.
وقالوا إن الشرطة لم تستجب لذلك، وانفجر الغضب بعد اكتشاف جسد أبو خضير المحترق. وقد دمر أثناء هذه الاشتباكات محطة للسكة الحديدية الخفيفة في القدس - التي قصد منها أن تكون رمزاً لوحدة المدينة التي تدعي الحكومة الإسرائيلية أنها: "العاصمة الأبدية الموحدة" لها.
يقول حسام عابد، وهو أحد النشطاء الفلسطينيين الذين يعيشون في شعفاط: "أغلبية هؤلاء الشباب من الذين ليس لديهم عمل جيد، وهم يعملون إما كعمال نظافة أو ندلاء في الجانب الإسرائيلي من المدينة. وعندما خطف مستوطنون أبو خضير وقتلوه، كان ذلك مثل البالون الذي انفجر".
احتجزت الشرطة أكثر من 600 فلسطيني منذ عملية القتل، أكثر من 50 منهم في تم احتجازهم في الليل.
يعتقد الفلسطينيون أن حملة اعتقال المحتجين ربما تكون إجراء استباقياً لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى. أخبر بينيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الصحافيين الأسبوع الماضي أن إسرائيل تحترم وستبقى تحترم الوضع القائم في جبل الهيكل، التي يقع تحت رعاية الملك الأردني للمواقع المقدسة".
الزعيم الإسرائيلي لم يقدم تصريحاً مماثلاً بالعبرية، وبعض من السياسيين الحاكمين في ائتلافه اليميني يطالبون بأن يسمح لليهود بالصلاة في الموقع نفسه، كما يحدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل، وهو الذي يمكن أن يصبح نقطة اشتعال للاضطرابات. وقد اقترح موشي فيجلين، العضو المتطرف في حزب نتنياهو الليكود، في هذا الأسبوع بأن يوضع في الموقع منطقة حاجزة عرضها 100 متر بين اليهود والمسلمين.
يقول المقدسيون القلقون من ذلك، إن مثل هذا الاقتراح سيؤدي إلى وضع: "مشابه لما حدث في الخليل"، وستكون له عواقب غير محسوبة.
يقول دانييل شيدمان، وهو محام متخصص في العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية في القدس: "القدس هادئة أكثر مما يسمع عنها، ولكن المسألة هي مرور أسابيع أو أشهر فقط قبل أن يحدث عمل غير روتيني من العنف حول جبل الهيكل. وهذا هو المرجح حدوثه، عند النظر إلى مسار الأحداث الراهنة".
( فايننشال تايمز 2014-08-21 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews