خيارات مصر الاقتصادية تتجه إلى روسيا
بعد التردد والضغط الأميركي على مصر، نحا الرئيس عبدالفتاح السيسي منحى الرئيس جمال عبدالناصر عندما أمم قناة السويس عام 1956 بعدما رفض البنك الدولي تمويل مصر لبناء السد العالي، حين لجأ إلى الاتحاد السوفيتي للمشاركة في بناء السد العالي.
لكن السيسي لم يقلد عبدالناصر في طموحاته الخارجية، بل صب جل اهتمامه في إعادة تنشيط الاقتصاد المصري المنهار منذ ثورة يناير 2011.
وبدأ السيسي بخطوة جريئة للاستفادة من موقع قناة السويس بإطلاق مشروع لقناة موازية جديدة بكلفة 4 مليار دولار لتعزيز القدرة التنافسية للقناة وتحويلها إلى مركز لوجستي عالمي يرافقه إنشاء تجمعات زراعية وصناعية كبرى، يمكن أن تقود إلى قفزة اقتصادية كبرى، ويمكن أن توفر مليون فرصة عمل وتوسع من دائرة الملكية للمصريين من خلال المساهمة في ملكية المشروع.
وتسعى مصر من خلال ذلك إلى التخلص من عجز هائل في الميزانية وإنعاش اقتصاد تضرر بانخفاض الاستثمار الأجنبي وتراجع السياحة، لوضع البلاد على طريق التعافي.
وقد أثمرت الخطوة عن زيادة تفاؤل المستثمرين، التي انعكست على مؤشر الأسهم القيادية في مصر.
هناك اليوم ترحيب عالمي بالإصلاحات الاقتصادية الجريئة وخاصة رفع أسعار الطاقة، لخفض فاتورة الدعم الحكومي الباهظة التي تشكل نحو ربع الإنفاق الحكومي.
وقد استبدلت ذلك الدعم الشامل بالدعم المقنن عن طريق تخصيص الحكومة بطاقات ذكية يحصلون من خلالها على سلع مدعمة بجودة أعلى وبأسعار زهيدة ومن بينها الخبز الذي يعد من عناصر الوجبات الرئيسة على المائدة المصرية.
تقنين الدعم يوفر للدولة مليارات الدولارات في بلد شحيح الموارد يبلغ عدد سكانه أكثر من 86 مليون نسمة، وهو يأتي ضمن سياسات شاملة في البرنامج الحكومي تشمل إجراءات لبسط الأمن وإعادة هيبة الدولة وإنعاش الاقتصاد.
كما فرضت الحكومة ضرائب جديدة على الأفراد والأرباح الرأسمالية وذوي الدخول العالية، وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة الفقر في مصر تبلغ 26 بالمئة، أي نحو 24 مليون مواطن، بينما الدعم موجه لعدد أكبر من هذه النسبة ويصل لنحو 12 مليون أسرة أي ما يقدر بنحو 63 مليون مواطن يحق لهم الصرف عبر البطاقات الذكية حصص تموينية ويبلغ السعر الحقيقي للسلع المدعمة التي تحصل عليها هذه الفئة خمسة أضعاف السعر المدعم.
هذا التوجه جعل الصين تعقد جلسة حوار استراتيجي تهتم بالخطط المستقبلية الاستثمارية في مصر وخاصة في مجال توليد الطاقة وتطوير قطاع النقل والمساهمة في البنية التحتية والعمل على رفع مستوى التعاون والتوجه نحو التواصل بما يحقق الازدهار والتي تتجاوز فيه العلاقات الحدود الثابتة.
وقد لقي السيسي استقبالا رسميا غير مسبوق في روسيا التي أكدت ارتياحها لمضاعفة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين في وقت يفرض الغرب عقوبات اقتصادية على موسكو بسبب أزمة أوكرانيا.
وبحث الجانبان التعاون في المجالات النووية والفضاء والتعاون العسكري ومزيد من التعاون في مجال الطاقة والغاز والنفط وصناعة السيارات والاتصالات الإنسانية والسياحة وإنشاء منطقة تجارة حرة روسية مصرية التي هي أهم عناصر مشروع قناة السويس الجديدة، خصوصا وأن روسيا تتزعم الاتحاد الجمركي الذي يضم كازاخستان وبيلاروسيا وهي تدشن لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.
وتعد الحبوب التي تستوردها مصر من روسيا نحو 40 في المائة من إجمالي استهلاكها تمثل نحو 30 بالمئة من جملة ما تصدره روسيا، وفي نفس الوقت تعوض روسيا الحظر الذي فرضته على استيراد المواد الغذائية من دول الإتحاد الأوروبي مقابل العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو بأن تستورد من مصر بنسبة 30 في المائة من المواد الغذائية.
يتطلع بوتين لحليف وشريك مركزي قوي بمنطقة الشرق الأوسط وليس مجرد علاقات تعاون أو استثمار، ومثل تلك العلاقة تقود إلى إعادة رسم ملامح علاقتهما الدولية مع مختلف القوى العالمية بما فيها الولايات المتحدة.
(المصدر: العرب 2014-08-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews