ماذا بعد فتح السوق السعودية أمام الاستثمار الأجنبي؟
قرر مجلس الوزراء السعودي قبل أيام السماح للمؤسسات الأجنبية بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودية اعتباراً من النصف الأول من 2015، وهذا القرار المهم الذي يعتبره المحللون من أهم الإصلاحات الاقتصادية التي ينتظرها المستثمرون، كان له رد فعل إيجابي كبير في السوق السعودية عند الإعلان عن الخبر الثلثاء، فتخطى المؤشر في ذلك اليوم حاجز 10 آلاف نقطة، وهو أعلى إغلاق للمؤشر خلال ست سنوات.
والسوق السعودية آخر سوق خليجية تسمح للمؤسسات المالية الأجنبية بالاستثمار المباشر في الأسهم، وتتفاوت درجة الانفتاح على الاستثمار الأجنبي من سوق خليجية إلى أخرى، فهنالك انفتاح كامل خال من أي قيود وانفتاح محدود من ضمن شروط ونسب معينة. وعدم السماح للأجانب بالاستثمار المباشر في السوق السعودية حرمها من الانضمام إلى المؤشرات الدولية. ويُتوقّع انضمام السوق إلى مؤشر الأسواق الناشئة في النصف الثاني من العام المقبل بعد رفع القيود عن دخول الاستثمار الأجنبي، وكانت سبقت السوق أسواق خليجية أخرى بالانضمام إلى هذه المؤشرات.
وثمة توقعات بدخول مؤسسات مالية السوق السعودية لديها خبرات عالمية من العمل في الأسواق العالمية لتساهم في انتقال الخبرات الاستثمارية والفنية المختلفة إلى السوق، إضافة إلى مساهمتها في تعزيز الاستثمار المؤسسي في السوق حيث يسيطر الاستثمار الفردي على نحو 92 في المئة من إجمالي التداولات، إضافة إلى مساهمته في تنفيذ قواعد الحوكمة والشفافية، ودعم عمليات رفع رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة، وتنويع الأدوات الاستثمارية لاستيعاب السيولة الكبيرة التي ستتدفق على السوق. ويعزز الاستثمار الأجنبي الثقة في الاقتصاد ويساعده على وجود لاعبين جدد ونظم مؤسسية أفضل.
وجاء توقيت السماح للأجانب بالاستثمار المباشر في السوق السعودية، وفق رأي بعض المراقبين، بعد تقويم التجربة في الأسواق الخليجية الأخرى والتأكد من جدواها، علماً إن السوق السعودية اكبر سوق خليجية وعربية، سواء لجهة القيمة السوقية أو حجم التداول أو عدد المستثمرين. ويساهم فتح السوق في ان تصبح وجهة أكثر انتشاراً للمستثمرين الدوليين.
وتبلغ القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في السوق نحو 531 بليون دولار وبالتالي لم يكن منطقياً ان تظل السوق السعودية محلية في دولة تملك اكبر اقتصاد على مستوى المنطقة. ولا يُسمح حالياً للأجانب بشراء الأسهم السعودية إلا من خلال صفقات مقايضة تجريها مصارف استثمار دولية أو من خلال عدد محدود من صناديق المؤشرات.
وكانت الحكومة السعودية سمحت للأجانب المقيمين على أرضها بتملك 20 في المئة من رؤوس أموال الشركات المدرجة، لكن توقيت هذا القرار تزامن مع الانهيار الذي تعرضت له السوق، علماً إن الاستثمار الأجنبي المؤسسي يفضل عادة الاستثمار في الأسواق المالـــية التي تتميز بالعمق والكفاءة، وارتفاع السيولة، وتنوع الأدوات الاستثمارية المتوافرة، والالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بالإفصاح والشفافية، وإعداد البيانات المالية ومدى استفادة المطلعين من المعلومات الداخلية، إضافة إلى توافر القوانين والأنـــظمة والمعـــايير التي تضفي العدالة والنزاهة على التعاملات والتداولات في هــذه الأسـواق وتحمي المستثمرين فيها.
ولا بد من ان السعودية تمهلت قبل إصدار القرار بسبب أخطار الاستثمار الأجنبي إذ ان أمواله ساخنة تخرج وتدخل بسرعة وبمبالغ مالية كبيرة وفي أوقات غير متوقعة قد تساهم في ارتفاع قيمة الأصول بصورة غير مبررة، ما ينتج ضغوطاً تضخمية من خلال زيادة الطلب الكلي الذي قد يؤدي إلى أزمات تؤثر سلباً في الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
كذلك لا بد من ان الاستثمار الأجنبي المؤسسي يرى في السوق السعودية فرصاً استثمارية مهمة في العديد من القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمها شركات البتروكيماويات وشركات الصناعات المختلفة، في ظل اقتصاد قوي وضخم ومتنوع ويحقق نمواً متميزاً باعتباره اكبر مصدر للنفط في العالم مع انخفاض كلفة الطاقة، ويتمتع بإنفاق حكومي كبير والفوائض المالية الضخمة والنمو السكاني الكبير بغالبية من المواطنين السعوديين الذين يشكلون قاعدة طلب جذابة للشركات العاملة في السعودية، ما يعزز جاذبية أسهم الشركات المدرجة في السوق والمساهمة في التقويمات الرخيصة لكثير من هذه الأسهم. ويُتوقع ان تنشر هيئة الأوراق المالية السعودية الشهر المقبل قواعد المشاركة من قبل المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة مع توقعات السماح لتدفق الأموال في شكل تدريجي للحفاظ على استقرار السوق.
(المصدر: الحياة 2014-07-26)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews