الدبلوماسية الأمريكية تجاهد لتفادي الغرق في بحار الصين
اجتمع مسؤولون أمريكيون وصينيون كبار في جنوب ولاية فيرجينيا، في حزيران (يونيو) عام 2012، لمناقشة الوضع المتجمد الخطر طوال شهرين، في بحر الصين الجنوبي.
تجمّع العشرات من القوارب الحكومية وسفن الصيد من كل من الصين والفلبين في منطقة الحيد البحري المسمى لاجون سكاربورو شول، الذي يبعد مسافة 120 ميلاً بحرياً عن ساحل الفلبين، وهي المنطقة المتنازع عليها بين البلدين. على إثر ذلك بدا أن المواجهة أصبحت إمكانية حقيقية.
وفي وقت بدأ فيه موسم الأعاصير في الاقتراب بسرعة من المنطقة، حاولت الولايات التوسط لإيجاد حل بين البلدين. اعتقدت الولايات المتحدة في نهاية اجتماع عقد بين كيرت كامبل، كبير الدبلوماسيين الأمريكيين في الشؤون الآسيوية، وفو ينج، نائبة وزير خارجية الصين أنها قد حصلت على اتفاق لكل من البلدين للانسحاب من المنطقة. وفي الأسبوع التالي، غادرت السفن الفلبينية منطقة شول عائدة إلى بلادها.
على أن السفن الصينية ظلّت في نفس المكان، ومرت سنتان، وما زال هناك شعور بأصداء ذلك.
يتحدثون في بكين عن "نموذج سكاربورو" وهو النمط الذي تتبعه الصين ببطء لإحكام سيطرتها على الباسيفيكي الغربي، وذلك بقضم قطعة أرض في كل مرة، وهو نوع من مراجعة الحقائق التاريخية على مراحل ثابتة وصغيرة، الأمر الذي يجبر الولايات المتحدة على الخروج من المنطقة، دون إيجاد أي سبب للمواجهة.
في واشنطن تتنتشر المرارة حول ما يراه المسؤولون الأمريكيون تمريناً تجريه الصين بسوء نية، ويدور نقاش حاد داخل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول كيفية الرد على ما يوصف بأنه استراتيجية التقطيع البطيء، أو تكتيكات التهديدات والتحالفات التي تتبعها الصين.
توصلت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة إلى استنتاجين شاملين حول نهجها بخصوص بحر الصين الجنوبي. الاستنتاج الأول هو أنه ليس لجهودها في الردع سوى آثار محدودة.
وعلى الرغم من الاهتمام الذي أبدته الولايات المتحدة للمنطقة، واللغة الصاخبة التي استخدمتها منذ عام 2010، إلا أن الصين استمرت ببطء في تغيير الأمر الواقع بطرق تثير أعصاب جيرانها والولايات المتحدة.
الاستنتاج الثاني هو أن استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة كانت تسأل، إلى حد ما، السؤال الخطأ.
ركزت أفضل العقول في البنتاجون لسنين عديدة على كيف تكسب الولايات المتحدة حرباً طويلة مع الصين، واستنتجت وتوصلت إلى أن مفهوم - المعركة الجوية البحرية - الذي يضمن وصول الطائرات والسفن الأمريكية إلى مناطق النزاع، أثناء أي صراع ينشب في المنطقة.
الحقيقة التي تواجهها الولايات المتحدة هي أنها تواجه تحدياً عسكرياً مختلفاً جدا عن ذلك، وهي إثبات الذات الزاحف لسيطرة الصين على المنطقة، الذي يشمل أحياناً مدنيين أكثر من شموله سفناً حربية – وهو نوع من المنطقة الرمادية التي لا تضمن في العادة أي رد أمريكي.
يقول قائد أمريكي سابق كبير في المنطقة "علينا ألا نفكر كثيراً في فرضية الحرب الشاملة، ولكن علينا أن نفكر أكثر في الوضع الحقيقي الذي نواجهه على أساس يومي. لن يكون فوق مداركنا استنباط استراتيجية نتفوق فيها على مناورات الصين".
تدور الخيارات التي يجري التفكير فيها حول تجميع مزيد من المعلومات عن الإجراءات الصينية - من طائرات التجسس إلى الرادارات - وزيادة العمليات الجوية والبحرية، لتحدي جهود الصين الرامية للسيطرة على مناطق جديدة.
المعضلة بالنسبة للولايات المتحدة هي البحث عن طرق ترفع من التكلفة أمام الصين، دون إشعال مواجهة حول أراض يعتبرها أغلب الأمريكيين مجموعة من الصخور عديمة القيمة. المقاربة الأمريكية تؤدي إلى استجابات مختلفة.
يقول مايكل أوسلين، المختص في مؤسسة أمريكان إنتربرايز، مركز الأبحاث المحافظ "كلما زاد عملنا كان أفضل، ولكن كل ذلك يدل حتى الآن على أن ما نفعله هو كثير من أنصاف الحلول".
ويعلق أحد المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة على ذلك بقوله "ربما يصح التعامل مع الصين بجدية أكبر، ولكن هل هؤلاء هم الرجال الذين تريد أن تكون صارماً معهم؟"
هناك آخرون يريدون تركيزاً أقل على أسلوب الردع وأكثر على الانخراط التجاري مع جنوب شرق آسيا، وبذلك ستشعر هذه الدول أن لديها خيارات اقتصادية أبعد عن الصين.
لعبت منطقة سكاربورو شول دوراً أكبر في جزء آخر من الطريقة الجديدة التي اتبعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة، فقد نقل ألبرت ديل ووزاريو إلى صحيفة فاينانشيال تايمز أن جلب الصين إلى محكمة دولية، سيكون من "العوامل المساعدة" لقرار مانيلا حول مطالبها في بحر الصين الجنوبي.
وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك مشاعر استياء من الطريقة التي تكشفت فيها أحداث منطقة شول سكاربورو، إلا أن واشنطن لم تُظهر تصميماً على إعادة فتح القضية، والدفع بها نحو انسحاب صيني من المنطقة. نفت فو في الشهر الماضي في خطاب لها أمام مؤتمر في سنغافورة وجود أي اتفاق بينها وبين الدبلوماسيين الأمريكيين في عام 2012، حيث قالت "لا أعرف أي اتفاق تشيرون إليه، ولكن كل ما تفعله الصين هو مراقبة الجزر عن قرب، تحسباً لعودة الفلبين لأفعالها مرة أخرى".
يروي المسؤولون الأمريكيون قصة مختلفة يصرون فيها على أنه كان يوجد تفاهم واضح في اجتماع عام 2012، وهو أن الصينيين سيأخذون بفكرة الانسحاب المتبادل من منطقة سكاربورو شول، وينقلونها إلى القادة الكبار في بكين.
إن من غير الواضح ما إذا حاولت فو بيع الاتفاق في بكين أو ما إذا تمت السيطرة على وزارة الخارجية، من قِبل عناصر أكثر صقورية في النظام الصيني، مثل الجيش.
يقول أحد المشاركين في المحادثات "عندما تفكر بهذا، لن تجد أي نتائج جذابة جداً منها".
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews