«أمازون» تأمل النجاح فيما فشلت فيه «جوجل» و«مايكروسوفت»

العالم لا يصرخ مطالباً بهاتف ذكي جديد. لذلك احتار بعضهم من تقديم "فاير"، أول جهاز هاتف من أمازون، الأسبوع الماضي. إن قيام أمازون بشق طريقها في سوق الأجهزة الخليوية الأمريكية، حيث تسيطر أبل على 41 في المائة من السوق وسامسونج ليست بعيدة عنها، أمر صعب في أفضل الظروف. وتأمل أمازون في النجاح في المجال الذي فشلت فيه جوجل ومايكروسوف حتى الآن - مع منتج يشبه آيفون كثيراً، ويملك القليل من التطبيقات، وبسعر تجزئة مرتفع جداً يبلغ على الأقل 199 دولارا (بدون العقد الشهري). وسيتم إطلاق الجهاز في 25 تموز (يوليو) المقبل.

من الصعب أن نعرف بالضبط ما تفكر فيه أمازون، لكننا نعرف بشكل عام ما تريده الشركات التي تملك كميات ضخمة من البيانات: إخراج تلك البيانات من أجهزتك الإلكترونية وكسب الأموال من ورائها.

وأمازون فخورة بكاميرة الجهاز عالية الدقة، وتقدم مساحة تخزين غير محدودة في خدمة السحابة من أجل الصور – التي هي نفسها مصدر بيانات قد تستفيد منه أمازون بقدر استفادة المستخدم. وتوجد في جهاز الهاتف أربع كاميرات على شاشته الأمامية المصنوعة من زجاج قوي وواحدة خلفها، ما يتيح المجال تقريباً لواجهة تشبه الجيروسكوب لتحديد الأماكن. ويمكن أن يلعب المستخدم الكثير من ألعاب الفيديو "الغامرة" من خلال هزات الرأس. كما أن الكثير من النقر والضرب بكلتا اليدين، الذي يقوم به مستخدمو الجهاز للتصفح، يمكن القيام به بيد واحدة بمجرد إمالة الجهاز.

ويختلف مستخدمو مدونات التكنولوجيا حول ما إذا كان هذا مفيداً فعلاً. عديدون يرون بعض الميزات الجديدة على أنها عتيقة الطراز. ووفقاً لمجلة "إنجادجيت"، تستخدم أمازون إصداراً قديماً من نظام التشغيل أندرويد الخاص بجوجل الذي لا يعمل مع خاصية بلوتوث LE، التي تساعد على مزامنة الهاتف مع الأجهزة التي يمكن ارتداؤها، مثل الساعات الذكية وأساور متابعة الصحة. كذلك جيزمودو، وهو موقع مدونة آخر للأدوات، يجد أن البرامج يعتورها القصور مقارنة ببرامج أبل. ويشتكي آخرون من أن الخرائط ليست ممتعة جداً وأن الهاتف لا يصلح لأداء مهام متعددة. لكن هناك شيئا واحدا يعمل مثل السحر ويُبهر كافة النقاد: فايرفلاي، "محرك التعريف" الجديد من أمازون، الأشبه بكونه أداة بحث سمعية بصرية. ويكتب نقاد مدونة جيزمودو: "ليس فعالا فحسب، بل جميل نوعاً ما".

ويحقق فايرفلاي أيضاً رؤية كانت أمازون قد دفعت ثمنها غالياً من التغطية الإعلامية السيئة على مر السنين. واحدة من خطواتها الأكثر إثارة للجدل كانت منح الزبائن القدرة على مقارنة أسعار المواد من محال مختلفة بسرعة من خلال تطبيق برايس تشيك. وفي عام 2011، قدمت أمازون حسومات للزبائن الذين يستخدمون التطبيق لمسح رمز المنتج (الباركود) في المتاجر الرئيسية.

واعتبر أخلاقيو الإنترنت أن هذا ليس من العدل. وكانت الشركة تستخدم مساحات التجزئة التي دفعت ثمنها الشركات الأخرى حتى تبيع منتجاتها. وكانت تستخدم الزبائن وكلاء لجمع المعلومات عن ممارسات التسعير التي تقوم بها الشركات المنافسة.

لكن مع مرور الوقت، يبدو أن الأشخاص تخلوا عن ابتكارات الإنترنت التي اعتبروا أنها مشكوك فيها أخلاقياً في البداية. برنامج بيكون من فيسبوك، الذي نشر عمليات الشراء التي تتم على مواقع الشركاء على مشاركات المستخدمين، أثار الغضب وحتى دعاوى قضائية عند إطلاقه في عام 2007. وتم إلغاؤه بعد ذلك بسنتين. اليوم الشركة لديها طرق لتحويل البيانات إلى نقود تعتبر مزعجة بالقدر نفسه إن لم تكن متطفلة للغاية. أمازون تقوم بشيء من هذا القبيل. فايرفلاي هو تطبيق برايس تشيك لكن على ركائز متينة. فهو لا يسمح للزبائن بالتقاط رموز المنتجات فقط، لكن أيضا الطرود، والمنتجات، والكتب. ومثل تطبيق شازام، بإمكانه تحديد مقتطفات من مقاطع موسيقية أو مشاهد من الأفلام. وستمنحك أمازون الكثير من المعلومات عن المنتجات التي تقوم بمسحها - منها كيف تقوم بشرائها من موقع أمازون. هذا يعطي الشركة ميزة على الشركات المنافسة التي لديها محال فعلية على الأرض، وهو أمر سيعتبره بعضهم علامة على غياب الروح الرياضية، بالطريقة نفسها التي يستخدم فيها تجار الكتب هؤلاء قارئات رموز المنتجات لربطها بأسواق عبر الإنترنت، وهو أمر يبدو أنه لا يتمتع بروح رياضية بالنسبة للأشخاص الذين يفتشون داخل المكتبات. ولأن أجهزة فاير يمكن اكتشاف وجودها على الشبكات اللاسلكية، قد تتساءل ما إذا كان من المسموح (أو المستحسن) لأصحاب المحال حظر استخدام هذه الهواتف حين يكون الشخص موجوداً داخل أماكن بيع التجزئة، على نحو يشبه الطريقة التي تقوم فيها الملاعب الرياضية بتفتيش روادها بحثاً عن الخمور.

برنامج مقارنة الأسعار بين المواقع المختلفة يعتبر مفيداً، لكنه غير عادل. وما يكون لعبة جديدة ممتعة لأحد الرجال ربما يبدو أداة استغلال خانقة للمتعة بالنسبة لآخر. بإمكان أمازون توفير الكتب وغيرها بأسعار منخفضة لأنها تنفق أقل على توفير المنتجات نفسها التي توفرها المتاجر. لكن بعض السبب في كونها تستطيع الإنفاق بشكل أقل هو أن التكنولوجيا سمحت لها بقرصنة عروض ومنتجات التجزئة التي قامت الشركات الأخرى بدفع ثمنها لتزويدها لزبائنها. وهذه الميزة تتفاقم بسبب المعاملة المفضّلة بشكل عام من الحكومة الأمريكية للشركات ذات التكنولوجيا العالية على المتاجر العادية، التي قامت منذ فترة طويلة بتحرير أمازون من ضريبة المبيعات في عدد من الولايات. وتستفيد شركة أمازون ليس فقط من التكنولوجيا الحديثة، لكن أيضاً من الأفكار الجديدة عن حقوق المُلكية. وجهاز فاير نتيجة منطقية لذلك، فهو يتعلق بربط زبائن أمازون مع البضائع عبر بطاقات الائتمان أكثر من ربطهم مع أشخاص آخرين عبر المحادثات.

( فايننشال تايمز 24/6/2014 )