الصناديق السيادية الخليجية
تعتبر قيمة الصناديق السيادية الخليجية ضخمة بالمقاييس العالمية حيث تبلغ قرابة 2.3 تريليون دولار أو 2300 مليار دولار وذلك حسب أحدث إحصاءات معهد الثروات السيادية والذي يعد مرجعا في هذا الصدد. يشكل هذا الرقم 36 في المائة من مجموع الثروات السيادية على مستوى العالم وقدره 6357 مليار دولار كما جاء في تقرير شهر يونيه الجاري للمعهد ما يعد أمرا غير عادي.
وحدها الإمارات تمتلك ثروات سيادية بنحو 1014 مليار دولار ما يعني تخطي حاجز التريليون دولار للمرة الأولى. يشكل هذا الرقم 16 في المائة من الثروة السيادية العالمية. يشمل المبلغ ثروة قدرها 70 مليار دولار تعود لإمارة دبي. كما يضم المبلغ الثروات التابعة للإمارات الأخرى فضلا عن صناديق تعمل في مجال الطاقة مثل شركة مبادلة تعود ملكيتها لإمارة أبو ظبي والتي تستحوذ على نصيب الأسد من ثروات الإمارات بشكل أو آخر.
وخيرا فعلت إمارة أبو ظبي بتقديم يد العون لإمارة دبي لمساعدتها في التخلص من بعض المشاكل المالية التي تعرضت لها ما بين 2008 و 2009 على خلفية قرار بتأجيل دفع بعض الالتزامات المالية الأمر الذي تسبب في حالة من الهلع في أوساط المؤسسات المالية العالمية أضرت بمكانة الإمارة. فدخول أبو ظبي على الخط في التوقيت المناسب عبر تقديم مليارات الدولارات ساهم بوضع حد للظروف الخاصة وغير المألوفة في دبي. مؤكدا ساهم وقوف أبو ظبي إلى جانب دبي في استعادة الأخيرة عافيتها وتعزيز مكانتها المالية والتجارية بدليل حصولها على شرف استضافة معرض أكسبو 2020 في ظل منافسة من مدن عالمية.
ثم هناك الصناديق التابعة لبقية دول مجلس التعاون الخليجي وقيم بعضها ضخمة وتحديدا 743 مليار دولار للسعودية و 410 مليارات دولار للكويت و 170 مليار دولار لقطر و 19 مليار دولار لعمان وأخيرا 11 مليار دولار للبحرين.
وفي هذا السياق تم الإعلان قبل أيام فقط عن تحقيق شركة ممتلكات والتي تدير أصول الحكومة البحرينية أرباحا صافية قدرها 219 مليون دولار في العام 2013. وعلى الرغم من محدوديته يمثل ما حدث إنجازا مقارنة مع خسارة في حدود 480 مليون دولار في 2012. من جملة الأمور، تتحمل ممتلكات الخسائر التي تلحق بالشركات التي تندرج تحت لوائها مثل طيران الخليج والتي تعرضت لخسارة في حدود 247 مليون دولار في 2013.
مؤكدا ليس من الصعوبة بمكان معرفة بعض الأسباب الجوهرية وراء قدرة دول مجلس التعاون على تحقيق مراتب متقدمة في الترتيب العالمي في مجال الصناديق السيادية والإشارة بكل تأكيد إلى النفط والغاز. وبشكل أكثر تحديدا، يشكل القطاع النفطي برمته 59 في المائة من مصادر الثروة للصناديق السيادية.
من جملة الأمور، تساهم ظاهرة توافر ثروة سيادية كبيرة بقدرة حصول دول مجلس التعاون الخليجي في المجموع على ملاءة متميزة. وتحديدا، تتمتع أبو ظبي وبالتالي الإمارات وقطر والكويت بنفس مستويات الملاءة المالية الممنوحة من قبل وكالة موديز من جهة ومؤسسة ستندارد أند بور من جهة أخرى.
بشكل محدد، تمنح موديز درجة أي 2 للدول الثلاث ما يعني بأن الالتزامات المالية من النوعية القيمة لكن مع وجود شيء محدود من المخاطرة لأسباب تشمل عدم توافر الشفافية الكاملة. كما تحظى الدول الثلاث بثاني أفضل مستوى ائتماني من قبل مؤسسة ستندارد أن بور وتحديدا الدرجة أي أي ما يوحي بوجود قدرة كبيرة على الوفاء بالالتزامات المالية المستحقة.
كما تحظى السعودية بالدرجة الائتمانية أي 3 ما يعني وجود نسبة مخاطرة فيما يخص التزاماتها المالية أعلى مقارنة مع كل من قطر والكويت والإمارات. تعتقد السعودية وهي محقة في ذلك بأن المملكة تستحق مستوى ائتمانيا. تعتبر السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط الخام على مستوى العالم في الوقت الحاضر.
تتحمل دول مجلس التعاون الخليجي مسؤولياتها الدولية فيما يخص توظيف الأموال. ويجزم بعض العاملين في وظائف متقدمة في المؤسسات المالية بأن الصناديق الخليجية ترفد مليارات الدولارات سنويا في الاقتصاد العالمي الأمر الذي يساعد في الحد والتقليل من التذبذبات في أسواق المال الدولية فضلا عن المساهمة في تمويل التنمية في الاقتصاديات الناشئة.
وقد أذيع صيت الصناديق السيادية الخليجية عبر مد يد العون للمجتمع الدولي بغية معالجات بعض تداعيات الأزمة المالية العالمية مثل أزمة الرهن العقاري والتي كشف النقاب عنها في 2008. فقد ساهمت دول مجلس التعاون صاحبة الثروات الكبيرة في صندوق خاص من ترتيب صندوق النقد الدولي لتخصيص 250 مليار دولار لتقديم الائتمان للاقتصاديات الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة المالية.
كما تساهم الثروات السيادية الخليجية في توفير السيولة على مستوى العالم، إذ يوجد اعتقاد مفاده بأن الدول الخليجية تساهم في توفير جانب من السيولة المالية لتحريك الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة.
الثروات السيادية الخليجية تسيل اللعاب نظرا لقدرتها على حل بعض التحديات المالية الصعبة. وفي هذا الصدد، لا توجد غرابة لسعي العديد من دول العالم لاستقطاب جانب من الثروات السيادية الخليجية عبر كسب ود الجانب الخليجي. وكنت قد سمعت خلال زيارة لمعهد فكري متخصص في العاصمة البريطانية بأن دولا خليجية قدمت تمويلا لبعض المشاريع التي تم تشييدها في إطار أولمبياد لندن في 2012. طبعا، تتحاشى كل طرف الإعلان عن الأمر لأسباب يمكن تفهمها.
وفي هذا الإطار، أفصح لي صحفي يعمل في دبي بأن كبار المسؤولين البريطانيين يصرون على زيارة بعض الدول الخليجية والتي تمتلك ثروات سيادية ضخمة متى ما سنحت الفرصة عبر حجج مختلفة. مما لا شك فيه، لا يمكن توجيه اللوم لبريطانيا أو دول أخرى تسعى لتعزيز ظروفها الاقتصادية.
( بوابة الشروق 9/6/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews