المصريون يعلقون آمالا على السيسي لاستعادة الأمن وإنعاش الاقتصاد
كان محمد كمال قد أنزل لتوه راكباً في منطقة شبرا الخيمة في القاهرة، عندما أوقفه ثلاثة رجال مسلحين في الفترة الأخيرة وطلبوا منه تسليم عربة التوك توك (دراجة ثلاثية العجلات) التي يستخدمها سيارة أجرة في المناطق الفقيرة من المدينة.
كذلك طلبت العصابة من كمال مبلغ 300 دولار - وهو مبلغ يزيد على دخله الشهري من هذه العربة – إذا أراد استعادتها مرة أخرى. هذا الحادث الذي لم يعد خارجاً عن المألوف في المناطق الصناعية المنتشرة في أماكن أخرى، غيّر من نظرته إلى ضرورة وجود رجل قوي ليكون رئيساً للبلد ويحفظ الأمن فيه.
قال كمال الذي كان يعمل نجاراً في مصنع للأثاث قبل أن يفقد عمله عندما تباطأ الاقتصاد في أعقاب ثورة عام 2011: "يحتاج بلدنا إلى رجل عسكري. لا فائدة من مدني. لم تكن في بلادنا ثورة، لم يكن ذلك سوى نكسة. لم يستفد من ذلك سوى اللصوص والمجرمين".
ويعتزم كمال، مثل غيره من الناس الذين يعملون لحسابهم وأصحاب الأعمال الصغيرة في هذه المنطقة التي تقطنها غالبية من الطبقة العاملة، التصويت لعبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، في الانتخابات الرئاسية هذا الشهر.
ومن المتوقع أن يُحرز السيسي نصراً سهلاً في هذه الانتخابات، وهو الذي قاد العام الماضي تحركاً أطاح بالرئيس محمد مرسي. ويقول مؤيدوه: إنه هو فقط من يستطيع استعادة الأمن ويوقف التراجع الاقتصادي. أما منافسه الوحيد في هذه الانتخابات، فهو حمدين صباحي، السياسي الذي ينتمي إلى جناح الوسط، والصحافي الذي لا يملك خبرة في العمل الحكومي.
قال أحمد الزيات، وهو مالك لمحل يبيع القرطاسية في شبرا الخيمة: "لا يوجد سوى السيسي ليكون رجل دولة، وهو يختلف عن حمدين الذي لا يُعرف له عمل سابق، إنه الرجل الذي تنظر إليه جميع مؤسسات الدولة ليكون رئيساً، وهم الذين سيدعمونه وسيعملون معه، وأي واحد غيره، سيكرر حكاية مرسي الذي كان رئيساً دون أن يؤيده أحد في الدولة".
وحصل السيسي بالفعل على دعم الشركات الكبيرة ومؤسسات الدولة، كما فوضته قيادة الجيش ليترشح للرئاسة، وقد أعلن عن محاولته تحقيق ذلك وهو مرتدياً زيه العسكري.
وتستخدم حملة السيسي للرئاسة، عبارات بلاغية طابعها الولاء للبلاد، وهي مصممة لاجتذاب مكونات واسعة من المصريين الباحثين عن الاستقرار بعد ثلاث سنوات من الفوضى والتراجع الاقتصادي. وأوضح قائد الجيش المصري السابق، في مقابلات أجريت معه في الفترة الأخيرة، أن الديمقراطية لم تكن من أولوياته. وبرر ذلك بقوله: إن الإصلاح السريع في هذا الاتجاه يمكن أن يدمر الدولة المصرية ويجلب عليها الفوضى.
ويرى فيه النقاد دكتاتوراً قيد الإنشاء، لكن مؤيديه يرون فيه المنقذ الذي أطاح بمرسي ومجموعته من الإخوان المسلمين الذين هم الآن هدف لقمع شديد، بعد أن تم وصمهم بالإرهابيين الذين حاولوا خطف الدولة المصرية.
وما زالت خطط السيسي غامضة، لكنه حدد في مقابلات أجريت معه في الفترة الأخيرة رؤية الدولة في بناء مشاريع عملاقة لاستصلاح الأراضي الصحراوية وإنشاءات هائلة في البنية التحتية بهدف إحداث تحولات في اقتصاد مصر، وهو البلد الذي ما زال حتى الآن يعيش على المعونات من جيرانه الخليجيين.
وفي أحد مقاهي شبرا الخيمة، قال محمد جلال، وهو من المالكين لشركة سياحية تعاني الآن بسبب انخفاض أعداد الزوار إلى مصر، إن السيسي عرض "زعامة" كان القصد منها أن يتبع المسؤولون هذه القيادة. وأضاف: "لن يحدث هذا مع أي زعيم آخر، وكذلك اقتصادياً نحن لا نملك خياراً آخر".
أما عبد الستار غنيم، الذي كان يقف خارج محله الذي وضع فيه قليلاً من اللوازم الكهربائية، فقد أشار وهو ينظر عبر شارع مقفر إلى معملين للنسيج، وقال: "كانا معملين للحياكة والصباغة، لكن أغلقا أبوابهما في الأشهر الأخيرة".
وتابع: "في السابق كان يمكنك السير بصعوبة في هذا الشارع، بسبب الزحام الذي كان يحدثه العمال والسيارات المارة"، مضيفا أنه غيَّر عمله إلى بيع اللوازم الكهربائية، بعد أن أُجبر على إغلاق معمل نسيج صغير كان يملكه، وتسريح ستة من العاملين فيه.
ويرى غنيم، ومثله صديقه أحمد درويش الذي يوظف 20 شخصاً من العاملين في معمل حياكة يصارع لأجل البقاء، عدم وجود بديل للسيسي رئيساً للبلاد. وكلاهما صوتا قبل عامين لمرسي، لكنهما قالا: ظنهما خاب في السنة التي تولى فيها الزعامة.
وقال درويش: "نحن بحاجة لحكومة قوية، والآن لا يوجد أمن، ورجل عسكري سيكون ضرورياً للقيام بهذا العمل. يقول بعض الناس، إنه لا يفهم في السياسة، لكن لا يوجد رئيس يحكم بنفسه. سيكون لديه وزراء ومستشارون".
( فايننشال تايمز )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews