السيسي وفكره الاقتصادي ' تحليل '

د. عبدالرحمن طه

يعد الفكر الاقتصادي لرئيس الدولة أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التى يتطلع لها المستثمرون بشكل عام، وتزداد أهميه تحليل الفكر الاقتصادي للرئيس فى مصر خاصة فى المرحلة التى نعيشها الآن وهى التحول من الدولة الشخصية إلى دولة المؤسسات.
منذ اثنتي وعشرين شهراً لم تكن مصر جاذبة للاستثمار بالقدر الكاف، فقام الرئيس عبدالفتاح السيسي باتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية لجعل مصر محط انظار الاستثمار الاجنبى. فمثلاً نجد قناة السويس الجديدة وترعة ترابيوم، ومنظقة شرق بورسعيد وترسيم الحدود البحرية من الشمال ومن الشرق وكذلك نجد التوسع المكانى للطرق لأكثر من 3000 كيلو بالإضافه إلى زيارات إلى الصين، وكازاخستان، وبعض الدول الأوروبية والعربية، بالإضافة إلى عقد المؤتمر الاقتصادي مارس 205، وكذلك تعديد مصادر التمويل الخارجية ووضع استراتيجية 2030.
أما فيما يتعلق بالبنية التحتية فالقارئ للأمور يعلم تماماً أنه كلما زادت الدولة فى توسيع البنية التحتية، فهو فى كونه استثماراً داخلياً فهى أداة للجذب تأتي فى المقام الأول عند المستثمر الاجنبى، فكانت البداية شق قناة السويس الجديدة وجعلها مشروعاً لتنمية محور قناة السويس، وبعيداً عن كونه مفيداً للاقتصاديات الدولية فهو يزيد من التواجد الاقتصادي العالمي عند المرور بسهولة لقناة السويس مما يشجع المستثمر الاجنبى للاستثمار فى محور قناة السويس، بالإضافة إلى تنمية منطقة شرق بورسعيد التى تلازم في اهميتها قناة السويس. وتتركز الاستثمارات الاجنبيه في هذه المناطق على الصناعات الثقيلة، والصناعات اللوجيستية.
هذا من جهة البنية التحتية المائية، وفيما يتعلق بالبينة التحتية البرية فإن مشروع شبكة الطرق القومية فهي تزيد من السيولة المرورية لنقل البضائع فى كافة ارجاء مصر، حتى تجعل مصر فى شكل كامل لها أفضلية استثمارية عن باق دول المنطقة، فالمستثمر الاجنبى يبحث فى المقام الاول عن تكلفة الانتاج والذى يعد النقل داخل الدولة من مكان الانتاج إلى مكان الخروج من أهم ركائز هذه التكلفة، بالاضافة إلى جعل مصر منطقة مميزة فى ذاتها لا يختلف الاستثمار فى السلوم عنها فى اسوان أو الاستثمار فى الوادى الجديد عن الاستثمار فى البحر الاحمر. لذلك جاء التقسيم الادارى للمحافظات لجعل المحافظات المصرية بنسبة كبيرة منها لها ظهير صحراوي وظهير مائي، اتفاقاً مع مشروع شبكة النقل القومية.
أما فيما يتعلق بالبنية التحتية الجوية فصاحب ما سبق انشاء العديد من المطارات الجوية لتتوفر لمصر خلال 22 شهرا شبكة طرق متكاملة مائياً وبرياً وجوياً، هذا الأمر قد يكون بديهياً عندما يقوم به رئيس الدولة بشكل عام لكن حجم الانجاز وقصر مدته المصحوبة بارادة التفيذ والملازمة بالظروف الصعبة امنياً وداخلياً وخارجياً جعلت من هذا الأمر فكراً اقتصادياً متميزاً يستحق الاشادة به لأنه يلفت الأنظار إلى مصر بصورة كبيرة، لذلك ترى أن السعودية التى تريد أن تتحول من الاقتصاد البترولي إلى الاقتصاد غير البترولي تأتى إلى مصر لتعتمد عليها فى هذا الشأن، بالإضافه إلى الزيارات الاقتصادية من ألمانيا وفرنسا والامارات.
فتخيل معى أن الأمر لم يكن ليتم بهذه الصوره وأن ما تم انجازه فى 22 شهرا كان سيتم فى 3 لـ 7 سنوات فالدول السابق ذكرها كانت ستأتى إليك فى أقل تقدير فى عام 2020 أى أن هذا الانجاز اختصر لك خمسة سنوات لم تكن لمصر أن تحتملها على الأقل.
يمكن لنا أن نحلل الفكر الاقتصادى للرئيس عبدالفتاح السيسى على مستوى الشباب، فبعد أن أمن لهم الاستثمارات الاجنبية التى تزيد من معدلات التشغيل وترفع مستوى الدخول قام بتدعيم ماسبق بأمرين مهمين أولهما توفير الإسكان الشعبى، وثانيهما ضخ 200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ليستعين بالشباب بدعوة صريحة منه للقضاء على الفساد عن طريق المحليات.
من هنا ندرك أن الفكر الاقتصادى للرئيس قائم على الشباب فى الحاضر وفى استراتيجية 2030 المستقبلية والتى قام بوضعها شباب وخبرات وزارة التخطيط، ليأتى تعيين أحد الشباب كمنصب نائب وزير التخطيط متوجاً لمجهود هؤلاء الشباب (أنه حقا عام الشباب).
يأتى التوجه الخارجي للرئيس أحد عوامل تحليل الفكر الاقتصادى. فنراه يزور كازخستان التى تأتى على رأس دول آسيا الوسطى المتحالفة فى العديد من المجموعات الاقتصادية الآسيوية والتى تعتبر نافذة للمنتج المصري خاصة وأن تلك المنطقة ستشهد ارتفاعات فى زيادة معدلات الدخول، لذلك نجد أن الجسر السعودي بين مصر والسعودية يفتح نافذة على شبه الجزيرة الهندية وكذلك خطوة على طريق التكامل المصرى العربى، كذلك قيامه بترتيب الحدود المائية وهى خطوة لم يسبق بها رئيس من قبله.
تتيح لنا الموارد الاقتصادية المائية لمصر مما يزيد من مواردها، يأتى هذا الأمر مميزاً للفكر الاقتصادى للرئيس عبدالفتاح السيسى من عدة شواهد أولها أنه لا يعتمد على حزب سياسى وبرنامج حزبى اقتصادى أو حتى طالب به البرلمان او النخبة المثقفة، بل نلاحظ الاعلان عنهم بعد الانتهاء منهم، كذلك نجد ان الفكر الاقتصادى يقاس بقدرة المسئول على ادارة موادر الدولة ذاتي، وهو مايجعل فى الرئيس السيسى فكر اقتصادى مميز.
مقالة واحدة لا يتسع لها أن ترصد الفكر الاقتصادى للرئيس بشكل كامل لكن يمكنك أن تستقرأ هذا الفكر الاقتصادى من خلال اولا خطاباته، ثانيا ما يتم تنفيذه على ارض الواقع.
لاشك أن هناك قطاعاً عريضاً مازال يعانى ولكن يمكنك النظر إلى التجربة الماليزية والبرازيلية واليابانية وغيرها من الدول المتقدمة، كم من الوقت استغرقت لبناء نفسها اقتصادياً، لتجد بنفسك أننا إن شاء الله نسير على الطريق الصحيح.
دولة المؤسسات يجب أن تتضافر فيها جميع الجهود للوصول إلى الهدف المنشود، فكون الرئيس يعمل وحده دون مساندة برلمانية أو حزبية او اعلامية تجعل من فكره الاقتصادى فكراً مميزاً