قرار أميركي يجدد سجال السجائر الإلكترونيّة
جي بي سي نيوز - استهل أيار (مايو) الجاري بقرار مدينة نيويورك منع السجائر الإلكترونيّة فيها. وفي منتصفه، ترفع نيويورك السن القانونية لشراء السجائر إلى 21 عاماً. ويختتم الشهر عينه كعادته سنويّاً، بالاحتفاء بـ «اليوم العالمي لمكافحة التدخين».
جاء القرار النيويوركي منع السجائر الإلكترونيّة ضمن إجراءات متنوّعة لمكافحة التدخين في أشكاله كافة. ومنعت المدينة المُلقّبَة بـ «التفاحة الكبيرة» تدخين السجائر الإلكترونيّة في الأماكن العامة كالمطاعم والحانات والحدائق والشواطئ، ما يعني مساواتها بسجائر التبغ التقليدية.
وبصورة عامة، تتسم تشريعات مكافحة التدخين في نيويورك بالصرامة. ويعتبر قرارها رفع السن القانونية لشراء السجائر إلى 21 عاماً، فريداً من نوعه أميركيّاً وعالميّاً. كما تمنع المدينة عينها التدخين كليّاً في الحانات والمطاعم ومكاتب العمل والمتنزهات وعلى الشواطئ. ويمنع تدخين التبغ في عدد كبير من المباني السكنية في نيويورك.
وأرفقت شيكاغو القرار النيويوركي بمنع تدخين السجائر الإلكترونيّة في الأماكن العامة، بالإشارة إلى أن تدخين التبغ ممنوع في معظم المدن الأميركية الكبرى. وفي شهر آذار (مارس) المنصرم، منعت لوس أنجليس تدخين التبغ في الأماكن العامة ومراكز العمل.
وتشهد صناعة السجائر الإلكترونيّة ازدهاراً في أميركا، إذ تضاعف سوقها 9 أضعاف بين عامي 2010 و 2012. ويصل إلى قرابة بليوني دولار سنويّاً، مقابل 80 بليون دولار للسجائر التقليدية.
وبالتزامن مع منع السجائر الإلكترونيّة في نيويورك، بيّن «مكتب الغذاء والدواء» الأميركي أنه يعتزم إطلاق حملة لمنع بيع السجائر الإلكترونية للقاصرين في الولايات الأميركية كلها.
وهم متراكم
في فيلم «السائح» (بطولة: أنجيلينا جولي وجوني ديب، إخراج فلوريان هنكل - 2010)، تفرّ جولي إلى قطار يعبر دولاً أوروبية. وتصادف رجلاً يُدخّن سجائر إلكترونيّة، بإعتبار أنها عديمة الخطر على حياته. تنعقد علاقة متشابكة بينهما، ولكنها تعيّره بأنه رجل لا يتحكّم بحياته، لأنه يستعمل أداة مفروضة عليه هي السيجارة الإلكترونيّة.
ويقدم الفيلم تلك الأداة، على غرار ما تفعل كثير من الإعلانات عنها، باعتبارها وسيلة تساعد على الإقلاع عن تدخين سجائر التبغ، ما يعني أيضاً أنها مفيدة صحياً، وأنها تشكّل بديلاً آمناً من سجائر التبغ. لا شيء أبعد عن الحقيقة من ذلك الوهم، على رغم شيوعه نسبيّاً. والمفارقة أن ذلك الوهم تراكم في الآونة الأخيرة، ربما بشكل لم يكن متوقّعاً، بل بات خطراً آخر على الصحة، وإحباطاً مضافاً تعانيه حملات مكافحة التدخين.
صوت أميركي مُحذّر
وعلت أخيراً أصوات مجموعة من العلماء المهتمين بالصحة العامة مُحذّرة من الوقوع في وهم السجائر الإلكترونيّة. ويصلح نموذجاً على هذه الصيحات، رأي الباحث الأميركي توماس إيسنبرغ، وهوأستاذ علم النفس في«جامعة كومنولث» في ولاية فيرجينيا وأحد كبار الباحثين في آثار النيكوتين والقطران على السلوك البشري.
وهناك محاضرة منشورة لإيسنبرغ على الإنترنت، تحمل عنوان: «السجائر الإلكترونيّة: جهاز خطير لإيصال المخدّرات أو علاج لإنقاذ الحياة»؟
وتُستهل تلك المحاضرة بالإشارة إلى أن السجائر الإلكترونيّة صمّمت لتقديم النيكوتين، من دون المُسرطِنات المرتبطة بالتبغ. وتوضح محاضرة إيسنبرغ أن تأثير السجائر الإلكترونيّة ما زال مجهولاً، وإن المواد الموجودة فيها لم يجر رصدها ولا تنظيمها، ما يعني أن آثارها غير مفهومة علمياً.
وتشير المحاضرة إلى أن السجائر الإلكترونيّة دخلت الأسواق العالمية في العام 2004، وهي أجهزة تدخين تعمل بالبطارية. وغالباً ما يجري تسويقها كبديل صحي لتدخين سجائر التبغ. وتعمل معظم السجائر الإلكترونيّة عِبر تسخين سائل يتألف من البروبيلين غليكول والنيكوتين، إضافة إلى بعض المنكّهات.
ويستعيد إيسنبرغ دراسة أشرف عليها «مكتب الغذاء والدواء» الأميركي في 2009، تفيد بأن مستويات النيكوتين الفعلي لا تتفق مع ما يعرض على علب السجائر الإلكترونيّة. ويشير إلى أن هذه العِلَب لا تتضمن تحذيرات صحيّة، على رغم تفاوت مستوى النيكوتين بين أنواع السجائر الإلكترونيّة.
ويلفت إلى أن النيكوتين يمكن أن يكون قاتلاً إذا أخذ بجرعات عالية. وينبّه إلى وجود بعض العناصر المسبّبة للسرطان في أنواع معينة من السجائر الإلكترونيّة، وهذا ما دفع خبراء الصحة العامة إلى إصدار تحذيرات للجمهور.
ويبيّن إيسنبرغ غياب الدراسات عن مخاطر الـ «بروبيلين غليكول» المستخدم في السجائر الإلكترونيّة، قدرة هذه الأخيرة على اجتذاب غير المدخنين إلى هذه العادة، ما يعني إمكان تحولهم مدخنين حقيقيين.
ويورد إيسنبرغ الواقعة التالية: «إلى أن نعرف أكثر من ذلك، يشكّل تسويق السجائر الإلكترونيّة تجربة غير منضبطة، ونتائجها غير معروفة».
وتتمحوّر بحوث إيسنبرغ على التأثير السلوكيّ للأدوية على تعاطي المخدرات، مع التركيز بشكل شبه حصري على النيكوتين والتبغ. وكذلك يعمل حاضراً بتمويل من «معاهد الصحة الوطنية» National Institutes of Health الأميركية، على تطوير وسائل لتقويم تعرّض المدخّنين لمنتجات التبغ، وفهم المعارف والمعتقدات والمواقف المرتبطة بتدخين النرجيلة أيضاً. ويجري إيسنبرغ بحوثاً على النرجيلة في الولايات المتحدة والأردن ولبنان وسورية.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews