هيئة مكافحة الفساد.. ما لكم عذر
عند تشكيل لجان أو هيئات تحقيق أو مراقبة، يكون أكبر معضلة في أعمال هذه اللجان هو اكتشاف الخيوط الأولى لأي مشكلة أو مسألة فساد إداري.
ولذلك، فمن يعمل بهذه الهيئات، عادة ما يتوفر لديه فطنة ومواهب في ملاحظة أصغر الأمور. ولهذا السبب، ترى الكثير من المحققين المحترفين في مسائل الجرائم أو الاختلاسات أو أي شيء من هذا القبيل، يسأل أسئلة لا تخطر على بال أي شخص آخر.
وعند تشكيل هيئة مكافحة الفساد لدينا في المملكة، قال الكثير: إنه قد يكون من الصعوبة الإمساك بخيوط بعض قضايا الفساد. وتوقع المواطن العادي بأن عمل هيئة الفساد سيكون الأصعب والأعقد. إلا إنه ومع الوقت اتضح أن هيئة مكافحة الفساد لديها أسهل عمل من الممكن أن يشغله أي موظف عادي، حتى لو لم تكن لديه أي خبرة. والسبب يعود إلى أن هناك أشياء واضحة وضوح الشمس في قضايا الفساد، ولا تحتاج -كما نقول- إلى فحص وتمحيص دقيقين.
وبدأ المواطن العادي يرى ذلك بوضوح. فمثلا عندما يسمع المواطن في مجتمعنا بأن مدينة الملك عبدالله الرياضية (جوهرة الملاعب)، تم بناؤها وتشييدها في مدة لم تتجاوز (390) يوما وبتكلفة أكثر بقليل من بليون ريال، رغم ضخامة البناء، وما به من تكنولوجيا حديثة وجمال في التصميم، فإنه من البديهي أن يسأل المواطن العادي لماذا طريق ساحلي بطول (15) كليو مترا يستغرق أعواما قبل الانتهاء من إعادة تأهيله وليس بنائه من الصفر.
وسيسأل.. لماذا تكلفة أحد المباني التابعة لأي مؤسسة حكومية مكون من عدة طوابق، يستغرق بناؤه سنوات، وبتكاليف تعادل تكاليف جوهرة الملاعب. وعندما يمر بمستشفى سعة (50) سريرا لم يكتمل بناؤه رغم مرور ما يقرب من أكثر من عشر سنوات على بداية المشروع، فسيسأل نفسه من المسؤول وهل تمت محاسبته؟
وماذا سيقول عندما يقرأ في جرائد سعودية وليس في التويتر، بأن موظفا في مؤسسة حكومية استطاع الاستحواذ على أراض تقدر بمئات الآلاف من الأمتار، وفي نفس الجريدة يقرأ عن عدم توفر أرض بمساحة (5000) متر؛ لبناء مدرسة أو مستوصف أو أي منشأة ستخدم المجتمع.
الكل يعرف أن هيئة مكافحة الفساد لدينا تقوم بدور كبير -تشكر عليه-، منذ نشأتها، ولكن السؤال ماذا لديها من صلاحيات في استصدار العقوبات الفورية، خاصة إذا كان كل شيء واضح وجلي حتى للعين غير المدربة؟ وهيئة الفساد أو أي مراقبة إذا لم يكن لديها صلاحيات مطلقة وقرارات نافذة؛ فستكون مهمتها أصعب ومكانتها وهيبتها لا يحسب لها أي حساب.
وفي بعض البلاد الأخرى مثل: أمريكا، فإن مصلحة الضرائب لها هيبة لدرجة أن المواطن يقوم بتعبئة أوراق الضرائب وهو يعلم أنه قد لا يتم مراجعة ما يكتبه. ولكن من يتم الإمساك به وهو مخطئ فقرارات مصلحة الضرائب لا يستطيع أحد -أيا كان- التدخل فيها.
(
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews