عملية الحدود المصرية: التحقيق يدين القيادة العليا.. والشبكات الإسرائيلية: “ماذا يفعلن هناك؟”
الحدث الذي قتل فيه ثلاثة مقاتلين على الحدود المصرية الأسبوع الماضي هو أحد الأحداث الأقسى التي انكشفت في السنوات الأخيرة. والتحقيق فيه يبرر الإجراءات الحادة التي اتخذت في أعقابه، بل أيضاً – وربما أساساً – فحص عميق في الجيش للتأكد من أن مواضع الخلل التي انكشفت في هذه الحالة لن تطفو على السطح في أماكن أخرى.
الحدث نفسه، مثلما كان معروفاً من اللحظة الأولى، تكتيكي في أساسه. شرطي مصري أصبح مخرباً، تسلل إلى إسرائيل عبر معبر معروف مسبقاً في الجدار، وقتل مقاتلين اثنين في موقع حراسة ومقاتلاً ثالث في أثناء الاشتباك، قبل أن يصفى. وقف الجيش الإسرائيلي في التحقيق وعن حق، على الخطأ في أن المقاتلين في الجبهة لم يعرفوا هذه المعابر، وعقب ذلك ما كان يمكنهم أن يشخصوا ويحبطوا التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية. هذا خلل طويل السنين سيصلح الآن، لكنه كان القسم الأقل خطورة في التحقيق.
تتعلق الأجزاء الخطيرة بأنظمة التبليغ والانضباط. فقد تناولها الجيش الإسرائيلي لسبب ما كـ “أخطاء” و”مواضع خلل”، لكن بعضها تحاذي إخفاقات مقلقة. أولها، أنه وبخلاف التعليمات الصريحة من قائد الفرقة، مكث المقاتلون في المواقع وهم متلاصقين. هذا سلوك استمر شهرين على الأقل، دون أن يعرف أحد في الفرقة أو في اللواء عنه ولم يصلحه.
هاتف خلوي بدلاً من جهاز اتصال
والسبب الثاني، أن الوردية استمرت 12 ساعة. صحيح أن تم هذا لأجل نجاعة استخدام القوة البشرية والسماح للمقاتلين بساعات راحة أطول، لكن النتيجة الفورية يقظة وتأهب أدنى، خصوصاً بعد بضع ساعات من إحباط تهريب مخدرات في الجبهة ذاتها – مما خفض التوتر العملياتي بشكل طبيعي.
الثالث، أنه وبخلاف الأوامر الصريحة، لم يجرَ فحص الاتصال مع المقاتلين في المواقع في كل ساعة، وهكذا تبين أنهما قتلا بعد نحو ساعتين من الحدث. وحتى عندما تم فحص كهذا قبل الفجر، لم يتم بجهاز الاتصال كما يلزم، بل بواسطة الهاتف الخلوي الذي احتفظ به في المواقع بخلاف الأوامر.
رابعاً، عندما سمع مقاتلان آخران أصوات النار ولاحظا شخصية تجتاز محور فيلدلفي لم يبلغا عن ذلك أحداً. فقد ادعيا في التحقيق بأنهما اعتقدا بأن الحديث يدور عن المقاتل الذي قتل، اوري ايلوز، لكن الامتناع عن التنفيذ قد يزيد بمتلازمة “الرأس الصغير”.
خامساً، في أثناء الاشتباك مع المخرب والذي قتل فيه المقاتل اوهد دهان، كان قسم من القوة بدون خوذات (بمن فيهم دهان نفسه). وشرح الجيش هذا بالعجلة وبانعدام التأكيد اللذين هما جزء من ميدان المعركة، لكنه تفسير ضعيف. والمعقول أكثر أن يكون الانضباط العملياتي في الكتيبة وفي اللواء عليلاً وساهم في النتيجة القاسية.
اختبار رئيس الأركان هرتسي هليفي
لقد استوجبت هذه النتائج القاسية الإجراءات القاسية المتمثلة بتنحية قائد اللواء وتوبيخ قائد الفرقة. غريب، لماذا لم ينح قائد كتيبة بردلس، الذي كانت جملة الإخفاقات بمسؤوليته المباشرة، بل وبخ فقط (وتعطل ترفيعه لست سنوات). مع ذلك، خيراً فعل الجيش حين ترك الاستنتاجات بالنسبة للمستويات الدنيا للقيادة في الميدان وركز على القيادة العليا. فقد استهدف هذا القول إن المسؤولية لا تتوقف في الأسفل بل ثمة خلل لسلسلة طويلة من المواضع.
لرئيس الأركان، وكل رئيس أركان، القليل من الفرص لتثبيت مبادئه وغرسها في الجيش. شاؤول موفاز فعل هذا في الحدث الذي تسلل فيه مخرب إلى استحكام “سجود”، وأفيف كوخافي في حادث الغرق في جدول حيزون، الحادثة في الحدود المصرية كانت فرصة هرتسي هليفي، وقد استخدمها بكاملها: الإجراءات القيادية التي قررها استهدفت الإشارة لعموم الجيش إلى توقعاته وماذا سيحصل لمن لا يفي بها. ومع ذلك، نوصيه بألا يكتفي بذلك، بل يسير خطوة واحدة للأمام ويـتأكد من أن مواضع الخلل هذه تقف فقط عند الفرقة واللواء والكتيبة إياها، ولا تجتاز لتصل إلى جبهات ووحدات أخرى.
على هامش الأمور والتحقيق، جدير أن نتذكر أمراً إضافياً: امتلأت الشبكات الاجتماعية بعد الحدث بالشائعات عن سلوك غير مناسب للجنود الذين قتلوا. التحقيق فحص الأمر واستبعده تماماً. لكن لا يكفي هذا؛ على الجيش أن يندد رسمياً بالتلميحات البشعة التي نشرت، ويوضح ما يفترض به أن يكون مفهوماً من تلقاء ذاته: هذه خدمة مشتركة بين مقاتلين ومقاتلات وأن كتيبة بردلس تضم مقاتلات، ولا صلة لنتائج الحدث. فالنساء خدمن وسيواصلن الخدمة بنجاح “كمقاتلات وفقاً لاحتياجات الجيش، وليس وفقاً لإرادة ومعتقد فئات معينة في المجتمع.
يوآف ليمور - إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews