ملياردير مصري يتبرع بأكبر مبلغ للمحافظين البريطانيين منذ عقود.. حزب العمال يطالب بإعادته و”قد يذهب هباءً منثورا”
سلطت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في تقرير بعنوان “محمد منصور: رجل الأعمال الذي يقف وراء أكبر تبرع لحزب المحافظين منذ عقود”، الضوء على الدور الذي يلعبه الملياردير المصري (والبريطاني الجنسية كذلك)، محمد منصور في السياسة البريطانية، وعلى الأخص في تمويل حزب المحافظين البريطاني، الذي يشغل منصب أمين الصندوق فيه. وقد تبرع هو نفسه بـ5 ملايين جنيه استرليني، وساعد الحزب الحاكم في الحصول على تبرعات بقيمة 12.3 مليون جنيه إسترليني في الربع الأول من العام الحالي (بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار)، وهو ما يزيد على ضعف ما حصل عليه الحزب خلال الربع الأخير من العام الماضي. ورغم ذلك ترجح توقعات واستطلاعات الرأي أن الحزب يتجه لتسجيل خسارة كبيرة في الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، وبالتالي فإن أموال الملياردير المصري قد تذهب هباءً منثورا.
ويعد تبرع منصور هو الأكبر الذي يتلقاه حزب المحافظين منذ عام 2001، ويأتي في الوقت الذي تملأ فيه الأحزاب خزائنها استعدادا للانتخابات.
في المقابل، حصل حزب العمال الذي تغلب على حزب المحافظين في سباق التبرعات في النصف الثاني من عام 2022 على 5.9 مليون جنيه إسترليني، انخفاضًا من 7.2 مليون جنيه إسترليني في الربع السابق.
وقالت صحيفة “الغارديان” إن حزب العمال حث حزب المحافظين على إعادة تبرع الـ 5 ملايين جنيه إسترليني، الذي حصل عليه من محمد منصور بسبب استغراق إحدى شركات منصور وقتًا طويلاً لقطع روابطها مع روسيا.
في رسالة إلى حزب المحافظين، دعت أنيليس دودز، رئيسة حزب العمال، المحافظين إلى تبرير التبرعات التي تبلغ 7.5 مليون جنيه إسترليني تقريبًا والتي قالت إنها جاءت من أشخاص وشركات كانت لها صلات بأعمال تجارية في روسيا.
وبحسب صحيفة “فاينانشل تايمز” تظهر البيانات استمرار الاتجاه التصاعدي لتمويل حزب المحافظين منذ أن أصبح ريشي سوناك زعيمًا للحزب ورئيسًا للوزراء في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وبعد صعود سوناك إلى السلطة، حصل حزب المحافظين على 4.9 مليون جنيه إسترليني في الربع الأخير من عام 2022 (من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول)، ارتفاعًا 3 ملايين جنيه إسترليني في الربع السابق.
وتقول الصحيفة إن كبار المانحين المحافظين يرون أن قيادة سوناك عززت ثقتهم في الحزب بعد فترة من الاضطراب تحت حكم سلفيه بوريس جونسون وليز تراس.
وأشاد منصور بتعهدات سوناك السياسية، والتي تشمل الاقتصاد، وخدمات الصحة الوطنية والهجرة.
وأضاف قائلا في تصريحات لـ”فايننشال تايمز” إنه يحترم القائد “الذي يضع برنامجًا واضحًا ويقبل بالحكم عليه بناء على تنفيذه”.
وتقول الصحيفة إنه في المجمل، تلقت الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة 20.9 مليون جنيه إسترليني من التبرعات والأموال العامة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، مقارنة بـ12.8 مليون جنيه إسترليني في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، وفق الصحيفة البريطانية.
وكان رئيس الوزراء البريطاني “ريشي سوناك” قد عين منصور في ديسمبر/كانون الأول الماضي أمينا لصندوق حزب المحافظين، ليكون أحد كبار جامعي التبرعات قبل الانتخابات المقبلة.
وتقدر ثروة منصور بـ2.5 مليار دولار، وسبق أن تولى منصب وزير النقل في مصر بين عامي 2006 و2009، لكنه أقيل على خلفية حادث تصادم دموي لقطارين خلف 18 قتيلا و36 مصابا.
عودة إلى الأضواء
وكان تعيين محمد منصور كأمين صندوق حزب المحافظين، أعاده إلى الأضواء.
وقد ولد عام 1948 لعائلة تجارية في مدينة الإسكندرية الساحلية الشمالية، ودرس الهندسة في جامعة ولاية كارولينا الشمالية وتخرج عام 1968.
تعيين منصور في منصبه الجديد أعاده إلى الأضواء في وطنه الأصلي مصر، مع عودة الحديث عن شخصيته التي لها سجل حافل من النجاحات والإخفاقات أيضا.
وأسس والده لطفي منصور، “مجموعة منصور” في عام 1952، والتي يشرف عليها محمد الآن. ويعمل في التكتل العائلي 60 ألف شخص وهو من بين أكبر الشركات في مصر.
ولفترة طويلة، ارتبطت عائلة “منصور” بمجموعة كبيرة من العلامات التجارية العالمية، والتي عملوا فيها كوكلاء.
ومن بين هذه الشركات “شيفروليه” و”مارلبورو” و”جنرال موتورز”، وكذلك “كاتربيلر”، التي تمتلك العائلة حقوق توزيع حصرية لها في مصر وسبع دول أفريقية أخرى.
تضمنت بعض اهتمامات عائلة منصور الأخرى متاجر “مترو”، وهي أكبر سلسلة سوبر ماركت في مصر، وامتيازات “ماكدونالدز”.
وفي مصر، كان “محمد” نفسه يعرف باسم “منصور شيفروليه”.
وزير النقل في “حكومة جمال مبارك”
وتعرف بعض المصريين على محمد منصور لأول مرة في 30 ديسمبر/كانون الأول 2005 عندما عينه حسني مبارك، حاكم البلاد الأسبق، وزيرا للنقل في الحكومة الثانية لرئيس الوزراء آنذاك أحمد نظيف.
وأشار التقرير إلى أن ذلك كان وقت التغيير في السياسة المصرية؛ حيث تم جلب رجال الأعمال لتولي حقائب وزارية لأول مرة في حكومة مكونة في الغالب من أشخاص من عالم الأعمال.
وعُرف منصور بأنه جزء من فريق جمال نجل مبارك، وسرعان ما فكر عامة الناس في هذه المجموعة من رجال الأعمال على أنها في الحكومة لخدمة إمبراطوريات الشركات الخاصة بهم، على الرغم من أن منصور تخلى عن منصبه في شركته طوال فترة عمله وزيرا.
وانتهت مسيرة منصور الوزارية بشكل مفاجئ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2009، عندما طلب منه رئيس الوزراء تقديم استقالته، بعد ثلاثة أيام من اصطدام قطاري ركاب ببعضهما في العياط، وهي مدينة تقع على بعد 45 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة المصرية القاهرة؛ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا وإصابة 30 آخرين.
وتسبب الحادث في موجة من الغضب الشعبي، وأدى إلى دعوات لإقالة الوزير، والذي ظهر أمام البرلمان في اليوم التالي ورفض الاستقالة، قائلاً إن الحادث لم يكن خطأه الشخصي.
وبعد أقل من عامين، تمت الإطاحة بـمبارك، الحاكم السلطوي لمصر لمدة ثلاثة عقود، في أعقاب احتجاجات جماهيرية واسعة النطاق.
ويرى التقرير أنه ربما كان تحدي منصور في البرلمان بعد مأساة القطار دليلاً على روحه القتالية.
وبعد فترة وجيزة من مغادرته منصبه، عاد ليدير إمبراطورية أعماله وأسرته.
فضيحة فساد
بعد إطاحة مبارك من منصبه، ظهرت فضيحة تتعلق بشركة عائلة منصور، مهددة بحرمانه من السلطة والثروة التي كان يتمتع بها لفترة طويلة.
واتهم منصور بالشراكة مع ابن عمه أحمد المغربي، الذي شغل منصب وزير الإسكان في عهد مبارك، بشراء آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي لبناء مجمع سكني بجزء بسيط من سعر السوق.
وبحسب تقرير لـموقع “ميدل إيست آي” تعود القضية إلى عام 2007، عندما بيعت قطعة أرض على جزيرة في النيل بأسوان لشركة مملوكة لـ”منصور” و”المغربي” مقابل أقل بكثير من عرض منافس قدمه مستثمر ليبي.
وكان المغربي قد استغل نفوذه للحصول على الأرض، لكن سرعان ما تم الكشف عن القضية؛ مما دفع مبارك إلى مطالبة محافظ أسوان بسحب قطعة الأرض وإعادتها إلى السوق بقيمتها الحقيقية.
ولم تصل القضية إلى المحاكم لكنها أثيرت في البرلمان.
لكن في عام 2011، حُكم على المغربي بالسجن 5 سنوات لتيسيره استحواذ رجل أعمال آخر على قطعة أرض أخرى.
ووجد بحث أجراه مكتب الصحافة الاستقصائية أن مصرف “HSBC” وفر مئات الملايين من الدولارات لـمنصور وابن عمه في تلك الصفقات.
وذهب ستيفن غرين، رئيس مجلس إدارة البنك في ذلك الوقت، للعمل كوزير في حكومة الائتلاف المحافظ البريطاني بزعامة ديفيد كاميرون وأصبح عضوا في مجلس اللوردات.
وبعد الفضيحة، اختفى منصور من الأخبار، ليعود للظهور مرة أخرى في مارس/آذار 2022 عندما برز، حسب تقرير “ميدل إيست آي”، أنه مهتم بشراء نادي تشيلسي الإنكليزي لكرة القدم من الروسي رومان أبراموفيتش.
وفي مايو/أيار 2022 قال منصور، في لقاء مع خريجين من جامعة ولاية كارولينا الشمالية، التي تخرج منها: “عندما تحصل على فرصتك الثانية، اغتنمها، وتعلم منها وكن ممتنًا لها”.
فايننشال تايمز
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews