الاحتياطي النقدي .. وديون مصر الخارجية
الاحتياطي النقدي المصري لا يزال في مستوياته المتدنية منذ ثورة 25 يناير 2011، حتى بعد حزم المساعدات الخليجية الأخيرة ، نتيجة ضعف الإنتاج وتوقف عجلة العمل ، واستمرار الفساد في بعض القطاعات ، ولا ننكر أن هناك أزمة حقيقة يعاني منها الاقتصاد المصري نتيجة نقص العملات الأجنبية وتدني قيمة العملة المحلية في مواجهة العملات الأخرى ن والآثار السلبيه التي نتجت عن ذلك ومنها توقف بعض المصانع وعجزها عن تدبير احتياجاتها من العملات الأجنبية لتمويل استيراد المادة الخام من الخارج، أولتنفيذ سياساتها وخططها الإنتاجية، وقد يستمر ذلك إلى فترات أخرى قادمة، إذا ظلت الأوضاع الاقتصادية والإنتاجية على حالتها الراهنة، خاصة أن صندوق النقد الدولي قد أعلن أنه برغم حصول مصر على مساعدات من دول الخليج، إلا أنها لا تزال في حاجة لمساعدة مالية للنهوض باقتصادها ومصر ستكون بحاجة لمساعدة مالية قد تأتي من شركائها في الخليج أو من صندوق النقد الدولي أو المؤسسات المالية الدولية الأخرى، على الرغم من توقف المفاوضات حول قرض بقيمة 4,8 مليار دولار، بسبب عدم الاستقرار السياسي ، ووجود تحديات كبيرة، تتمثل في ضعف النمو ومعدلات البطالة المرتفعة التي تجعل من المركز المالي أكثر هشاشة في الوقت الذي تجرى فيه الاستعدادات لإجراء الانتخابات الرئاسية في شهر مايو المقبل، وإن كان البنك المركزي المصري قد أعلن عن ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 17.414 مليار دولار في شهر مارس الماضي ، مقابل 17.307 مليار دولار، خلال فبراير السابق له، ولكن مصر خلال تنفيذ خارطة المستقبل ملتزمة بسداد نحو 3.7 مليار دولار للديون الخارجية، خلال النصف الثاني من العام الحالي، وهو ما يمثل 21% من الاحتياطي النقدي للعملات الأجنبية لدى البنك المركزي ، وهذا الاحتياطي النقدي لا يكفي إلا لنحو 4 أشهر في مواجهة الطلب المتنامي على استيراد السلع الغذائية ، وهذا سيفاقم الأزمة وربما تفشل الحكومة في سداد الأقساط المستحقة عليها في الفترة المقبلة ، مثل ديون قطر ومستحقات نادي باريس ، في إطار الأقساط المستحقة على مصر للديون الخارجية ، وعلى الرغم من ضخ الحكومة لنحو 60 مليار جنيه لزيادة الإنفاق العام وزيادة أجور العاملين بالقطاع الحكومي إلا أنها فشلت في دفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الإمام ، بسبب استمرار الإضرابات وعدم حث العمال على زيادة الإنتاج لمواجهة الالتزامات المالية المقبلة ، وضعف السيطرة على الأمن في الشارع وفرض دولة القانون من أجل توفير موارد مالية من العملة الأجنبية، حيث تجود فرص كبيرة للنمو في الاقتصاد المصري، إذا تمت مساندة بعض القطاعات القائدة للنمو والتي تستطيع أن تحقق تعافي سريع في النشاط الاقتصادي وزيادة فرص التشغيل، إلى جانب التنفيذ السريع لبعض الإصلاحات المالية الضرورية لاستعادة الثقة في الاقتصاد، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق نحو المجالات الاجتماعية، لترشيد الدعم لضمان الاستخدام الأفضل لموارد الطاقة في إطار الإصلاحات التي تخطط لها الحكومة الحالية، ولاشك أن الاقتصاد إذا ظل على تلك الأوضاع، فلابد من السعي إلى عودة التفاوض الجاد مع صندوق النقد أو الدول العربية لجلب المزيد من القروض والاستثمارات التي تضع الاقتصاد المصري في المسار الصحيح ، لأن التخوف من عدم القدرة على سداد الالتزامات الدولية أمر وارد في الفترة القادمة، أو عدم توفير التمويل الكافي لشراء المواد الغذائية الضرورية وعلى رأسها القمح، حيث تحتاج إلى أكثر من 95 مليون دولار ثمن القمح المستورد من روسيا ورومانيا وأوكرانيا، خاصة أن مؤشرات التعافي الاقتصادي والقدرة على الخروج من الأزمة الراهنة قائمة وإن كانت بنسب ضعيفة، لذلك من الضروري العمل على تنشيط القطاعات الاقتصادية الصناعية لزيادة حجم الصادرات، ووضع استراتيجية قصيرة المدى لدعم القطاع السياحي الذي أصيب بالشلل أو السكتة القلبية، خاصة بعد الضربات الإرهابية التي وجهت للسياح في منطقة طابا مؤخرا، والتي تحتاج إلى جهود غير عادية، حتى يمكن تصحيح الوضع والبدء في جني الثمار وتعويض جزء من الخسائر التي مني بها، وتصحيح ذاكرة الأجانب وانطباعاتهم عن السياحة والأمن والاستقرار.
( الشرق 17/4/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews