الاحتياطي النقدي المصري.. والقروض
إشكاليات الاحتياطي النقدي المصري متعددة على الرغم من التعافي البطيء في الربع الأخير من العام الماضي، وعلى الرغم من انتزاع موافقتين من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية لتوفير قروض قيمتها 4.5 مليار دولار، وتوقيع الاتفاقات النهائية الخاصة بالقرضين بأسعار فائدة ضئيلة وفترة سداد تقلل من ضغوط سداد الديون على الدولة.
وهي تعزز من فرص تعافي الاحتياطي النقدي الذي بلغت قيمته بنهاية العام الماضي 16.4 مليار دولار، ويغطى 3 أشهر فقط لتمويل الواردات السلعية، فهل سيساهم ذلك في الضغط على السوق السوداء للعملة، وإعادة قدر ولو قليل من التوازن الذي افتقده الاقتصاد بشدة في الفترات الماضية، خاصة أن هذه التمويلات توفر سيولة بالنقد الأجنبي تساهم في إنعاش الاحتياطي النقدي، في ظل التزام الحكومة بسداد ديون خارجية خلال يناير الجاري بقيمة تصل إلى 1.7 مليار دولار.
وإن كانت قيمة القروض ستضخ على مراحل بنحو ملياري دولار من مؤسسات التمويل الدولية المختلفة، وهو ما يعزز من القدرة على سداد الالتزامات الأجنبية بدون تأثير في الاحتياطي النقدي، ولكن ذلك لا يساعد على إعادة البناء القوي للاحتياطي الأجنبي، بدون اتخاذ إجراءات قوية لدعم التصدير وحل مشكلات المصدرين، والترويج لتنشيط السياحة بشكل مكثف، والتركيز على الجانب الأمني، من أجل زيادة إيرادات النقد الأجنبي، إلى جانب وقف استيراد بعض السلع الاستفزازية كما يقال عن استيراد "جمبري" بقيمة 400 مليون دولار، أو أغذية للكلاب التي تكلف ميزانية الدولة ما لا يطاق، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، والعجز عن تدبير الأمن الغذائي محليا، حيث تستورد مصر ربما 70% أو أكثر من وارداتها الغذائية، نتيجة لعدم قدرة الإنتاج المحلي على الوفاء باحتياجات السوق، والعمل على زيادة الإنتاج، واستغلال قدرات الدولة ومواردها الطبيعية وثرواتها الاستغلال الأمثل، ولاسيما أن اللجوء إلى الاقتراض من الخارج قد يكون مسكّنا في الوقت الراهن، وله آثاره السلبية المدمرة على الاقتصاد في المستقبل القريب وعلى الأجيال القادمة على المدى الطويل، ومن هنا لابد من إدراك أن الحل الأساسي لمشكلة تراجع الاحتياطي النقدي هو الاهتمام بالقطاعات المدرة للعملة الأجنبية، وعلى رأسها التصدير الذي يدر ما يربو على 30 مليار دولار، والسياحة التي من المفترض أن ترتفع إيراداتها إلى 15 مليار دولار سنويا، يضاف ذلك إلى تنمية مصادر الدخل الأجنبي من إيرادات قناة السويس، خاصة بعد عمليات التطوير التي لحقتها مؤخرا، وأيضا الاهتمام بمشكلات العاملين بالخارج وتحفيزهم للاشتراك في المزيد من الاستثمارات وزيادة التحويلات الخارجية، وضرورة حل مشكلات المستوردين والمستثمرين، الذين واجهوا كثيرا من المتاعب لعدم توافر الدولار بالشكل المناسب، ويحتاجون إلى حلول سريعة لأزمة السيولة بالنقد الأجنبي، خاصة أن رجال الأعمال قد رفضوا عددًا من الإجراءات منها تحديد سقف الإيداع الدولاري، وهذا يفرض على الحكومة التوصل إلى حل يرضي كل الأطراف وينهي حالة الاحتقان، ويقلل من الآثار السلبية لاتخاذ القرارات غير المدروسة والمنفردة من طرف واحد، واختيار كفاءات وخبرات جيدة لم تلوث بالفساد لتتولى ملفات السياسة النقدية، وعمليات التفاوض مع المؤسسات الدولية، حتى يتمكنوا من إيجاد جذري لأزمة الدولار المتفاقمة، والتي تؤثر في مكونات الاحتياطي النقدي، وعلى عملية إعادة بنائه على أسس اقتصادية سليمة تسفر عن استقرار السوق، وتوفير كافة احتياجاته التمويلية من كافة العملات، ولا شك أن ذلك يمكن أن يدفع تجاه استقرار السوق على المدى القصير، حتى يمكن حل لغز المعادلة النقدية التي تتطلب حلولًا جذرية على المدى الطويل، من خلال التركيز على سبل غير تقليدية لإنعاش الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-01-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews