الكوميديا يمكن أن تكلّف أوباما غاليا
ظهور باراك أوباما مع الفكاهي المتخم، زاك جاليفياناكيس، في برنامج Between Two Ferns الكوميدي على شبكة الإنترنت، أدى إلى انقسام الأمريكيين. نصفهم تذمّر بسبب الأضرار التي لحقت بهيبة الرئاسة، بينما هنّأ نصف آخر أوباما على حركة ذكية في فن بيع السياسية. وكلا الجانبين يعتبر على حق. فالرئيس الأمريكي يحتاج إلى لفت انتباه الشباب إلى خطة الرعاية الصحية التي يدعو إليها لجعلها قابلة للتطبيق. وباستخدام الفكاهة، ذهب الرئيس بجرأة إلى حيث يكون الشباب. ففي غضون أيام كان لدى البرنامج الهزلي أكثر من 13 مليون مشاهَدة. ووفقاً للبيت الأبيض، كان البرنامج هو المحرّك الرئيس الذي دفع الناس للمشاهدة على موقع HealthCare.gov. لكن حين تفكر في أن جاستن بيبر قدّم أداء أفضل مما فعل الرئيس، حين تعامل مع وخزات غاليفياناكيس في أيلول (سبتمبر) الماضي، فإن هذا يجدر به أن يخفف من القبول الذي حظي به البرنامج. سأل غاليفياناكيس نجم البوب المراهق ساخراً: "أتعرف ما كنتُ أفعله عندما كنتُ في مثل عمرك؟". فأجابه بيبر: "هل كنتَ قد أنهيت الصف الرابع؟". في إشارة منه إلى شيء قد يفعله معظم الأمريكيين في سن العاشرة. لكن أوباما لم يقدم حركة على هذا المستوى من الذكاء. ورغم مدى فاعلية أوباما في توليد عدد ضخم من المشاهدات على الإنترنت، من السابق لأوانه القول ما إذا كان ظهوره يعتبر نجاحاً أم فشلاً. ذلك أن أي رئيس أمريكي ليس لديه وظيفة دستورية واحدة ولكن اثنتان. التقسيم الذي قام به والتر باجيت في القرن التاسع عشر للحكومة البريطانية، والذي قسّمها إلى جزء "مهيب" (الملكي) وجزء "الكفاءة" (البرلماني) لا يزال صحيحاً بالنسبة لمعظم الحكومات المتقدمة. أما رئيس الولايات المتحدة، فإنه يجسد كلا النوعين من السلطة، لأن لديه الهيبة باعتباره رئيس الدولة والكفاءة في آن معاً. ويتعين عليه الموازنة بينهما. والساسة في الولايات المتحدة يقايضون الهيبة بالكفاءة في كل وقت. في الأسبوع الماضي، أغلق الجمهوري داريل عيسى، رئيس اللجنة الإشرافية في مجلس النواب، على عجل جلسة استماع حول الاستهداف المزعوم من مصلحة ضريبة الدخل للمؤسسات المحافظة. وأشرطة الفيديو من جلسة الاستماع التي انطلقت بسرعة عبر الإنترنت كلّفت عيسى بعض الكرامة. لكن كان هناك تعويض في الكفاءة، لأنها أفادت بأن لويس ليرنر، التي عيّنها أوباما لتدير مصلحة ضريبة الدخل، رفضت الإجابة عن أسئلة بشأن هذه المسألة. ولا يتصرف الرؤساء عادة بهذه الطريقة. فقد ظهر ريتشارد نيكسون في برنامج Rowan & Martin’s Laugh-In في عام 1968، وعزف بيل كلينتون على الساكسوفون على شاشة التلفزيون في وقت مبكر من رئاسته. لكن بأي حال لا تعتبر الدعاية شيئاً يتعين على الرئيس مبادلته بسحر منصبه ليحقق الهدف منها. الهيبة الرئاسية فريدة من نوعها ومحدودة وقيمة للغاية. الدعاية قد تكون ذات قيمة بالنسبة لمعظم الناس، لكنها مسألة رخيصة بالنسبة لرئيس. فهو يستطيع الحصول عليها بكل سهولة. وبإمكانه أن يعلن البرامج، ويمكن لحلفائه السياسيين شراء الإعلانات. وفي حين أن المبلغ الذي يمكن للمؤيدين أن يساهموا به في صندوق حملة المرشح خاضع للأنظمة، ليس هناك حد للأموال التي يمكن لهم أن ينفقوها إذا ما اختار المانحون الأغنياء بدلاً من ذلك الدخول في الإعلانات لتمجيد حسن سير موقع HealthCare.gov. إن التركيز على مشاهدات أوباما عبر الشبكة العنكبوتية يعني أن ننظر إلى جانب واحد فقط من المعادلة. والسؤال هو إذا ما كانت المكاسب المرجوة من الكفاءة قد تجاوزت الخسائر في الهيبة. ربما لا. فقد خرج الرئيس بأخبار تقول إن "HealthCare.gov يعمل بشكل رائع". لكن المشكلة مع خطة الرئيس للرعاية الصحية ليست مسألة تتعلق بالموقع. فما نسبته 27 في المائة من أولئك المشتركين في الموقع لم تكن لديهم الرعاية الصحية من قبل، وذلك وفقاً لدراسة من شركة ماكينزي.
وكون الكثير مما قاله أوباما كان يُقرأ من نص مكتوب وكان خيالياً، فإن ذلك يعتبر مشكلة في حد ذاته. فقد تظاهر بالغضب عندما ادعى غاليفياناكيس بتسجيل برامجه سراً من داخل البيت الأبيض. كذلك الزعيم المنتخب بشكل ديمقراطي لا يستفيد عموماً من إكراه المواطنين على الاستنتاج عندما يحاول معابثتهم. ولو كان برنامح الرئيس لإصلاح الرعاية الصحية بشكل أفضل في المقام الأول، فربما هذا لن يكون أمراً مهماً. ربما يبدو أوباما وكأنه شخص يقوم بجرأة بتوسيع تواصله بشكل يتجاوز فيه وسائل الإعلام التقليدية، لكن صحيفة "يو إس أيه توداي" USA Today لاحظت في الفترة الأخيرة أن أوباما لم يقدم مقابلة كاملة لصحيفة "واشنطن بوست" منذ عام 2009. وجهوده في وسائل الإعلام الجديدة قد لا تكون وسيلة للقاء الناخبين بقدر ما هي وسيلة للتهرب منهم.
في الانتخابات الفرعية التي جرت في المنطقة رقم 13 في فلوريدا، لانتخاب عضو لمقعد شاغر هذا الأسبوع، هزم الجمهوري ديفيد جولي خصمه الديمقراطي المفضل أليكس سينك. وقد فعل ذلك من خلال حملة هاجم فيها قانون الرعاية الطبية الميسورة من أوباما. والاختبار حول إذا ما كانت استراتيجية البرنامج الفكاهي تعد نجاحاً سيأتي هذا الخريف في الحملات الانتخابية للكونجرس. سيحتاج المرشحون الديمقراطيون إلى الاستفادة من الهيبة الرئاسية (على شكل تأييد وخطابات) والكفاءة الرئاسية (على شكل برنامج ناجح للرعاية الصحية). وأفضل اختبار حول إذا ما كان أوباما ذكياً، أو أحمق بتسويقه خطته للرعاية الصحية من خلال فيديو على الإنترنت، مرتبط بما إذا كان حلفاؤه أم خصومه هم الذين يقومون بزيارة الرابط.
( فايننشال تايمز 18/3/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews