تحوّل كبير في ميزان القوى في أسواق الغاز العالمية
إن ظهور منتجين جدد للغاز الطبيعي على مدى العقدين المقبلين سيؤدي إلى تحول كبير في ميزان القوى في أسواق الغاز العالمية، وتغيير في الطريقة التي يتم بها تسعير الغاز الطبيعي، وفقا لتقرير توقعات الطاقة العالمية لعام 2035 لشركة بريتش بتروليوم. في هذا الجانب، أوضحت مصادر الشركة خلال إطلاق تقريرها السنوي، أن بدء مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة، خاصة في إفريقيا، أستراليا والولايات المتحدة، سيعزز زيادة المنافسة، ما لا يسمح لأي طرف من الأطراف بالسيطرة والتحكم في الأسواق.
الغاز الطبيعي سيصبح، إلى حد كبير، سلعة قابلة للتداول عالميا، مدعوما بارتفاع الطلب الآسيوي على الغاز الطبيعي المسال، حيث من المتوقع أن ترتفع حصة الغاز الطبيعي المسال من الغاز المتداول من 32 في المائة في عام 2012 إلى أكثر من 46 في المائة بحلول عام 2035، في حين أن حصته من الاستهلاك ستزداد من 10 في المائة إلى 15 في المائة في الفترة نفسها. وعليه ترتيب اللاعبين الأساسيين في أسواق الغاز المسال العالمية من المتوقع أن يتغير أيضا، قطر التي تعتبر الآن أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم بطاقة 77 مليون طن سنويا، ستشهد انخفاض حصتها في أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية بمقدار النصف إلى أقل من 17 في المائة (أي نحو سدس الطاقة العالمية) بحلول عام 2035، عندما تصل الطاقة العالمية إلى نحو 500 مليون طن سنويا، الولايات المتحدة ستحصل على حصة مماثلة. حصة أستراليا ستصل إلى نحو الخمس، في حين ستصبح قارة إفريقيا أكبر منتج في العالم، ملبية نحو ربع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال. هذا التغيير والتنويع الكبير في مصادر الغاز الطبيعي المسال سيفرض تغييرات على هيكل تسعير الغاز، لكن تقرير شركة بريتش بتروليوم يتوقع أن يكون هذا التحول تدريجيا أكثر منه ثوريا مع تزايد المنافسة في أسواق الغاز العالمية.
في تقريرها السنوي عن توقعات الطاقة على المدى الطويل خصت شركة بريتش بتروليوم الغاز الطبيعي بكونه المستفيد الأساسي من تغير مزيج الطاقة العالمي على مدى العقدين المقبلين، في هذا الجانب توقع التقرير أن ينمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بنحو 1.9 في المائة سنويا ليصل إلى 5.2 تريليون متر مكعب (497 مليار قدم مكعبة في اليوم) بحلول عام 2035، نمو الطلب على الغاز في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (non-OECD) سيتفوق على النمو في الدول الأعضاء (OECD)، حيث سينمو بنسبة 2.7 في المائة سنويا مقابل 1 في المائة سنويا. حصة الغاز الطبيعي من استهلاك الطاقة الأولية سيصل إلى نحو 27 في المائة بحلول عام 2035، وهي حصة النفط والفحم نفسها، هذه هي المرة الأولى في تاريخ البشرية التي لا يكون فيها وقود واحد مهيمن على مزيج الطاقة العالمية. سيكون هذا النمو مدعوما بالتطور التكنولوجي، مصادر الغاز غير التقليدية، الغاز الطبيعي المسال واستمرار استخدام الغاز في محطات توليد الطاقة الكهربائية، حيث سيكون الغاز منافسا قويا ضد مصادر الطاقة البديلة.
قالت مصادر الشركة، لقد كنا دائما مشككين حيال الطاقة المتجددة إذا ما استمر الدعم لها، حيث أوضح التقرير أن تحويل 1 في المائة فقط من طاقة توليد الكهرباء العالمية العاملة بالفحم الحجري إلى غاز سيسهم في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يعادل زيادة الطاقة المتجددة بنسبة 11 في المائة.
يتوقع التقرير أن يرتفع إنتاج الغاز الطبيعي في كل أنحاء العالم عدا أوروبا، حيث سينخفض إنتاجها إلى النصف على مدى العقدين المقبلين. هذا وسترتفع إمدادات الغاز الطبيعي العالمية بنحو 1.9 في المائة سنويا إلى عام 2035، إنتاج الغاز في الولايات المتحدة سيرتفع بنسبة 50 في المائة إلى نحو 988 مليار متر مكعب سنويا مدعوما بالغاز الصخري. إنتاج الشرق الأوسط سيصل إلى 954 مليار متر مكعب سنويا بحلول 2035، في حين سيصل الإنتاج الروسي إلى 816 مليار متر مكعب سنويا والصيني إلى 356 مليار متر مكعب سنويا.
من المتوقع أن يمثل الغاز الصخري ما يقرب من نصف الزيادة في الإنتاج، موفرا بذلك الكثير من الإمدادات لوحدات تسييل الغاز الجديدة، خصوصا في الولايات المتحدة، التي يتوقع التقرير أن تصل صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى 80 مليون طن سنويا وبأسعار شحن تنافسية من ساحل الخليج الأمريكي تبلغ نحو ثلاثة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى آسيا ودولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى أوروبا.
إن المشترين الآسيويين يتطلعون لشراء الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة؛ لأنه مُسعر على أساس مركز البيع هنري (Henry Hub)، ما يجعله أرخص حاليا من الغاز المرتبط بأسعار النفط، لكن أسعار مركز البيع هنري قد ترتفع أيضا عندما يبدأ التصدير.
إن تقرير شركة بريتش بتروليوم على ما يبدو واثق بأن التنقيب عن الغاز الصخري سيسفر عن نتائج إيجابية على الصعيد العالمي، ولا سيما في الصين، لكن حصة الأسد ستبقى للولايات المتحدة، حيث يتوقع التقرير أن تصبح الولايات المتحدة مصدرا صافيا للغاز بحلول عام 2018، سيمثل الغاز الصخري نحو 70 في المائة من الغاز الطبيعي فيها بحلول عام 2035 أو نحو 670 مليار متر مكعب. في روسيا، التي ستكون ثاني أكبر منتج للغاز في ذلك الوقت، الغاز الصخري سيمثل فقط نحو 5 في المائة من إنتاجها بحلول عام 2035 أو 40 مليار متر مكعب.
يرى التقرير أن هناك سببين رئيسين وراء تأخر طفرة الغاز الصخري خارج الولايات المتحدة. السبب الأول عدم وجود منافسة. لماذا حدثت الطفرة في الولايات المتحدة؟ ليس بسبب توافر موارد الغاز الصخري بكميات كبيرة فقط، الصين تمتلك موارد من الغاز الصخري أكثر من الولايات المتحدة. إنها المنافسة التي سمحت للشركات بالاستكشاف والابتكار. في حين أن الصين لم تسمح للشركات بالمنافسة. السبب الثاني هو المعارضة من قبل صناع القرار والسكان المحليين، ما يؤثر في التنقيب عن موارد الصخر الزيتي أكثر من غيرها من الموارد التقليدية، كما هو الحال في أوروبا.
( الاقتصادية 13/3/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews