Date : 23,11,2024, Time : 10:37:37 PM
3981 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 08 جمادي الاول 1435هـ - 10 مارس 2014م 01:17 ص

القرم .. تاريخ ملتهب وحاضر حافل بالولاءات الخطرة والمتضاربة

القرم .. تاريخ ملتهب وحاضر حافل بالولاءات الخطرة والمتضاربة

حتى قبل نشوب ثورة شباط (فبراير) في أوكرانيا كانت الأحوال في منطقة القرم، متعددة الأعراق واللغات، غير مستقرة. اجتمعت المنافسة السياسية بين الاثنتين الروسية والأوكرانية وكذلك تتار القرم مع خلافات قانونية واحتكاكات دينية وصعوبات اقتصادية لامتحان السلم الذي حقق بعض النجاح، لكن بقي مزعزعاً لمدة 20 عاماً على شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود.

وإذا صدف أن حدث توتر، فلا يكون عادة شديداً للدرجة التي تسبب تدخلاً عسكرياً وانقلاباً سياسياً مثل الذي دبرته موسكو في الأسبوعين الماضيين، للتظاهر بحماية الإثنية الروسية في القرم والأكثريات التي تتكلم الروسية هناك. تقول غويندولين ساس، المختصة في شؤون القرم في جامعة أكسفورد: "في السنوات الأخيرة لم تكن القرم تلك المنطقة التي كان الناس جاهزين فيها للتعبئة العسكرية، أو كانوا ينتظرون الوقت المناسب للضغط على الزناد لبدء صراع جديد فيها".

ومع ذلك نشرت وحدة الأقليات الوطنية في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تقريراً في آب (أغسطس) الماضي أدرجت فيه المخاطر الكامنة. وقال التقرير: "تواجه القرم مزيجاً متفجراً بسبب المنافسة السياسية المريرة والإقصاء الاقتصادي الاجتماعي والخلافات الدينية، سواء داخل الإقليم نفسه، أو في الأقاليم المجاورة الأخرى، ومن تزايد أجواء عدم التسامح العام. ومخاطر حدوث عنف إثني داخلي أمر حقيقي".

من الممكن أن يحاول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فصل القرم عن أوكرانيا بالطريقة نفسها التي اعترف بها باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، المنطقتان الانفصاليتان في جورجيا، المؤيدتين لروسيا، بعد الحرب الروسية ـ الجورجية في عام 2008. وإذا كان لروسيا رغبة في تقسيم أوكرانيا، فستكون بحاجة لسبب وجيه جداً لإبطال الشجب الدولي. وربما يوفر استخدام القوة من قبل الحكومة الأوكرانية التي جاءت بعد الثورة، أو الوطنيين الراديكاليين في غربي أوكرانيا مثل هذا العذر. وأقطاب الدعاية في الكرملين مسلحون وجاهزون لهذه المعركة. لكن الأوكرانيين لم يبتلعوا هذا الطعم بعد.

وشهد تاريخ القرم العنيف خلال القرن العشرين، أربعة أحداث مهمة لمعرفة الكيفية التي ستتبدى بها هذه التوترات. الحدث الأول هو الاجتياح الذي قاده النازيون لأوكرانيا في الحرب العالمية الثانية، والثاني هو إبعاد الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين جميع السكان التتار من شبه جزيرة القرم في عام 1944، والثالث هو القرار الذي اتخذه نيكيتا خوروتشوف، خليفة ستالين، بنقل ملكية القرم من روسيا إلى أوكرانيا، وأخيراً انهيار الاتحاد السوفياتي الذي حول في النهاية القرم، بين عشية وضحاها، من حصن منيع للقوة البحرية السوفياتية إلى واحدة من أكثر المناطق المتنازع عليها عرقياً وسياسياً في الدولة الأوكرانية المستقلة حديثاً.

ولا يزال الهجوم النازي على القرم محفوراً في الذاكرة الروسية، وهو شبيه بحرب القرم التي حدثت خلال الفترة 1854 - 1856 التي وضعت روسيا في مواجهة بريطانيا وفرنسا والإمبراطورية العثمانية. ومنذ زمن القياصرة تعلم جيل بعد جيل ما حدث في حرب القرم من خلال كتابات ليو تولستوي. ومنذ عام 1942 كانت المقاومة التي أبداها الروس في مواجهة حصار النازيين لمدينة سيفاستوبول، الذي استمر 250 يوماً، ونجاح الجيش الأحمر في تحريرها مصدر اعتزاز وطني لا يقاس.

وسيفاستيبول هي القاعدة التاريخية للأسطول الروسي في البحر الأسود، وهو السلاح الذي استخدمه القياصرة لتهديد القسطنطينية والمضائق التركية قبل الحرب العالمية الأولى، وتعتبر عنصراً مهماً في استعراض القوة الروسية في حقبة ما بعد السوفيات. والمشاعر المؤيدة للروس سواء بين موظفي الأسطول الفاعلين، أو المتقاعدين وعائلاتهم ومواطنين آخرين، أكثر حدة في سيفاستوبول مما هي في مدن القرم الأخرى.

لكن شكل ذلك خليطاً ساماً مع تركة نقطة التحول التالية التي حدثت في القرن العشرين، وهي إبعاد 200 ألف من تتار القرم بسبب الادعاء بتعاونهم مع النازيين. وبحسب ما أورده نورمان نايمارك، المؤرخ الأمريكي البارز، فإن ما بين 70 ألف شخص و90 ألفا من تتار القرم ماتوا أثناء ترحيلهم، أو في السنوات الأولى من نفيهم إلى آسيا الوسطى وجبال الأورال، وهو ما يكفي لوصف وحشية ستالين بأنها "إبادة ثقافية". وقد ذكر ميخائيل غورباتشوف، القائد السوفياتي الإصلاحي (1985 ـ 1991) في مذكراته أن المستوطنات التي نُفي إليها تتار القرم "كانت تدار مثل معسكرات الاعتقال".

وبعد الحرب العالمية الثانية أعيد توطين الروس والفلاحين الناطقين باللغة الروسية في أراضي تتار القرم، وهم مسلمون سنة يتحدثون اللغة التركية كانوا تحت حكم الخانات (جمع خان وهو لقب للحاكم المغولي) من عام 1441 إلى عام 1774. وشكلت عودتهم بصورة كاملة الخصائص الإثنية لشبه الجزيرة. وبحلول عام 1991 كان نحو أربعة من كل خمسة من السكان الذين يعيشون في القرم من الإثنية الروسية، أو من المتحدثين باللغة الروسية. وكانت الخلافات على العقارات بين المتحدثين بالروسية والعائدين من تتار القرم من بين أسباب العداوة المستمرة بينهما حتى اليوم.

ولم تكن عودة تتار القرم إلى شبه الجزيرة مسألة سهلة، فهم يشكلون الآن 13 في المائة من السكان البالغ عددهم مليوني نسمة. وقد نظموا مطالب جماعية في الستينيات ونفذوا اعتصامات في الساحة الحمراء في موسكو عام 1987، وكانوا يهتفون بعبارة "الوطن أو الموت"، لكنهم لم يحصلوا على شيء يذكر. ويعود تفسير ما حدث إلى نقطة التحول الثالثة للقرم، وهي قرار خروتشوف بتحويل شبه الجزيرة من روسيا إلى أوكرانيا، واعتبارها "هدية" من روسيا في ذكرى مرور 300 سنة على معاهدة بيرياسلاف التي عقدت في عام 1654. وفي أعين الروس يعتبر تاريخ هذه المعاهدة هو اللحظة التي تم فيها ختم المصير المشترك بين أوكرانيا وروسيا.

بدا الإجراء الذي اتخذه خروتشوف في عام 1954 قليل الأهمية، لكنه جعل كلا من روسيا وأوكرانيا جزءاً من الدكتاتورية المركزية الصلبة للحزب الواحد. ويشير الأرشيف السوفياتي إلى أن خروتشوف كان يعرف تماماً ما يفعله، وأنه حتى فكر في الإقدام على هذا التحرك في عام 1944.

وكان هذا التحويل جهداً واضحاً لكسب ولاء الأوكرانيين الذين عانوا في الثلاثينيات جوعا جماعيا ورعبا على يد ستالين والموالين له، ومنهم خروتشوف، وهو ابن فلاح جاء من أبوين من أصل مختلط روسي وأوكراني. ولم يكن الأوكرانيون في أوائل الخمسينيات منسجمين تماماً مع الحكم السوفياتي ـ وما كسبته القيادة الروسية من إسعاد الأوكرانيين خسرته باستعداء الروس.

ولو أخذنا في الحسبان محاضر اجتماع عقده قادة الحزب الشيوعي في تموز (يوليو) 1987 وحضره غورباتشوف، نجد هذا الأخير يقول لزملائه: "على الأرجح، ومن وجهة نظر تاريخية، من الصواب إعادة القرم إلى روسيا. لكن أوكرانيا ستتمرد على ذلك".

وفي استفتاء أجري في أوكرانيا عام 1991 حول الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي، كان عدد الأصوات التي تقول نعم في سيفاستوبول ومنطقة القرم هو الأقل في كل أوكرانيا، إذ بلغ 57 في المائة و54 في المائة على التوالي، مقابل المعدل الوطني من أوكرانيا وصل إلى 92 في المائة. ومع ذلك، كان يمكن لهذه الأغلبية أن تكون أعلى لو تمكن تتار القرم الذين لم يكونوا قد عادوا بعد إلى موطنهم من الإدلاء بأصواتهم.

وما أظهره هذا الاستفتاء هو أن كثيراً من الروس في القرم كانوا راغبين بمساندة استقلال أوكرانيا طالما عملت الدولة الجديدة على حماية حقوقهم اللغوية وهوياتهم. وكان ذلك صحيحاً في كثير من مناطق القرم ـ بالرغم من أنه كان أقل في سيفاستوبول ـ قبل تدخل بوتين العسكري.

وظهر الانفصاليون المؤيدون لروسيا في التسعينيات تحت القيادة المتقلبة ليوري ميسخوف، الانفصالي العنيد، الذي تلقى دعماً مالياً من يوري لوزخوف، عمدة موسكو القوي في ذلك الوقت. ومع ذلك اكتفى الرئيس الروسي آنئذ، بوريس يلتسين، باتفاقية عام 1997 التي فوضت فيها أوكرانيا أسطول البحر الأسود الروسي بالبقاء في القرم حتى عام 2017، وهو ترتيب مدده فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني المعزول المؤيد للروس، في عام 2010، لينتهي في عام 2042.

ويقول جيم هوغس، الأستاذ في السياسة المقارنة في كلية لندن للاقتصاد: "أعطى يلتسين الأولوية للعلاقات الجيدة مع أوكرانيا وإنجاز صفقة أسطول البحر الأسود. كانت ذروة نشاط الحركة الانفصالية للإثنية الروسية في القرم في عام 1995، ثم سقطت في الفوضى في غياب الدعم الروسي المناسب". والآن عاد الانفصاليون بمنتهى القوة والحماس، وهم مستعدون للفعل، إذا دعت الحاجة، بأمر من بوتين. وسيؤدي قراره إلى كتابة الفصل التالي في تاريخ القرم المضطرب.

( فايننشال تايمز 10/3/2014 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد