مصارف الظل في الصين تحيي ذكرى مؤلمة
بمزيج من الارتياح والقلق، تم استقبال قرار في أواخر كانون الثاني (يناير)، بالحؤول دون إعسار المنتج الاستثماري الذي وزعه أكبر بنك في الصين، وهو بنك الصين الصناعي التجاري.
في مذكرة للعملاء، كتب هايبين تشو، الاقتصادي في بنك جيه بي مورجان "إن مصدر القلق هو أنه في حالة الإعسار، يمكن أن ينسحب المستثمرون وأن يضعوا سوق مصارف الظل بكاملها في أزمة ائتمان نتيجة لخروج السيولة. على أن الإعسار الذي تتم إدارته جيداً قد يكون خطوة إيجابية لصناعة مصارف الظل في الصين".
أضاف تشو أن "النمو البطيء يجعل الإعسار أقوى احتمالاً هذا العام في عالم شركات الائتمان المذكورة، التي تخضع لقوانين تنظيمية خفيفة، التي جاءت بمثل هذه الاستثمارات للالتفاف حول معدلات العوائد المنخفضة بشكل مصطنع في الصين بالنسبة للمدخرين".
وقال في مذكرته: "هذا من شأنه المساعدة على استعادة انضباط السوق والتخفيف من مشكلة الخطر الأخلاقي".
إذا فشلت السلطات في التصرف، فستستمر المنتجات الاستثمارية هذه في جذب الأموال من الأُسر الساعية بقوة، لتحقيق عوائد أفضل من تلك التي تحصل عليها حالياً من ودائعهم.
من ثم ستتدفق هذه الأموال إلى مجالات مثل التطوير العقاري حيث السلطات قلقة من أن الأسعار في ذلك القطاع، هي في الأصل مرتفعة فوق الحد بالنسبة للناس العاديين.
إن إمكانية حدوث عجز من جهة وفقاعة من جهة أخرى قد يُهدد الاستقرار الاجتماعي، وهو أكبر كابوس متكرر في بكين. مع ذلك، لن يكون الإعسار أمراً غير مسبوق.
في عام 1998، وفي حادثة لا تُذكر إلا قليلاً، لكن فيها ما يشبه الوضع الحالي في الصين، قرر رئيس الوزراء في ذلك الوقت، تشو رونج جي، إغلاق شركة جوانجدونج للاستثمار والائتمان الدولية.
كانت شركة جوانجدونج في ذلك الوقت الواجهة الأكثر جموحاً في ذلك الجيل من بنوك الظل، حيث كانت تجمع الأموال من المستثمرين لشراء العقارات وأي شيء آخر يُثير اهتمامها.
أصبحت شركة جوانجدونج أول عملية إفلاس رسمية لمؤسسة مالية صينية كبرى، نتيجة لعدم قدرتها على سداد قرض بقيمة 120 مليون دولار لأحد المصارف الأجنبية. وأعقب انهيارها بدوره انهيار مئات من شركات الائتمان الأخرى.
عندما تم استدعاء شركة المحاسبة "كي بي إم جي" في البداية للتدقيق من أجل تحديد حجم مطلوبات شركة جوانجدونج، وجدت أصولاً بقيمة 2.6 مليار دولار وديوناً بقيمة 4.4 مليار دولار.
على الرغم من ذلك، أعطت وكالة التصنيف ستاندرد آند بورز المجموعة أعلى تصنيف في المرتبة الاستثمارية على قدم المساواة، مع تصنيف وزارة المالية الصينية. واتخذ تشو القرار شخصياً لاستدعاء شركة محاسبة أجنبية، بسبب الإحباط من الأرقام التي حصل عليها من مدققي الحسابات في الصين، وذلك وفقاً لكارل والتر وفريجر هاوي، مؤلفي الكتاب المنشور في 2010 بعنوان "الرأسمالية الحمراء"، وهو وصفهما لطريقة عمل الأسواق المالية الصينية.
في سياق الإجراءات القضائية على مدى الأعوام الأربعة التالية، قدم الدائنون مطالبات بقيمة 5.6 مليار دولار، من ضمنها 4.7 مليار دولار من مصارف أجنبية. في النهاية، كان معدل الاسترداد مجرد 12.5 سنت لكل دولار.
وقال المؤلفان "إن حجم الفشل كان يخطف الأنفاس، ودعا ذلك للتشكيك في التزام بكين، وحتى التشكيك في قدرتها على الوقوف وراء مؤسساتها المالية الأكثر أهمية".
في ذلك الوقت كانت احتياطات الصين من النقد الأجنبي مجرد 145 مليار دولار، وتقريباً نفس القدر من الديون الأجنبية، في مقابل الاحتياطات الضخمة اليوم البالغة 3.8 تريليون دولار.
مع ذلك، أوضح تشو أن القرار بعدم إنقاذ الدائنين كان يعكس عدم وجود رغبة بتسوية أوضاع المصارف والجهات المقرضة، أكثر من كونه عدم القدرة على القيام بذلك. وقال في ذلك الوقت "نحن قادرون تماماً على السداد، القضية هي ما إذا كان ينبغي على الحكومة سداد هذا النوع من الديون".
اليوم، يثار نفس النوع من الأسئلة فيما يتعلق بالجيل الحالي من مصارف الظل. والموضوع مرة أخرى هو ما إذا كان ينبغي على الحكومة تعويض الدائنين والمستثمرين عندما تسوء منتجات مصارف الظل وشركات الائتمان المذكورة، أو يتم التعويض أصلاً.
على أن المشكلة اليوم، أكبر بكثير، وهناك أمور أكبر بكثير موجودة على المحك. هذه المرة، المواطنون الصينيون هم من سيتحمل الخسائر وليس المقرضين الأجانب.
يقول والتر في وصفه قطاع مصارف الظل اليوم "في هذه اللحظة، بنك الشعب الصيني يدعم كل شيء". وأضاف مشيراً إلى المثل الصيني الذي يقول "إن من الضروري أن تقتل دجاجة لإخافة القرود"، "عليهم القضاء على عدد قليل، وهم على استعداد لذلك".
إن ما تقوم أو لا تقوم به الصين اليوم هو ذو أهمية للعالم أكثر بكثير مما قامت به قبل 15 عاماً، فبعد الأزمة المالية العالمية، ارتفع إجمالي ائتمان الصين، من المصارف وغير المصارف على حد سواء، ليمثل 180 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
بيد أن الوضع الآن هو أن الصين تحاول كبح جماح نمو ائتمانها المنفلت من عقاله. ذلك يعني أن تكاليف رأس المال في الصين ومن الصين إلى المقترضين عالمياً، سيكون مصيرها الارتفاع، وهذا يزيد الضغط العالمي على السيولة.
( فايننشال تايمز 7/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews