ماذا يجري في الأنبار ؟
بإمكان العراق أن ينجو من كبوته إن أراد ذلك وبسهولة ، ويقتصر الأمر على الإستجابة لمطالب ملايين العراقيين الذين اعتصموا طوال شهور بدون أن يستجاب لهم .
بإمكانه ذلك ، ولكن الأهداف مرسومة مسبقا في طهران ، ويتم تنفيذها من غرفة عمليات رئاسة الوزراء العراقية في بغداد .
لم يبق من أحد أو دولة إلا وامتطت ظهور الإسلاميين المتطرفين لتنفيذ سياستها ومراميها في مشارق الأرض ومغاربها ، وها هو العراق ، الذي ليس بدعا من الدول ، يمتطيها هو الآخر ، ويتجيش لقتل " داعش " الإرهابية ، وبدلا من ذلك يستخدم " التقية " ويفض اعتصام أهل الأنبار بالقوة ، مما نتج عنه ما ترون .
كان رأس داعش مطلوبا ولا زال ، بسبب جرائمها في قتل الأبرياء ، وانغماسها في الدم والخطايا ، وبدلا من أن يتحد الجميع لقتالها والقضاء عليها تشرع لها أبواب الذريعة تلو الذريعة ، فتتقدم لنجدة أهل الأنبار ، كما تحاول أن تصور ، بينما هي من تقتلهم من خلال فرق ما تسمى " صياديو الصحوات " حيث ذبحت العشرات من ابناء السنة بذريعة أنهم " صحوات مرتدة " الأمر الذي جعل جميع العشائر تخافها ولا ترغب في أي تعاون معها حتى لو رفعت لواء أهل السنة بهتانا وزورا ، في نفس الوقت الذي رفضت فيه عشائر كثيرة الإلتحاق بالصحوات لكون أفراد داعش ينتمون لعشائر عراقية كبرى .
لقد أمعنت الحكومة العراقية بقيادة المالكي في تجاهل مطالب المعتصمين ، وبات هؤلاء سلما امتطته داعش التي اعتبرت اعتصامهم مظلمة يجب الإنتصار لها ، فأوغلوا في دماء الأبرياء العراقيين من النساء والأطفال والشيوخ ، في محاولة لتفجير حرب طائفية معلنة ومفتوحة مع أهل السنة ، وهو ما أعلنته القاعدة سابقا ، وفي المقابل تصرف المالكي نفس تصرف داعش ، وتجاهل المطالب العادلة التي نادت بها العشائر وعموم أهل السنة ، ليمتطي هو الآخر نفس السلم ، ولكن بمسميات أخرى .
لقد استغل المالكي إجرام داعش ، واستغلت داعش أهداف المالكي فازدادت قوتها ، وارتفع قبول خطابها ، وفي المقابل ازداد إيغاله في مخططه ، وانكشف أمره بعد أن أعلن انسحاب قواته من الأنبار ، مع أنها في حقيقة الأمر لم تنسحب خطوة واحدة ، إلى أن أجبرها ثوار العشائر على الفرار تحت ضرباتهم .
ولكي ينجو العراق من فتنة لا بد آتية : فإن على حكومته إثبات أنها لا تسعى للتقسيم الذي نادت به أحزاب شيعية بداية الإحتلال الأمريكي ، وإن عليها أن تكف يدها عن أهل السنة في العراق ، ولكن هذا من سابع المستحيلات .. لماذا ؟ .. .
لأن المشروع هو ذات المشروع الذي تناولته في مقالتي السابقة ، وما قلت الذي قلت في هذه العجالة ، إلا لأبين بأن المشروع الشيعي تخطى الجغرافيا السورية واللبنانية وبات واضحا فيهما وضوح الشمس ، وها هو برئيس وزراء العراق ، نوري المالكي ، رجل إيران الأمين ، تبدأ أولى خطواته " العملية " في الأنبار ، ليكتمل المخطط في هيمنة إيرانية صفوية مطلقة على المنطقة وأقطارها ، فتعود سيرة الغساسنة في الشام ، والمناذرة في العراق .
لنقرأ الأحداث جيدا ، ولكن قبل قراءة الأحداث ، علينا قراءة التاريخ أولا ، وفي غمرة قراءتنا لصفحاته لا يجب أن ننسى " ذي قار " وهانئ بن مسعود !.
د . فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews