الشراكة الاقتصادية الخليجية - الإفريقية
اقتضى الصواب بعدم اعتبار استضافة الكويت للنسخة الثالثة للقمة العربية - الإفريقية حدثا عابرا بالنظر لعقدها للمرة الأولى في دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي. حقيقة القول، يعد التطور دليلا ماديا على رغبة دول مجلس التعاون الخليجي بتعزيز علاقاتها مع القارة السمراء على شتى المستويات بما فيها الاقتصادية.
بالعودة للوراء؛ استضافت مدينة سرت الليبية النسخة الثانية من القمة في نهاية 2010 أي قبل فترة وجيزة على بدء مسيرة الربيع العربي. ومن عجائب القدر، لم يستطع الزعيم الليبي المعمر القذافي الصمود أمام أمواج الربيع العربي.
من الأمور اللافتة في المؤتمر تبني شعار يعكس ما يشاع بأن العالم قرية. الشعار عبارة عن (شركاء في التنمية والاستثمار). وكان لافتا ترجمة أمير الكويت لهذه المقولة ربما بصفته مستضيف القمة، عبر الإعلان عن تأسيس صندوق خاص بقيمة مليار دولار يقدم قروضا ميسرة لمدة 5 سنوات.
الدول الإفريقية بشكل عام بحاجة لاستثمارات في مجال الطاقة وتطوير البنية التحتية بما في ذلك شبكات الطرق والكهرباء إضافة إلى تعزيز قدرات القطاع الزراعي، وربما تحتاج القارة لنحو 30 مليار دولار سنويا لتطوير قطاعي الطاقة والكهرباء على وجه الخصوص.
تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي الثروات والإمكانات والقدرات الضرورية لتطوير القطاع النفطي بشكل محدد بالنظر لخبرتها الواسعة في هذا المجال، تعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط الخام، كما تتمتع قطر بدور رئيسي على مستوى العالم فيما يخص إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال.
يعتقد بأن قارة إفريقيا تسيطر على 12 في المائة من احتياطي النفط الخام المكتشف، لكن توجد حاجة للاستثمار في هذا القطاع من أجل الاستفادة من النفط بصورة تجارية.
فيما يخص الإمكانات المالية لدول مجلس التعاون، فحسب، تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي الست بصورة مجتمعة نحو 1800 مليار دولار، هذا ما كشفه تقرير حديث منشور بواسطة معهد الثروات السيادية وهي جهة تتمتع بصيت في هذا المجال، يعد هذه الرقم ضخما كونه يشكل قرابة 35 في المائة من قيمة الثروات السيادية على مستوى العالم، تزيد قيمة الثروة السيادية التابعة للإمارات وحدها على 800 مليار دولار.
ترغب الدول الإفريقية في توظيف بعض الاستثمارات الخليجية في تطوير البنية التحتية، خصوصا قطاعي الاتصالات والزراعة. وهي غير ملامة في ذلك، وهذا ما يتحقق فعلا على أرض الواقع. تشكل البنية التحتية حجر الزاوية في العملية التنموية، فوجود شبكة عصرية من الطرق مسألة جوهرية.
ترغب الدول الإفريقية باستقطاب الاستثمارات الخليجية في تطوير القطاع الزراعي مستفيدة من رغبة دول مجلس التعاون في تأمين وتوسيع مصادر تمويل المنتجات الزراعية.. على سبيل المثال؛ لدى الإمارات مشروع لتطوير 70 ألف فدان في السودان لغرض تنفيذ مشاريع زراعية بواسطة التقنية الحديثة. يعتبر السودان من أفضل البلدان في مجال الاستثمار الزراعي لأسباب لها علاقة بالتربة والمياه للاستثمار الزراعي لكن بشرط الاستفادة من الإمكانات المتوافرة.
وفيما يخص قطاع الاتصالات، تلعب شركات الاتصالات الخليجية مثل (اتصالات) الإماراتية دورا لافتا في قطاع الاتصالات في بعض الدول الإفريقية مثل مصر والسودان وتنزانيا. وللتأكيد على ربحية الاستثمار في مجال الاتصالات في إفريقيا، قد أقدمت شركة (زين) الكويتية في العام 2010 على بيع أصول تابعة لها في 15 دول إفريقية على شركة (بهارتي أيرتل) الهندية بقيمة 10 مليارات دولار.
المأمول من وراء اجتماع الكويت واجتماعات لاحقة تمهيد الطريق أمام إمكانية تأسيس سوق مشتركة بين الدول العربية والإفريقية تخدم في المجموع 1200 مليار فرد.
على المستوى الخليجي؛ توجد فرصة للاستفادة من دفع اجتماع الكويت لتطوير العلاقة التجارية مع أحد كيانات القارة الإفريقية. وكانت المنظومة الخليجية قد وقعت في العام 2010 على مذكرة تفاهم مع منظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا المعروفة اختصارا باسم (الكوميسا) بهدف تعزيز مستويات الشراكة بين الجانبين.
خلافا لمجلس التعاون الخليجي الذي يقتصر عدد أعضائها على ست دول، وهي السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، عمان، والبحرين، تضم منظمة الكوميسا 19 دولة تقع في شرق وجنوب القارة وهي:
مصر، السودان، ليبيا، جيبوتي، وإثيوبيا، كينيا، وأوغندا، الكونغو الديمقراطية، زامبيا، زيمبابوي، رواندا، ومدغشقر، مالاوي، بورندي، إريتريا، تنزانيا، جزر السيشل، جزر القمر، وسوازيلاند.
تبلغ مساحة الدول الأعضاء في الكوميسا نحو 12 مليون كيلو متر مربع. أي 40 في المائة من مساحة قارة إفريقيا بما في ذلك جزرها الأمر الذي يعكس جانبا من الأهمية الاقتصادية لهذا الكيان فيما يخص التعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي.
الأمل كبير بتحويل مذكرة التفاهم إلى اتفاقية تجارة تخدم التطلعات التجارية للطرفين بغرض المساهمة في التكامل الاقتصادي. ومن شأن هذه الخطوة إفساح المجال بشكل أفضل لتحقيق مبتغى التوصل لاتفاقية تجارية شاملة تشمل جميع الدول العربية والإفريقية. المطلوب الاستفادة من عامل الجغرافيا حيث القرب النسبي بين العديد من الدول الإفريقية خصوصا تلك الواقعة في شرق القارة مع مجلس التعاون الخليجي.
( الشرق 3/12/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews