النفط الخفيف من الصخر الزيتي لن يقلل من أهمية نفط الشرق الأوسط
نشرت وكالة الطاقة الدولية IEA يوم الثلاثاء 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 تقريرها السنوي عن ''توقعات الطاقة العالمية على المديين المتوسط والطويل. الآفاق المستقبلية الجديدة للوكالة توفر توقعات للعرض والطلب على الطاقة حتى عام 2035.
أشار تقرير وكالة الطاقة الدولية الجديد إلى أن التقدم التكنولوجي وأسعار النفط العالية أفسحا المجال أمام موارد نفطية جديدة، لكنه في الوقت نفسه حذر من أن هذا لا يعني أن العالم على شفا عصر ''وفرة النفط''. حيث يضيف التقرير أنه على الرغم من أن ارتفاع إنتاج النفط من أمريكا الشمالية والبرازيل قد يقلل إلى حد ما من دور دول منظمة أوبك على مدى العقد المقبل، إلا أن الشرق الأوسط، الذي هو المصدر الوحيد الكبير لموارد النفط الواطئة التكلفة، سيستعيد دوره قبل منتصف العقد المقبل بوصفه مصدرا رئيسا لنمو إمدادات النفط العالمية. في هذا الجانب يشير التقرير إلى أنه بسبب محدودية موارد الصخر الزيتي في الولايات المتحدة والتحديات الكبيرة التي يواجها، الإنتاج من هذه الموارد لن يستمر في الارتفاع، بل سيستقر بحلول عام 2020 ويبدأ من ثم في الانخفاض، عندها ستكون هناك هيمنة مطلقة لنفط الشرق الأوسط، حيث إن المنطقة ستبقى قلب الصناعة النفطية العالمية لسنين طويلة قادمة.
هذا وقد ركز تقرير وكالة الطاقة الدولية على أهمية التكنولوجيا في فتح آفاق جديدة لتطوير أنواع جديدة من موارد الطاقة، مثل حقول المياه العميقة والنفط الخفيف من طبقات الرمال المحكمة Tight Oil والصخر الزيتي shale oil، التي كانت حتى وقت قريب من الصعب جدا أو مكلفا تطويرها. على الرغم من فتح هذه الموارد الجديدة أمام شركات النفط العالمية، إلا أن شركات النفط الوطنية والحكومات لا تزال تسيطر على 80 في المائة من احتياطيات النفط المؤكدة والمحتملة في العالم، حسب التقرير.
بموجب السيناريو المركزي ''سيناريو السياسات الجديدة'' يتوقع تقرير الوكالة ارتفاعا طفيفا في إنتاج دول منظمة أوبك من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي بنحو 0.2 مليون برميل في اليوم إلى 37.8 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020، من 37.6 مليون برميل في اليوم في عام 2012. لكن على المدى الطويل، يتوقع التقرير تسارع إنتاج منظمة أوبك من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي بعد عام 2020، ليصل إلى 45.2 مليون برميل في اليوم في عام 2035، حينها سيصل الإنتاج السعودي إلى 12.2 مليون برميل في اليوم، ويصبح العراق ثاني أكبر بلد مصدر للنفط خلال هذه الفترة متجاوزا روسيا. يشير التقرير أيضا إلى تحول كبير في ميزان التجارة العالمية ومركز القوى الجيوسياسية، حيث إن 90 في المائة من صادرات نفط منطقة الشرق الأوسط ستتجه إلى آسيا بحلول 2035، مقارنة بـ 50 في المائة حاليا.
أما بخصوص الطلب العالمي على النفط فيتوقع السيناريو المركزي تراجع وتيرة نمو الطلب على النفط بشكل مطرد، من مليون برميل في اليوم في المتوسط حتى عام 2020 إلى فقط 400 ألف برميل في اليوم بعد ذلك، حيث إن ارتفاع أسعار النفط سيشجع على تحسين الكفاءة والتحول إلى استخدام أنواع بديلة من الوقود، وتسارع الانخفاض في استهلاك النفط في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي. التحول في ميزان استهلاك النفط نحو آسيا والشرق الأوسط سيرافقه استمرار بناء طاقات جديدة من المصافي في هذه المناطق. لكن، في كثير من دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي، انخفاض الطلب على النفط سيكثف من الضغوط على صناعة التكرير، في هذا الجانب يشير التقرير إلى أنه في الفترة إلى عام 2035 هناك تقريبا عشرة ملايين برميل في اليوم من طاقات التكرير العالمية في خطر من انخفاض معدلات التشغيل أو الإغلاق، بشكل خاص في أوروبا.
بخصوص الطاقة بشكل عام، يتوقع ''سيناريو السياسات الجديدة'' للتقرير ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة بمقدار الثلث في الفترة حتى عام 2035. هذا السيناريو يأخذ في الاعتبار التزامات السياسات العامة والخطط التي تم الإعلان عنها من قبل البلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك التعهدات الوطنية للحد من انبعاث الغازات الدفيئة والإلغاء التدريجي لإعانات الوقود الأحفوري والطاقة، حتى في حال لم يتم بعد تحديد أو إعلان التدابير اللازمة لتنفيذ هذه الالتزامات. يتوقع السيناريو أيضا تسارع تحول الطلب العالمي على الطاقة إلى آسيا، لكن الصين ستتراجع عن موقع الصدارة خلال العقد القادم، حيث إن الهند ودولا أخرى في جنوب شرق آسيا ستأخذ بزمام المبادرة في قيادة الارتفاع في استهلاك الطاقة. الشرق الأوسط سيتحرك أيضا إلى مركز الصدارة باعتباره مستهلكا للطاقة، حيث ستصبح المنطقة ثاني أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في العالم بحلول عام 2020 وثالث أكبر مستهلك للنفط على مستوى العالم بحلول عام 2030، معيدة بذلك تحديد دورها في أسواق الطاقة العالمية.
الطلب على الطاقة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي بالكاد سيرتفع، وبحلول عام 2035 يتوقع التقرير أن يكون أقل من نصف نظيره في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي. مصادر الطاقة المنخفضة الكربون من المتوقع أن تلبي نحو 40 في المائة من النمو في الطلب العالمي على الطاقة. في بعض المناطق، التوسع السريع في طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية يثير تساؤلات جوهرية حول وضع أسواق الطاقة وقدرتها على ضمان استمرار الاستثمار الكافي والموثوقية على المدى الطويل.
إن عالم الطاقة سيشهد ظهور متغيرات كبيرة استجابةً للتحولات في النمو الاقتصادي، الجهود المبذولة في إزالة الكربون والاختراقات التكنولوجية. في هذا الجانب يتوقع التقرير قدرة العالم على التعامل مع مثل هذه المتغيرات الكبيرة في أسواق الطاقة.
توفير الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها عنصر مهم وحاسم للرفاه الاقتصادي والقدرة على المنافسة. في الوقت الحاضر يتداول الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بثلث أسعار واردات الغاز إلى أوروبا وبخمس اليابانية. المستهلكون في القطاع الصناعي الياباني والأوروبي يدفعون في المتوسط أكثر من ضعف أسعار كهرباء نظرائهم في الولايات المتحدة، حتى قطاع الصناعة الصيني يدفع تقريبا ضعف مستوى الولايات المتحدة. في هذا الجانب يتوقع التقرير استمرار الاختلافات الكبيرة في أسعار الطاقة حتى عام 2035، هذا بدوره سيؤثر في استراتيجيات الشركات وفي قرارات الاستثمار للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. انخفاض أسعار الطاقة في الولايات المتحدة يعني أنها في وضع جيد لجني ميزة اقتصادية، في حين أن ارتفاع تكاليف الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في أوروبا واليابان سيكون عبئا ثقيلا. من بين الخيارات التي قدمها التقرير لصانعي القرار للتخفيف من أعباء ارتفاع أسعار الطاقة، التركيز على أهمية كفاءة الطاقة.
( الاقتصادية 28/11/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews