رئاسة أوباما تواجه خطر العجز والفشل الدائم
يجدر بأي شخص يتعجب من مدى ردود الأفعال المناوئة للرئيس أوباما أن ينظر إلى أثرها في سباق الرئاسة الأمريكية الذي سيجرى عام 2016. فكلا الحزبين يبحث الآن عن مرشحين يمتلكون خبرة تنفيذية أصيلة، وتمتلئ قائمة الجمهوريين الراغبين في الترشح بحكام الولايات الموجودين في مناصبهم حاليا، بينما تتركز آمال الديمقراطيين بشكل رئيسي على هيلاري كلينتون. وفي حال دخلت إليزابيث وارين، السيناتورة الجمهورية المحبوبة، من ولاية ماساتشيوستس، المعركة فسيكون رد هيلاري سريعاً وسهلاً: ستقول إنها لا تملك خبرة حاكم ولاية ونحن جميعاً نعرف مخاطر ذلك.
وعلى الرغم من إنجازه عددا من السياسات المؤثرة، إلا أن صعوبات أوباما بدأت تسبب له أنواعاً جديدة من المشاكل التي تجعله يتصبب عرقا، خجلاً من ذلك. وتأتي قوة الرئاسة الأمريكية بشكل كبير من صدقية شاغل المنصب.
وأصبحت الثقة بكفاءة أوباما سلبية بالفعل وبدأت الشكوك الآن تتسع لتشمل نزاهته الشخصية. ويُخبر أغلب الأمريكيين مستطلعي الرأي بأنهم لم يعودوا يصدقون أنه يقول الحقيقة دائماً. ولو كان أوباما رئيساً في نظام آخر، لأصبح مضطراً لمواجهة تحديات لقيادته تتطلب منه إيقافها عند حدها، أو مواجهة انتخابات مفاجئة وسريعة. وبما أن الدستور الأمريكي يخلو من مثل هذه القوانين، أصبح أوباما واقعاً في خطر البقاء عاجزاً وفاشلاً بشكل دائم.
هل أصبح الوقت متأخراً لوقف حدوث ذلك؟ الإجابة الفنية على هذا بشكل واضح، لا. إذا كانت ثلاث سنوات كافية لتتكلم اللغة الصينية، أو تتدرب لتصبح معلماً، فيجب أن تكون أيضاً كافية لتتعلم كيف تحكم بشكل أفضل. لكن مشكلات أوباما تنشأ بالدرجة الأولى من ميله إلى المبالغة في دوره السياسي أكثر من افتقاره إلى الوقت الكافي. وفشله في الاستجابة بمهارة للمشاكل المحيطة بقانون الرعاية الصحية الميسرة يبين الصعوبات التي يواجهها في مقاومة غرائزه الانتخابية، حتى لو اعتمدت رئاسته على ذلك.
استمر أوباما يعد بالكثير من قانون إصلاح الرعاية الصحية، أكثر مما يمكن أن يقدمه إصلاح هذا القانون. إضافة إلى ذلك أصبح ملايين الأمريكيين الذين أخبرهم أوباما أن بإمكانهم الاحتفاظ بتأمينهم الصحي الذي بحوزتهم، إن رغبوا بذلك، يعرفون إنه غير صادق في هذا التعهد. فقد قال أوباما إن القانون سيتوسع ليشمل تغطية واحد من كل ستة أمريكيين غير مشمولين بالتأمين الصحي الآن، وإنه سيقلل من تكلفة التأمين على الخمسة الآخرين ويحسن من تقديم الخدمة للستة مجتمعين.
كان يجب افتراض وجود شكوك منذ البداية حول قدراته على توفير ذلك للجميع، وفي الوقت نفسه بنوعية أعلى وتكلفة أقل. والشيء الوحيد الذي يمكن أن يحققه ذلك هو ضوابط الأسعار والمخصصات العامة، وهي الأشياء التي رفضها منذ البداية.
وبعد أربع سنوات من رئاسته، ما زال أوباما يوزع وعوداً رعناء لا نهاية لها. ففي يوم الخميس الماضي أبلغ الأمريكيين الذين فقدوا بوالص تأمينهم الحالية أن بإمكانهم استعادتها مرة أخرى إذا كانوا راغبين. نسي الرجوع إلى المنظمين في الولايات الـ 50 الذين يديرون القانون وكذلك شركات التأمين، وهي الجهات الأساسية في هذا الشأن.
كذلك تجاهل أوباما التعلم من دروس رئاسته، التي تبين خطر التعامل مع الخطابات باعتبارها سبيلاً للحكم. لكنه بدلاً من ذلك أعلن شيئاً مُسَكِّناً في المدى القريب. قيل لحاملي البوالص إنه في حال عدم التمكن من استعادة بوالص التأمين التي فقدوها، فعليهم أن يلوموا شركات التأمين وليس البيت الأبيض. لكن من المتوقع أن يرتد هذا التحول الأخير إلى نحره، لأنه سيحتاج إلى تعاون كامل من الصناعة كي يتمكن من وضع برنامج إصلاح الرعاية الصحية في مساره الصحيح.
وبدأت عدوى المشكلات في الانتشار لتصيب حزبه نفسه. وبدأ الديمقراطيون الابتعاد عن سياسة حزبهم بأعداد متزايدة، خوفاً من فقدان مقاعدهم في العام المقبل بسبب مجال من القضايا تراوح بين الشرق الأوسط وبرنامج الرعاية الصحية. مثلاً، انضم 39 ديمقراطياً إلى الجمهوريين أثناء التصويت على تعليق جزء كبير مهم من القانون. ويخطط عدد آخر لخطوة مماثلة في مجلس الشيوخ. وحتى وقت قريب كانت لدى أوباما فرصة معقولة لتمرير إصلاحات كبيرة على قانون الهجرة هذه السنة. وأقر مجلس الشيوخ في الصيف الماضي اقتراحا خاصاً بذلك، ما سبب هيجاناً في مجلس النواب. لكن جون بونر، رئيس المجلس، وضع في الأسبوع الماضي نهاية لهذه الآمال، حين قال لن يحدث شيء في عام 2013. واحتمالات إدخال إصلاحات قبل الانتخابات التي تُجرى في منتصف العام المقبل ستكون ضئيلة.
كذلك أخذت الأجندة التجارية لأوباما تبدو محفوفة بالمخاطر حين تقترب المبادرتان اللتان تقدم بهما من اللحظات الحاسمة. ومقدرته على انتزاع التنازلات من شركائه في المحيط الهادئ وأوروبا ستتوقف على ما إذا كان الكونجرس سيعطيه سلطة التفاوض على المسار السريع، وهو ما يمكن أن يسمح له بتقديم أية صفقة من أجل التصويت المباشر عليها بالإيجاب أو الرفض. وفي الوقت الحاضر تتناقص احتمالات أن يمنحه الكونجرس ذلك التفويض – وأقوى خصومه هم الديمقراطيون. وينطبق الشيء نفسه على الآمال في التوصل إلى اتفاق مرحلي معقول مع إيران عندما تُتسأنَف المحادثات في جنيف هذا الأسبوع. وهكذا ما من موضوع كبير، خارجياً كان أو محليا، يمكن أن يتعهد أوباما بتحقيقه على نحو موثوق، خصوصا أن الكونجرس يتحرق الآن شوقاً للإطاحة بالمواضيع.
إذا كان هذا يبدو في غاية الكآبة، فلننظر إلى سجل أوباما في ولايته الثانية حتى الآن. فباستثناء أنه استطاع التغلب على الجمهوريين في الشهر الماضي بخصوص التهديد بالإعسار، تعثر تقريباً عند كل خطوة أخرى. فقد استهل هذا العام بمحاولات لفرض قيود أكثر صرامة على الذين يشترون البنادق والأسلحة، بعد مذبحة 20 طفلاً في إحدى مدارس كونيتكت. وحين بدأت المبادرة بالتعثر، وضع أوباما سلطته على الخط. وهُزِم مشروع القانون. وأصبحت الأمور تقريباً على هذا المنوال منذ ذلك الحين، من طلبه تفويضا بتوجيه ضربة إلى سورية، إلى آفاق التوصل إلى صفقة بخصوص المالية العامة. أما الحديث عن مبادرة حول التغيرات المناخية فقد أصبح من الذكريات.
وليس هناك سبب يذكر للثقة بأن قوة أوباما ستندفع بصورة حادة من الحضيض الذي توجد فيه. وذات مرة لخص الشاعر روبرت فروست في كلمتين ما تعلمه من الحياة : ''إنها تستمر''. وفي الوقت الحاضر يبدو أن هذا التلخيص هو أفضل ما يمكننا التنبؤ به حول رئاسة أوباما.
( المصدر : فاينانشال تايمز 2013-11-20 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews