صواب موقف السعودية إزاء السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
في عام 1945، حين كان فرانكلين روزفلت عائداً من قمة يالطة مع ونستون تشرتشل وجوزيف ستالين، التقى بالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على ظهر سفينة حربية أمريكية، في منتصف الطريق نحو قناة السويس.
بعد أن انتهى من تسوية وضع أوروبا لما بعد الحرب العالمية الثانية، وضع روزفلت حجر الأساس للعلاقة مع الشرق الأوسط في فترة ما بعد الحرب: أن تضمن الولايات المتحدة استراتيجياً سلامة المملكة التي وحَّدها الملك قبل ذلك بفترة قريبة، مقابل أن يضمن السعوديون حرية تدفق النفط باتجاه الغرب، بأسعار معقولة. أين موضع هذه الصفقة في ظل التطورات الراهنة الآن؟
يساور السعودية غضب شديد من السلوك الأمريكي في الشرق الأوسط إلى درجة أنها اتخذت خطوة غير مسبوقة، برفضها المقعد المؤقت الذي تسعى الدول للحصول عليه، والذي انتُخِبت لشغله في مجلس الأمن.
الرسالة السعودية، التي كانت مدويّة على غير عادة الدبلوماسية السعودية التي تحرص على الهدوء، هي أن إدارة باراك أوباما لا يمكن الاعتماد عليها وتفتقر إلى الحسم، إلى درجة أن المملكة لا بد أن تبدأ البحث عن مكان آخر للعثور على حلفاء. لكن هذا ليس بالمسعى الحقيقي، فهو في الغالب مجرد ردة فعل تألم غير عادية؟
كانت هناك حالات من الخلاف السعودي الأمريكي من قبل. من بينها حظر تصدير النفط وصدمة الأسعار في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في 1973. ثم هناك التباعد والجفوة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2000، لكن العلاقة ظلت صامدة.
ما لا شك فيه على الإطلاق هو أن السعودية على حق بخصوص السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. كان أداء البيت الأبيض بخصوص سورية مزيجاً محيراً من ''الخربطة'' والسلبية المستهينة.
ولا شك أن عزوف أوباما عن معاقبة بشار الأسد على استخدامه غاز الأعصاب على المدنيين عمل على إنعاش نظام دمشق، وأحبط الروح المعنوية للثوار السوريين المعتدلين، وأعطى الصدقية للأفكار السامة للمتطرفين الجهاديين.
فضلاً عن ذلك، كانت إدارة أوباما حتى الآن وسيطاً غير شريف في المفاوضات غير المتكافئة بين إسرائيل والفلسطينيين، على نحو يفوق معظم الإدارات السابقة، بصرف النظر عن جهود وزير الخارجية جون كيري الرامية إلى إنعاش عملية السلام.
هل كان الموقف السعودي مدفوعاً فعلاً بسورية وفلسطين؟ أم هو الخوف من شيئين: التغير الفوضوي الناتج عن الجيشان الذي أثارته اليقظة العربية، وإمكانية التقارب بين أمريكا وإيران، بما يعني التسليم بسيطرة الأخيرة على الخليج؟
مباركة أوباما للإطاحة بحسني مبارك في مصر في 2011، وبدئه التعامل مع الإخوان المسلمين، دفعت الرياض إلى اعتبار أن أوباما صنيعة للتمرد، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
وحين أطاح العسكر في مصر بالإخوان المسلمين، تعهدت الرياض على الفور هي وحلفاؤها الخليجيون بتقديم أموال تبلغ تقريباً 10 أضعاف المساعدة الأمريكية السنوية لمصر، لكن ما لا شك فيه أن المخاوف السعودية تكمن في الإمكانية التي نشأت فجأةً: بحدوث انفراجة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران.
السعودية على حق فيما يتعلق بسورية، ضد طاغية كريه يذبح شعبه، كما أن الرياض ترغب في إضعاف إيران من خلال الإطاحة بحلفائها السوريين، أي عائلة الأسد.
أكثر الجوانب المظلمة فيما يسمى ''الربيع العربي'' هو الرياح الطائفية المندفعة عبر المنطقة. هناك بطبيعة الحال الصراع الاستراتيجي التقليدي على النفوذ بين الرياض وطهران، على أن هناك أيضاً موجة جانبية من السم الطائفي بصورة قوية.
إن شعور السعودية بالإحباط من أوباما له ما يبرره إلى حد، ولكن ليس إلى حد مراجعتها للعلاقة مع الولايات المتحدة أو الغرب.
كانت العلاقة دائماً ذات طبيعة استثنائية: بدأ الاتفاق مع الولايات المتحدة، في الواقع، حين منح روزفلت للسعودية غير المعادية أهليّة الحصول على المساعدات الأمريكية، بموجب القانون الذي وضع أثناء الحرب، المعروف باسم: ''قانون إمدادات الحرب لعام 1943''.
لقد آن الأوان لهذه العلاقة أن تتوقف عن كونها علاقة تقطر بالاستثنائية تلك، بحثاً عن أسس جديدة تواكب تغيرات ما بعد الحربين، الثانية والباردة.
( فايننشل تايمز 4/11/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews