الدعم الحكومي للطاقة .. حرق للثروة
يشكل الدعم الحكومي للطاقة في السعودية نحو 25 في المائة من إعانات الطاقة العالمية. تعطي هذه الإعانات بعض المساندة للمستهلكين من الطبقة المحتاجة، لكن منافعها في أغلب الأحيان تذهب لغير الطبقة المستهدفة. في عديد من الاقتصادات ذات الدعم العالي للطاقة، 20 في المائة من السكان من ذوي الدخل المتدني يتلقون نحو 3 في المائة فقط من مجمل الدعم، في حين أن 20 في المائة من سكان هذه الاقتصادات من ذوي الدخل المرتفع يلتقطون أكثر من 50 في المائة.
شكلت إعانات الطاقة 450 مليار ريال سعودي في العام الماضي، وهي تشكل عبئاً على المصروفات اللازمة والضرورية في القطاعات الأخرى، مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية. وتعد السعودية اقتصاداً يعتمد على الإنفاق الرأسمالي بشكل مكثف، خاصة في قطاع الصناعة بسبب الدعم على حساب النشاطات التي تحتاج إلى الكثير من اليد العاملة، خصوصاً أن قطاع الصناعة لا يوفر ما يكفي من الوظائف. لذا؛ لا بد من إعادة توجيه الاستثمارات والإعانات واتباع سياسات موجّهة غايتها إنتاج سلع ذات قيمة مضافة عالية، لإيجاد دينامية قادرة على موازنة الأجور المرتفعة التي تناسب السعوديين.
وتعمل الإعانات الحالية على التشجيع في الاستهلاك العالي والهدر الكبير والإضرار بالبيئة. لذا؛ لا بد من إعادة هيكلة نظام دعم الطاقة الموجّه إلى المواطنين، حيث يستهدف فقط المحتاجين إلى المساعدة، ومن شأنه أن يحقق نتائج كبيرة من حيث النمو الأعلى للاقتصاد، في الوقت الذي يصبح فيه الاستهلاك أكثر كفاءة وأكثر عدالة. ويمكن منح ذوي الدخل المحتاج مساعدات مالية أو أشكالاً أخرى من الدعم ضمن إطار منظومة شبكة أمان اجتماعية واسعة.
يتم استهلاك أكثر من 2.4 مليون برميل في النفط يومياً في المملكة. ويزداد معدل الاستهلاك المحلي للنفط بنسبة 5 في المائة في السنة، وبموجب هذه النسب سيتراجع دخل البلاد، وسيتراجع نشاط القطاع الخاص، في وقت تحتاج فيه المملكة إلى جميع محركات الاقتصاد لتعمل بكامل طاقتها.
إن الإفراط في استهلاك الطاقة يخلق مشكلات تتعلق بالتلوّث البيئي وازدحام حركة المرور. عند اكتمال نظام النقل العام، لا بد من إعادة النظر في تركيبة الدعم الحكومي للوقود.
إصلاح الدعم الحكومي يجب أن يتم حين يكون النمو الاقتصادي عالياً ونسب التضخم معتدلة، مثل الوضع الذي تمر به السعودية في الوقت الحاضر، بدلاً من الانتظار حتى تاريخ لاحق. في العادة، يتم اتخاذ القرارات والإصلاحات الاقتصادية الصعبة عندما تنشب الأزمات. ومع أن السعودية تمكنت من تلافي الأزمات، إلا أنه ينبغي لها أن تكون قادرة أيضاً على تغيير الاتجاهات عند اللزوم. ومع أن عامل الوقت بالغ الأهمية، إلا أنه لن يكون دائما لمصلحة السعودية.
( بروجيكت سنديكيت 11/10/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews