الكونغرس يُطفئ محرّكات الحكومة الأميركية
بعد مرور 17 عاماً على إغلاق الوكالات الفدرالية الأميركية في عهد الرئيس بيل كلينتون، أمر البيت الابيض امس مرّة أخرى، تلك الوكالات ببدء تنفيذ آلية وقف نشاطاتها بعدما فشل الكونغرس في إقرار ميزانية تحول دون تعطيل الحكومة في ضوء التباعد الكبير في مواقف الجمهوريين والديموقراطيين.
وتمّ توجيه الهيئات الاتحادية لخفض الخدمات بعد فشل المشرعين في الخروج من مأزق سياسي ما أثار الشكوك بشأن قدرة الكونغرس المنقسم على القيام بواجباته الأساسية.
وإذا تمكن الكونغرس من التوصّل إلى اتفاق على مشروع قانون جديد للتمويل لن يستمر الاغلاق الجزئي سوى لأيام بدلا من اسابيع. لكن لم تظهر أي إشارات بعد على استراتيجية لتوحيد مواقف الأحزاب.
لكن الشلل السياسي أثار كذلك شكوكا جديدة فيما إذا كان الكونغرس قادرا على الوفاء بموعد منتصف تشرين الأول لرفع الاحد الأقصى للاقتراض الحكومي البالغ 16.7 تريليون دولار.
تأثير محدود
وفيما لا يبدو الاقتصاد العالمي مهددا على الفور نتيجة شلل مؤقت للدولة الفدرالية الاميركية، إلا انه يخضع لخطر عدم التسديد المتفاقم بعد 17 تشرين الاول في غياب اتفاق سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين.
وبالتالي، يبدو أثر ذلك على اجمالي الناتج الداخلي لاول اقتصاد عالمي وعلى العالم محدودا ولو انه حقيقي. حيث أقرّ محللو رابوبنك ان "الاغلاق سيكون بالطبع مكلفا بالنسبة الى النمو الداخلي من حيث تراجع الطلب". لكن هذه الكلفة "تعتمد بشكل اساسي على طول مرحلة شلل الادارة الفدرالية، بحسب كبير اقتصاديي "يوني كريدي" في الولايات المتحدة هارم باندهولز.
واعتبر محللو فوركس دوت كوم ان اي فترة "تتجاوز 5 ايام سيكون لها اثر مادي على النمو في الفصل الرابع" متحدثين عن ارتفاع العجز واثر على ثقة اللاعبين الاقتصاديين.
كما اعتبر محللو موديز اناليتكس ان الشلل لمدة ثلاثة او اربعة اسابيع سيكلف 1,4 نقطة من نسب اجمالي الناتج الداخلي الحقيقي في الفصل الرابع.
لكن التوترات الجارية ليست الا مقدمة بسيطة للخطر الفعلي المتمثل في تعطل كامل لزيادة قانونية لسقف الدين، حيث ان غياب الاتفاق بين الديموقراطيين والجمهوريين يهدد بمفاعيل اكثر اتساعا. وقد يؤدي الفشل الى عواقب وخيمة على الصورة المالية للولايات المتحدة حول العالم بحسب رابوبانك.
وقد ذكرت وكالة التصنيف المالي ستاندارد اند بورز امس انه "في حال عدم زيادة سقف الدين مع منتصف تشرين الاول، قد تعجز الولايات المتحدة عن الايفاء بجميع واجباتها"، ما قد يؤول تلقائيا الى عقوبة منحها تصنيف "اس دي" (التخلف الانتقائي عن السداد) عوضا عن "ايه ايه+" حاليا.
من جهتها، رأت صحيفة "واشنطن بوست" إن إغلاق الوكالات الفدرالية ربما يكون تأثيره أشبه بـ"تسونامي" بالنسبة لواشنطن دي سي، التي يتمركز فيها أكبر عدد من العاملين الفيدراليين والمتعاقدين فى الولايات المتحدة، والتي يمكن أن تخسر ما يقرب من 200 مليون دولار يوميا.
يشوعي
في هذا الاطار، توقع الخبير الاقتصادي د. ايلي يشوعي ألا تطول هذه الأزمة، وان يتوصّل المشرّعون الأميركيون لتسوية ما في الساعات المقبلة عبر الاقتطاع من إنفاق موازنة 2014. مرجحا ألا يستمرّ اغلاق المؤسسات الحكومية اكثر من يومين او ثلاثة ايام على أبعد تقدير.
وقال يشوعي لـ"الجمهورية" ان الخلافات بين الجمهوريين والديموقراطيين في الولايات المتحدة قائمة بشكل مستمرّ، ولكنها تزداد حدّة اليوم بسبب الشحّ المالي الذي تعاني منه الولايات المتحدة. وذكّر بالنزاع الذي دار بين الحزبين منذ بضعة أشهر حول رفع سقف الدين الحكومي، والذي خلص الى تسوية تقضي بخفض عجز الموازنة وخفض الدين العام عبر فرض ضرائب على شريحة معيّنة من الاميركيين.
واعتبر يشوعي ان ازمة اليوم لها علاقة بأزمة سقف الدين العام، مرجحا ان يصار ايضا الى حلّها عبر التوصل الى تسوية ما، "لان دولة عظمى على غرار الولايات المتحدة لا يمكن ان تستمرّ 8 سنوات من دون موازنة، على غرار لبنان".
ولفت الى ان الجمهوريين يرفضون الموازنة المقترحة من قبل الديمقراطيين بسبب نسبة العجز المرتفعة والتي سمحت لنسبة الدين العام الى الناتج المحلي بتخطي سقف الـ100 في المئة. وبالتالي، يعتبر الجمهوريون ان مشاريع الانظمة الصحية الجديدة ستساهم برفع العجز الى مستويات اكبر، كذلك الدين العام الذي زاد في غضون 5 سنوات من 10.3 تريليون دولار الى 16.7 تريليون دولار.
( المصدر : الجمهورية اللبنانية 2/10/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews