Date : 23,11,2024, Time : 06:25:11 AM
17655 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 27 ذو القعدة 1434هـ - 02 أكتوبر 2013م 12:44 ص

أزمة اقتصادية انفجرت لتعيد تشكيل العالم

أزمة اقتصادية انفجرت لتعيد تشكيل العالم
محمد كركوتي

قبل خمس سنوات، هي عمر الأزمة الاقتصادية العالمية، وفي زحمة تداعي المؤسسات المالية ومعها المؤسسات الاقتصادية إلى جانب الحكومات الهائمة على وجهها، وبعد عامين من خروجه من منصبه كرئيس للمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ظهر ألان جرينسبان ليعلن للعالم، أن الأزمة التي انفجرت للتو، لا مثيل لها في التاريخ، وإن تكررت، فهي لا تحدث إلا مرة كل مائة عام، وأن ''الفيدرالي الأمريكي'' لا يسيطر على الأمور، وأن الحكومات أكثر هشاشة من بنوكها المركزية. وماذا قال أيضاً؟ ''لا أتحمل وزر الأزمة''! ويضيف ''الأخطاء التي ارتُكبت لا تُنتج أزمة''! كان ذلك في أيلول (سبتمبر) من العام 2008، لكنه بعد أن هدأت العاصفة، اعترف بالأخطاء الايديولوجية لاقتصاد السوق الحرة. كان كغيره من ''المتيمين'' بهذا الاقتصاد ''المنفلت'' الرافض للحد الأدنى جداً من الأخلاقيات، يحمل الضحايا مسؤولية العدوان على أنفسهم!! فهو من أولئك الذين يؤمنون بتطرف، بأن الكل يخطئ إلا السوق وحرياتها. وأن المعايير التي يطالب بها البعض ليست سوى مُعطلات لها! كان السياسيون يصفقون لكنهم لم يلبثوا أن تحولوا من التصفيق إلى ''اللطم''.

قبل خمس سنوات كان العالم ينفجر، دون قنابل ولا صواريخ ولا أسلحة كيماوية أو بيولوجية، أو غيرها من معدات الدمار. كان الانفجار أخلاقيا، معيشيا، إنسانيا. وهذا النوع من الانفجارات يستحق توصيف ''الانفجار العضوي''، والخراب الناجم عن مثل هذا الانفجار، لا يقارن بذاك الذي يخلفه السلاح التقليدي. لقد دمر هذا الانفجار، من ضمن ما دمر ''قداسة'' السوق. وهذه ''القداسة'' كانت بالتحديد، النواة الرئيسة للانفجار الكبير. كان العالم، قبل خمس سنوات ينفجر، ولكنه في الوقت نفسه يتشكل رغماً عن ''المجرمين'' الهاربين من مسرح الجريمة، ورغم الفوضى التاريخية التي أصابت الحكومات، ومعها حتى الجهات التشريعية بل والقضائية. كانت عملية التشكل ''العضوي'' – إن جاز التعبير - للعالم، لا تقارن من حيث السرعة والتكوين، مع تلك الناجمة عن قرارات وسياسات اقتصادية سياسية جديدة. لقد كانت الأولى تفرض حقائقها بصورة طبيعية، وكانت الثانية تتباطأ، بل تتلكأ، في التناغم معها. فما كان من الأولى إلا أن جذبت الثانية غصباً بأشكال مختلفة، من بينها التخلص من السياسيين الواحد تلو الآخر. هؤلاء أسهموا بصورة أو بأخرى في الانفجار الكبير. فالسياسي قبل الأزمة لا ينفع لما بعدها، ولن ينفع، وتحديداً في العالم الغربي، الذي انفجرت في ''وجهه'' الأزمة، قبل أن يوزع خرابها على العالم.

بعد خمس سنوات من أزمة لا تشبهها أخرى، لا يزال العالم في مرحلة التشكيل. بعض الدول تجاوزتها ولكن ليس تماماً. ففي هذا العالم لا يمكن فصل البعض عن الكل. ولهذا السبب فإن مصائب البعض تعم على الكل في معظم الأحيان. البعض الآخر من هذه الدول توهم أنه تجاوزها. الغالبية العظمى من الدول التي أنتجت الأزمة لا تزال ''تناطح'' مخلفاتها. الولايات المتحدة، أوروبا، في المقدمة بالطبع. ديون الدول المانحة الكبرى (وليس ديون الدول الفقيرة) باتت خبراً يومياً. العجز في الموازنات العامة، أصبح مثل النشرات الجوية. أما البطالة فلم تعد حالة استثنائية، أو مرحلية، بل حالة دائمة متعاظمة المشكلات والأرقام والأعباء الإنسانية والاجتماعية. هل تقاعس السياسيون الغربيون الحاليون، في مواجهتهم للأزمة واستحقاقاتها؟ بالتأكيد. ففي حين أنهم يستطيعون العمل بصورة أكثر حرية ومرونة، باعتبارهم ليسوا من مرتكبي الأزمة، إلا أنهم تصرفوا بشكل مغاير في بعض الأحيان.

بعد خمس سنوات من الأزمة، لم تستكمل أدوات إصلاح السوق. فالأمر يحتاج إلى إقرار نهائي دائم لأدوات تمنع الوقوع في أزمة أخرى جديدة. وبعد هذه السنوات، لا يزال بعض من سلوكيات الأسواق المنفلتة، ولاسيما ''وول ستريت'' حاضراً على الساحة. صحيح أن هذه السلوكيات لم تعد بالقوة نفسها التي كانت عليها قبل الأزمة، لكنها لا تزال موجودة في ''الأركان'' وعند ''المنعطفات''. لا شك في أن الأمر يحتاج إلى مزيد من السنوات لإزالة آخر الأدران لأسوأ مبادئ اقتصادية شهدها العالم، منذ أن عرف علم الاقتصاد. فخراب عقود لا يمكن أن يُزال في سنوات قليلة. والمشاهد التي خلفتها الأزمة، لن تنتهي قبل خمس سنوات أخرى. هذا إذا سارت الخطوات التشريعية والرقابية والسلوكية في الدول التي صنعت الأزمة، بوتيرة سريعة يطلبها العالم أجمع.

هذه الأزمة لم تخلف دماراً أو خراباً فقط. بل أوجدت أمراضاً نفسية من نوع مختلف، وإلى أن يتشكل الاقتصاد العالمي بالصيغة التي تحترم المعايير البشرية، والمقاييس المجتمعية، وبالطبع القيم الأخلاقية، فإن الاضطرابات الاقتصادية الاجتماعية السياسية، ستبقى على الساحة بصور مختلفة. إن الأزمة الاقتصادية العالمية، انفجرت في الواقع لتعيد تشكيل عالم، بالحد الأدنى المستطاع من الأشرار.

( المصدر : الاقتصادية السعودية 2/10/2013 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد