مراقبون : نصر الله خائف ومحاصر ويتوقع هجوما إسرائيليا

جى بي سي - خصص الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله، الجزء الأكبر من الكلمة التي ألقاها السبت بتهديد مزدوج، الأول لإسرائيل والأبرز للداخل اللبناني.

وألقى نصرالله السبت، كلمة بشأن اغتيال الجنرال الإيراني حسن الشاطري واتهام بلغاريا للحزب بتفجير حافلة داخل أراضيها، لكن المتابع لخطابه، يرى أن رد نصر الله على إتهام بلغاريا لحزبه لم يتعد شكل " المتابعة بروية".

أظهرت الخطوط العريضة لخطاب نصر الله جاهزية الحزب لأي عدوان إسرائيلي محتمل، وقال :" حزب الله لن يكون مستعدا للرد بل هو يتابع التحضيرات الاسرائيلية اولا باول وكل الاسلحة اللازمة لحزب الله لخوض هذه الحرب موجودة".

وأكد نصر الله : " الاسرائيلي يعرف ان كل ما نقوله هو جدي ولذلك هو يستنفر كل قدراته في الاستخبارات ومحاولات الاختراق الامني وكذلك طائراته في الاستطلاع والطيران الحربي وغيرها".

تأكيد نصرالله هذا بجاهزية حزبه على رد أي عدوان إسرائيلي، يؤكد ان اسرائيل تعد العدة وبسرية كاملة لضرب قواعد حزب الله بسبب الهجوم على اليهود في بلغاريا، الأمر الذي يتابعه حزب الله بروية، والروية بالمفهوم الحيثي للمسألة تشير إلى أن حزب الله ينتظر بأية لحظة هجمة إسرائيلية مباغتة، لذلك يعلن حزب الله أنه يتابع الاتهام بروية فيما يستعد لأي ضربة عسكرية محتملة.

التهديد الثاني الذي أطلقه حزب الله جاء على هيئة سجال سياسي ومحاولة لاستمالة طرف لبناني على حساب آخر، وهي رسالة يوجهها حزب الله للطائفة السنية التي بدأ نفوذها بالتوسع وبدأت تؤمن بضرورة وضع حد ليد حزب الله الطويلة والمسيطرة في لبنان.

وكان رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ألقى كلمة متلفزة الخميس، في الذكرى الثامنة لإغتيال رفيق الحريري أكد فيها أن مشكلة السلاح " غير الشرعي " الذي تملكه بعض الجهات بما في ذلك حزب الله، يعتبر " ام المشاكل " في لبنان ، لأنه يشكل مصنعا يوميا لإنتاج الفتن والطائفية والارهاب والاستقواء على الدولة .

المتابع لرد نصر الله خلال خطابه على الأسد، يظهر بشكل واضح، أن نصر الله يذكر الإبن بوالده، يقول نصرالله :" اقول للنائب سعد الحريري أننا سبق في الماضي ان جلسنا مع والدك الشهيد وتناقشنا حول المقاومة وسلاحها ولبنان وسبق ان قلنا له ان اولويتنا المقاومة وبعد ذلك كل شيء قابل للنقاش، وهو قد قال لنا "انا معكم وانا مع بقاء المقاومة وسلاحها حتى توقيع سلام".

ويضيف نصرالله :" الرئيس الشهيد رفيق الحريري ذهب اكثر من ذلك وقال لي إنه بعد حصول ما يسمى "سلام" اذا جئت وقلت سلموا سلاحكم وقلت لي "لأ" فانا يا سيد سوف اقدم على استقالتي واغادر لبنان، فهل الرئيس الشهيد اخذ رشوة، وانت عندما استلمت بعد استشهاد والدك اكدت ذلك".

لم يأخد رفيق الحريري رشوة ولم يحدث " سلام "، لكنه قتل في عملية اغتيال مدبرة، اتهمت لجنة التحقيق الخاصة عناصر من حزب الله بالضلوع فيها، ولا يزال الحزب يخفي عناصره المتهمين بالقضية ويرفض تسليمهم للمحكمة".

وبالعودة لخطاب سعد الحريري، يقول" حزب الله يمتلك ترسانة عسكرية تفوق قوة الجيش اللبناني، وعناصره تنتشر في كافة المناطق والمدن اللبنانية، انها ثمرة جهود ايرانية منذ 30 عاما، لأن حزب الله حالة جاءت مع إيران ولم يكن يوما يمثل الطائفة الشيعية التي تكبر حزب الله بألف عام في لبنان".

هنا يرد نصرالله بذكاء، فمن جهة يقول " اقول للنائب سعد الحريري انت عرضت علينا بالمبادرة القطرية التركية الاحتفاظ بالسلاح مقابل القبول بك للعودة الى رئاسة الحكومة ونحن ما قبلنا بك وذلك انطلاقا من اعتبارات وطنية، لأننا لا نقبل مقابل تحييد سلاح المقاومة والغاء المحكمة الدولية، تسليم البلد الى شخص محدد، لان هذه هي الرشوة، والسلاح عندما لا يصبح هدفه الدفاع عن لبنان ومقاومة اسرائيل لا يعد له قيم".

ومن جهة أخرى، يستميل حزب الله الطائفة المسيحية بالقول :" سنصوت الى جانب قانون اللقاء الارثوذكسي لانه يؤمن بالمناصفة والشراكة الوطنية، ولا يمكن لحزب او جهة او طائفة ان تحكم البلد لوحدها".

وحاول نصر الله في خطابه زرع الخلاف بين سعد الحريري ووليد جنبلاط بالقول :" ماذا يريد رئيس تيار "المستقبل"؟ هل كلامه يفسر بغير انه التحريض؟ هل يريد النائب سعد الحريري ان يتقاتل حزب الله والنائب جنبلاط في لبنان على خلفية الوضع في سورية؟ هناك من يسبنا ويهاجمنا ويقطع الطرقات"، وهنا يشير نصرالله إلى عناصر الأسير الذين هددوا بقطع الطريق أمام المركبات التي تنقل الوقود لدعم النظام السوري ضد شعبه.

وأشار رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط في تصريحات صحفية، إلى ان "حزب الله يقاتل الى جانب النظام السوري"، لافتا في الوقت نفسه الى ان "هناك ايضا أفرقاء من 14 آذار يقاتلون في سوريا" وأن هناك مجموعات من طرابلس وعرسال تقاتل ايضا بسوريا.

وعلى الصعيد الداخلي اللبناني، كان مراقبون توقعوا أن يكون خطاب نصرالله ايجابياً ومتوازناً وهادئاً ومهادناً، سيدعو الى الحوار واليد الممدودة ومنع الانجرار الى الفتنة والتوتير وأنه سيدعو الى الحفاظ على الوحدة السنية- الشيعية وحماية السلم الاهلي".

لكن خطاب نصر الله يظهر عكس ذلك، فهو خائف جدا ويشعر انه محاصر من كل الجوانب وأن المسيحي والسني والشعوب العربية والإسلامية تقف ضده بهذه الحرب، بسبب وقوفه بجانب النظام السوري الذي يقتل شعبه ويشاركه حزب الله وإيران في ذبح الطائفة السنية في سوريا.

يحاول نصرالله استمالة الداخل اللبناني من جديد، بقوله :" نحن مع ان نقدم التنازلات لبعضنا البعض للعيش سويا في لبنان بكرامة، نحن نؤمن بالمناصفة الحقيقية والشراكة الحقيقية والمقاومة التي تقدم التنازلات السياسية والتنازل عن السلطة مقابل الحفاظ على الوطن، فهل هذه منقصة؟.

ويضيف :" عندما تنازلنا عن مقعد وزاري من الحصة الشيعية الى الحصة السنية بهدف تكريم بيت وطني عريق هو منزل آل كرامي الذي اثبت هذا المستوى الرفيع الوطني بالموقف الاخير للرئيس عمر كرامي عند التعرض لحياة الوزير فيصل كرامي.

وبحسب مراقبين ، فإن خطاب نصر الله يعكس يأسا ظاهرا، خاصة وان كفة الحرب في سوريا هي مع السنة، وان مصير النظام السوري مهما طال فإنه إلى زوال، وسيفقد حزب الله حينها موقفه وقوته في أي حرب قادمة.

وبالعودة إلى اتهام بلغاريا لحزب الله بتفجير قتل خلاله إسرائيليين، يقول نصرالله :" الاسرائيلي تعرض سابقا لعدة هجمات في اكثر من منطقة في العالم ولم يحصل اعتداء على لبنان فلماذا التهويل اليوم نتيجة الحادث الذي حصل في بلغاريا؟ فإسرائيل لها مصالح ولا تدخل حربا بمجرد وقوع حادث بسيط في مكان ما".

ويتابع نصرالله :" اقول للبعض إن الاسرائيلي عندما يريد الاعتداء على لبنان لا يحتاج إلى تحقيقات او اتهامات بل يتذرع بأي شيء ان اراد الاعتداء او يخترع اي شيء ".

ويستطرد نصرالله قائلا: " الاسوأ من الاتهام هو التهويل ان "اسرائيل" سوف تعتدي على لبنان على خلفية هذا الاتهام ونحن نأسف ان البعض في لبنان هذه امانيهم واحلامهم، وللأسف، بعض القوى العربية واللبنانية اتهمونا وحاكمونا بهذه القضية كما وضعونا على لائحة "الارهاب" الاوروبية."

ويؤكد نصرالله :" لبنان لم يعد مكسر عصا للأسرائيلي ولم يعد مكانا للنزهة، ولن نسكت عن اي اعتداء قد يحصل على اي شبر في لبنان واريد التذكير ان مطاراتهم وموانئهم ومحطات الكهرباء كل هذه تحتاج الى عدة صواريخ فقط".

( المصدر : خاص بـ جي بي سي ) .