عروبة سورية ليست للتفاوض ونتمنى ان يحترم الاكراد هويتنا ايضا!
لا نتردد مطلقا في الاعتراف بان الاقليات الكردية في البلاد العربية، والعراق وسورية على وجه التحديد، عانت من عمليات اضطهاد وتهميش، بل وحملات تطهير عرقي وهذا امر مرفوض ومدان، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن ان ننسى او نتناسى ان النزعات الانفصالية، السياسية منها والعسكرية لعبت دورا مهما في توفير الاسباب لهذه الممارسات القمعية.
لا نريد ان ننبش ملفات الماضي المؤلمة للطرفين، وللاشقاء الاكراد خاصة، ولكننا نجد انفسنا مضطرين للاعتراض على الضغوط الكبيرة التي تمارس حاليا على الائتلاف الوطني السوري الممثل الابرز للمعارضة السورية، وتغيير علمها، وتقسيم سورية الى كيانات وطائفية على غرار ما حدث في العراق.
ممثلوا المجلس الوطني الكردي الذين شاركوا في اجتماع اسطنبول قبل يومين مارسوا الدور نفسه الذي مارسه اشقاؤهم اكراد العراق على المعارضة العراقية قبل احتلال العراق وفي ذروة التحضير لهذا الاحتلال وتوفير الغطاء الشرعي له، عندما طالبوا بالاعتراف بهويتهم الوطنية واقامة عراق كونفدرالي وتغيير الاسم والعلم، وكان لهم ما ارادوا بمساعدة الامريكان، وتهافت قادة المعارضة المؤتمرين بأمرهم.
الاشقاء الاكراد، او معظمهم، يتهمون العرب بالعنصرية والتمييز تجاههم، وبعض هذه الاتهامات مبالغ فيها، وان كان بعض جوانبها ينطوي على بعض الصحة، ولكنهم ينسون ايضا مجموعة من الحقائق الاساسية، وهي ان هناك اكرادا عنصرين ايضا، وان الناصر صلاح الدين الايوبي البطل الذي حرر القدس، ويحتل مكانه بارزة في قلب كل عربي ومسلم اقام دولته الايوبية في مصر وليس في كردستان، وقاد جيشا عربيا لمقاتلة الصليبيين.
وقد يجادل البعض محقا بان الناصر صلاح الدين كان مسلما على رأس جيش مسلم وفي دولة ترفع راية الاسلام، وهذا صحيح، فلماذا لا توحدنا راية الاسلام جميعا في العراق وسورية، ونتعايش سويا على اسس العدالة والمساواة، بعيدا عن كل النزاعات الانفصالية البغيضة؟
رحبنا كعرب ان يكون اول رئيس عراقي للعراق ما بعد الاحتلال الامريكي كرديا، اي السيد جلال الطالباني، وان يكون اول وزير خارجية كرديا ايضا، اي السيد هوشيار زيباري، ورغم ذلك كان اول قرار اتخذه السيد مسعود البرازاني رئيس اقليم كردستان العراق هو ايقاف تدريس اللغة العربية كلغة رسمية، في المراحل الابتدائية والاعدادية، وبات معظم ابناء كردستان لا يتحدثونها اطلاقا، بينما تحظى اللغات الاوروبية، الانكليزية والفرنسية بمعاملة افضل كثيرا من اللغة العربية لغة القرآن.
من حق الاكراد ان يطالبوا بالاعتراف بهويتهم الوطنية، والتمتع بكل الحقوق المترتبة على ذلك، ولكن ليس من حقهم ان ينزعوا الهوية القومية عن سورية، ويطالبون بتغيير اسمها وعلمها، وهم الاقلية فيها.
المشكلة لا تكمن في المجلس الوطني الكردي وانما في الائتلاف الوطني السوري الذي يقدم التنازل تلو الآخر بما في ذلك عروبة سورية من اجل كسب الاكراد او بعضهم الى جانبه، تماما مثلما فعل احمد الجلبي وعدنان الباجه جي وبحر العلوم والشريف الحسين بن علي (اين هو بالمناسبة؟) والمالكي والجعفري والقائمة تطول.
ما نعرفه ان الثورات جاءت من اجل تحقيق التعايش والديمقراطية وحقوق الانسان، واقامة دولة القانون والمساواة، ولكن يبدو اننا كنا في قمة الجهل، بعد ان بدأت هذه الثورات تنتهي بالفوضى وتفتيت الهوية العربية بل والاسلامية ايضا.
الاشقاء الاكراد يطالبون الآن بالحكم الذاتي وعددهم يساوي عدد الاكراد في سورية، وغدا تطالب الاقليات المذهبية بالشيء نفسه، وبما يؤدي في نهاية المطاف الى انهيار سورية الدولة، واحلالها بمجموعة من “السوريات” الصغيرة الهزيلة الطائفية.
عروبة سورية خط احمر، ونحن هنا نتحدث عن العروبة الانسانية المنفتحة على الآخر والمعترفة بحقوقه، العروبة الجامعة وليس العروبة المفرقة، عروبة المحبة والتعايش وليس العروبة العنصرية التي يحاول البعض الصاقها بها.
عندنا مثل يقول “عندما تسقط البقرة تكثر السكاكين” من المؤلم ان هذا ما ينطبق ويطبق علينا كعرب هذه الايام للأسف الشديد.
( اللمصدر : رأي اليوم 18/9/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews