الهيئات الاقتصادية تحاول إحياء ضمائر ميتة والردّ بإعلان تأييدها لحكومة الناس
هل نجحت الهيئات الاقتصادية في توجيه رسائلها الى أصحاب الشأن في موضوع تشكيل الحكومة بالاقفال العام الذي نفذته؟ ومن هم هؤلاء بالتحديد؟ والرئيس سليمان والرئيس المكلف تمام سلام يريدان تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وقوى 14 آذار تريد تشكيلها على أساس أن تكون حيادية لا تتمثل فيها لا هي ولا 8 آذار واذا كان لا بد من تمثيلهما فيكون ذلك على أساس "إعلان بعبدا" الذي يحمي لبنان من تداعيات الأزمة السورية؟
تريد قوى 8 آذار حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها كل حزب وكل كتلة حسب حجمها كي يكون لها الثلث الضامن الذي تتمكن عبره من تعطيل ما تريد من القرارات التي لا تعجبها، ولكي تزيد عملية التشكيل تعقيدا فإنها تطلب ان يتضمن البيان الوزاري ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، كما تكررت في البيانات الوزارية زمن الوصاية السورية عبارة "وجود الجيش السوري شرعي وضروري وموقت". فمن يكون المسؤول إذاً عن عدم التوصل الى اتفاق على تشكيل الحكومة كي توجه اليه الرسائل التحذيرية عله يتراجع عن شروطه التعجيزية ويسهل تشكيل الحكومة؟
الواقع ان الهيئات الاقتصادية تحمل نفسها خسائر مادية بقرارات الاقفال والاضراب والتظاهر والاعتصام من دون ان يكون لهذه القرارات اي تأثير على من يعطلون تشكيل الحكومة لأن زمن السياسيين الذين كان لهم ضمائر حية وحسّ وطني ولّى بكل أسف، وكذلك من كانوا يقدمون مصلحة الوطن على مصلحة اي خارج. فالشيخ بشارة الخوري استقال من رئاسة الجمهورية لمجرد ان واجه اضرابا عاما في البلاد دام ثلاثة ايام فقط، واعتبر ان غالبية الشعب ترفض بقاءه في سدة الحكم حتى وإن كانت الغالبية النيابية تؤيده وتريده ان يبقى. والرئيس عمر كرامي استقال عندما رأى ان الاضراب ضد حكومته شمل المناطق كافة على اختلاف انتماءاتها ومذاهبها كما سقطت من قبل حكومات عندما كانت الاغلبية الشعبية تعبر عن سخطها بالاضراب العام او التظاهر.
اما اليوم فلا الاضرابات ولا التظاهرات ولا الاعتصامات تغير شيئا في موقف سياسيين مرتهنين للخارج او مرتبطين به، وهذا الخارج لا تعنيه صرخات الهيئات الاقتصادية ما دامت لا تؤدي مصالحهم فتبقى صرخات في برية.
لذلك ترى اوساط سياسية ان توجه الهيئات الاقتصادية رسائلها التحذيرية الى من يعرقلون تشكيل الحكومة بشروطهم التعجيزية والى الخارج الذي هو وراءهم في عملية التعطيل الى ان يحقق هذا الخارج مراده من خلال تشكيل الحكومة التي يريد وفي الوقت الذي يريد. وترى الاوساط نفسها ان تذهب هذه الهيئات الى الرئيس سليمان والى الرئيس المكلف تمام سلام وتعلن انها مستعدة لدعم اي حكومة يتم تشكيلها وتكون توحي بالثقة للناس في الداخل قبل الخارج، وهذا الدعم معناه رفض اي محاولة تأتي من سياسيين نفعيين او مصلحيين يلجأون الى الشارع سواء بالدعوة الى الاضراب او التظاهر والاعتصام او حتى بتعكير الامن، وان الهيئات الاقتصادية والنقابية ستتصدى لأي دعوة يوجهها هؤلاء لتحريك الشارع ضد حكومة تكون حكومة الاهتمام باولويات الناس وبتذكيرهم ان الانتخابات النيابية باتت على الابواب وسيكون الحساب في صناديق الاقتراع.
لقد اثبت الشعب في كل بلد ان الكلمة هي له خصوصا عندما تكون واحدة موحدة وليست لأي حاكم اذا تجاهل ارادة شعبه ومتطلباته، واذا لم يتحسس معه. فالوضع في لبنان اليوم لم يعد كما كان في الماضي عندما كان رئيس الجمهورية يستقيل تحت ضغط الاضراب العام وكذلك رئيس الحكومة، والوزير يستقيل اذا لم يوافق مجلس الوزراء على المشاريع التي يريدها او اذا اتهم بالفساد ولم يثبت براءته. لم يكن الخارج يؤثر على السياسيين وعلى المسؤولين الا في حدود لا تتجاوز مصلحة الوطن، اما اليوم فلا اضرابات ولا تظاهرات ولا اعتصامات تهز حكومات اذا كانت مدعومة من الخارج، ولا يتم تشكيل حكومة اذا كان الخارج لا مصلحة له بتشكيلها، والوزير لا يستقيل حتى لو اتهم بالفساد او لم يوافق مجلس الوزراء على مشروع من مشاريعه، ويؤدي التجاذب السياسي الى فرض حكومات من اضداد ومن وزراء غير متجانسين فيتعطل عملها في حين كان الانسجام هو الاساس في تشكيل الحكومات لتكون منتجة.
فليس على الهيئات الاقتصادية والاتحادات النقابية اذاً سوى اعلان تأييدها ودعمها لكل حكومة يتم تشكيلها وترضي الناس اولا وليس السياسيين المصلحيين. وعندما تكون الحكومة مسلحة بثقة الناس وبثقة هذه الهيئات والاتحادات النقابية والعمالية، فإن مثل هؤلاء السياسيين يفقدون دورهم السلبي ولا يعود احد يستجيب دعواتهم ويجاري مواقفهم.
( المصدر : النهار اللبنانية 8-9-2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews