حرية البنوك وتحديد سعر العائد
تضمنت التشريعات المصرية تحديد أسعار العائد على القروض منذ زمن طويل سواء فى القروض المدنية أو التجارية حيث نظمها القانون المدنى فى المواد من (226 إلى 233) ونظم قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 أحكام العائد ، سواء من حيث تحديد سعر العائد على المعاملات التجارية أو من حيث بدء سريانها وذلك بالمادتين 50 و 64 ، بالإضافة إلى بعض المواد التى وردت بالباب الثالث من ذات القانون والخاصة بالمعاملات المصرفية مثل المواد (366 و 372) 0
وقد ميز المشرع الأعمال المصرفية التى تتداولها البنوك مع عملائها باستثناء مهم ورد بالمادة (40) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 88 لسنة 2003 ، حيث منح المشرع البنوك فى تعاملها مع عملائها فى خصوص سلطة تحديد سعر العائد وأسعار الخدمات المصرفية وذلك دون التقيد بالمواد المنصوص عليها فى أى قانون آخر أيا كانت طبيعة هذه المعاملات 0
وبناء على ذلك نشير فى أكثر من نقطة إيضاح الأحكام المشار إليها ثم طبيعة واثر الاستثناء الممنوح للبنوك وما إذا كان يصب فى مصلحتها أم إلى تأثير سلبى على المشروعات الصناعية والتجارية مما يؤدى إلى تعثرها إن لم يكن بالقضاء عليها سواء بالتصفية أو الإفلاس 0
النقطة الأولى وهى إيضاح مبسط لأحكام العائد فى القانون المدنى فى التعاملات بين الأفراد أو بين هؤلاء والتجار أو بين التجار بعضهم البعض وذلك قبل صدور قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999.
فى شان المعاملات المدنية والتجارية قرر المشرع المدنى فى المادة 226 أن العائد على الديون المدنية عند التأخير فى الوفاء هو 4% وفى المسائل التجارية 5% وان حساب العائد يبدأ من يوم المطالبة القضائية ، وأضافت المادة 227 مدنى انه يجوز الاتفاق على عائد لا يزيد على 7% وإلا التزم الدائن برد ما يزيد على هذه النسبة ، وطبقا للمادة 232 لا يجوز تقاضى فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز فى أى حال أن يكون مجموع الفوائد أكثر من أصل الدين 0
وبصدور قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 قرر مراعاة منه لطبيعة المعاملات التجارية أن يكون العائد هو السعر الذى يتعامل به البنك المركزى ما لم يتفق على عائد اقل وأضافت المادة 64 أن يحسب العائد من تاريخ استحقاق الدين ولا يجوز على أى حال أن يزيد مجموع العائد على أصل الدين 0
النقطة الثانية هى أن الاستثناء المقرر فى البنوك فى معاملاتها مع عملائها أيا كانت طبيعتها مع عدم تقيد البنوك بالأسعار المعلنة من البنك المركزى ، مما يجعلها تشترط عائدا يفوق ذلك بعائد قد يصل إلى 19% 0
وتقوم البنوك بفرض عائد على متجمد العائد على سند عدم وجود نص صريح يمنعها من ذلك على أن هذا الزعم لا أساس له حيث ان المادة 366 تجارى الخاصة بعمليات البنوك تشير صراحة إلى أن احتساب عائد على متجمد العوائد خاص فقط بالحساب الجارى بين البنك وعميله حيث تنص فى فقرتها الثالثة على انه (لا يجوز حساب عائد على متجمد العوائد إلا إذا كان الحساب جاريا بين البنك وشخص آخر ) 0
هذا بالإضافة إلى نص المادة 40 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى حدد الاستثناء بالنسبة لسعر العائد والخدمات المصرفية فقط والاستثناء لا يجوز القياس عليه أو التوسع فى تفسيره والسؤال الآن :
هل استخدام البنوك لحقها المطلق لتحديد أسعار العائد فى معاملاتها المصرفية أيا كانت طبيعتها وتطبيق قاعدة فوائد على متجمد الفوائد وتجاوز هذه الأخيرة على أصل الدين يصب فى مصلحتها ؟ وما أثره على المشروعات الصناعية والتجارية ؟
الحقيقة فى ظل الواقع العملى وما نراه من منازعات أمام المحاكم المتخصصة ان كثيرا من المشروعات تعجز عن السداد كما يترتب على هذه التطبيقات من تضخم هائل وسريع على المديونية خاصة فى غياب مطالبات البنك الدائن اعتمادا على تراكم وزيادة المديونية 0
ونشير فى هذا الخصوص إلى أن المشروعات الصناعية والتجارية ذات الأهمية الاقتصادية بل والمتوسطة تعتمد فى تشغيلها ودراسات جدواها على الاقتراض من البنوك وليس على رأسمالها الذى عادة ما بين 10% إلى 25% منه فى السنوات الأولى ، وتقبل هذه المشروعات الخضوع لسيطرة البنك فى فرض أحكامها والواقع العملى يشير إلى أن هذه المشروعات لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها البنكية أو على الأقل لا تنتظم فيها ، لأسباب كثيرة يعجز المكان عن ذكرها ، وان كنا نشير إلى جانب منها مثل عدم قيام المشروع على دراسات جدوى دقيقة وظهور عوامل وعوائد اقتصادية غير متوقعة ، ذلك أن المناخ الاقتصادى يتغير فى ظروف لا دخل للمشروع فيها مثل الارتفاعات المبررة وغير المبررة فى أسعار العملات الصعبة وتغيير القواعد القانونية للاستثمار ، الأمر الذى يترتب عليه تراكم الديون وفوائدها وتبدأ سلسلة المعاناة أمام هيئات التحكيم والمحاكم القضائية 0 والبدء فى التنفيذ على المشروع واتخاذ إجراءات البيع والتنفيذ ، وذلك فى غياب المشترى خاصة فى المشروعات الكبيرة وكذلك التجاء البنك لطريق الديون المعدومة التى تحرم المساهمين من أرباح 0
الأمر الذى يقتضى وبالضرورة أن تنهج البنوك منهجا معتدلا يتفق والمبادئ القانونية العادلة والمتفقة مع النصوص الآمرة فى مجال تحديد أسعار العائد والخدمات المصرفية والبعد عن العائد المركب حتى تأمن تحصيل أموالها من مديونيتها وسرعة البت فى التسويات مع عملائها بما يعود بالفائدة عليها وعلى المجتمع
(المصدر: الاهرام 2016-04-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews