التمويل الإسلامي في إطار «رؤية السعودية 2030»
لا شك أن رؤية السعودية 2030 أصبحت اليوم القضية الأهم في المجتمع في المملكة، حيث إنها تؤثر في كل مواطن ومقيم في هذا البلد الكريم، وهي تغيير شامل يهدف إلى تحسين ظروف المعيشة للمواطن والقيام بدور أكثر فاعلية على المستويين الإقليمي والعالمي، وتوظيف إمكانات وفرص هذا البلد المعطاء بكفاءة عالية، بل اهتم بها كثير من المؤسسات الإعلامية والمستثمرين في مختلف دول العالم، بل قد يكون لها أثر في مستوى أكبر مما هو متوقع خصوصا مع وضع إطار شامل للتحول، ليتناول جوانب اقتصادية واجتماعية كما يجعل المملكة في حالة استعداد أكبر للانفتاح على العالم والتأثير فيه خصوصا فيما يتعلق بالجانب الثقافي.
التمويل الإسلامي اليوم أصبح أكثر أهمية وفاعلية وانتشارا على المستوى العالمي، والمملكة بصفتها حاليا أكبر حاضنة للأصول الإسلامية المتوافقة مع الشريعة فإن هذا القطاع بلا شك سيتأثر بهذه الرؤية. مرتكزات «الرؤية السعودية 2030» جاءت بصورة عامة دون أن تركز على قطاع أو نشاط، ولذلك نجد أن هذه الرؤية ستشمل قضايا متعددة من خلال المعالم التي قدمتها في يوم تاريخي يوم 18 رجب الموافق 25 نيسان (أبريل)، والمرتكزات الثلاثة التي قامت عليها الرؤية لها علاقة مباشرة بالتمويل الإسلامي، حيث إن المرتكز الأول كان يتعلق بالعمق الإسلامي والعربي للمملكة، والتمويل الإسلامي هو أحد العناصر المكونة للمجتمع الإسلامي في جانبه الاقتصادي، كما أن المرتكز الثاني للرؤية يتعلق بالاستفادة من إمكانات المملكة فيما يتعلق بالاستثمار، والنشاط الاستثماري للمؤسسات المالية الإسلامية أصبح اليوم خصوصا في المملكة أصبح ضخما، حيث إن الصناديق الاستثمارية التي تطرحها المؤسسات المالية حاليا في معظمها صناديق متوافقة مع الشريعة الإسلامية إن لم تكن جميعها، باعتبار أن الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الأكثر طلبا في المجتمع، وتستقطب استثمارات واسعة بل إن كثيرا من المستثمرين في المملكة في استثماراتهم الخارجية يميلون إلى ضبط استثماراتهم بمعايير تجعلها متوافقة مع الشريعة، ما جعل من هذا الشكل من الاستثمارات أن يصبح أكثر انتشارا وأهمية، ومع اهتمام رؤية المملكة بالاستثمار فإنه من المتوقع أن يستفيد هذا القطاع بصورة كبيرة.
من الأهداف التي تطرحها هذه الرؤية هو أن يكون حجم أصول الصندوق السيادي السعودي سبعة تريليونات ريال أي ما يقارب التريليون و900 دولار، وهذا الصندوق سيكون الصندوق السيادي الأضخم على مستوى العالم وسيؤثر في حركة ونشاط كثير من القطاعات التي سيهتم بها، وسيكون له تأثير في جودة الاستثمارات المحلية، إذ إنه ـــ كما صرح ولي ولي العهد ـــ صندوق ربحي بحت، ولذلك سيستهدف القطاعات، وهذا سيدفع بكثير من القطاعات إلى تحسين أدائها، إذ إن استثمار الصندوق فيها قد يكون دلالة نجاح لذلك الاستثمار، ومن هنا فإن استثمارات التمويل الإسلامي الجيدة قد تكون أحد الخيارات لهذا الصندوق، كما أنه من المتوقع أن يستثمر الصندوق في الصكوك الإسلامية باعتبار أنها أداة منخفضة المخاطر وتحقق عوائد مناسبة وأصبح لها قبول كبير على المستوى العالمي وأصبحت الثقة بمثل هذه الأداة أكبر.
الرؤية السعودية لعام 2030 هي مرتكز أساس للتحول الوطني، وهذا التحول سيكون له أثره في كثير من القطاعات ومنها التمويل الإسلامي، فاهتمام الرؤية بهذا القطاع قد يكون له أثر في تعزيز كفاءته، حيث تكون المملكة مركزا لاستقطاب الاستثمارات المالية في مجال التمويل الإسلامي، إذ إن المملكة حاليا تحقق نموا عاليا في حجم أصول التمويل الإسلامي سواء في قطاعات المصارف المتوافقة مع الشريعة أو التأمين التعاوني أو المؤسسات المالية التي تقدم منتجات متنوعة متوافقة مع الشريعة الإسلامية، أو فيما يتعلق بقطاع التمويل العقاري خصوصا بعد البدء في تطبيق نظام الرهن العقاري والترخيص للشركات التي تقدم التمويل العقاري، إضافة إلى الصكوك الإسلامية التي أصبحت تنمو بصورة كبيرة جدا على مستوى حجم أصولها في المملكة، هذا كله يؤكد أن المملكة ستكون المركز الرئيس لأنشطة التمويل الإسلامي وستكون المرجع العالمي لهذا القطاع الذي أصبح ينتشر وينمو بوتيرة عالية، وأصبح الاهتمام به محليا وعالميا يزداد بصورة كبيرة.
فالخلاصة أن رؤية المملكة 2030 سيكون لها أثر في التمويل الإسلامي، باعتبار أنه موجود ضمن المرتكزات التي قامت عليها الرؤية فيما يتعلق بالعمق الإسلامي والعربي للمملكة والموقع الاستراتيجي وإمكانات المملكة الاستثمارية. الذي يراقب التطور الكبير لنشاط التمويل الإسلامي سيجد أن المملكة ستكون الوجهة الأهم ـــ بإذن الله ــــ للاستثمارات التي تهتم بالتمويل الإسلامي.
(المصدر: الاقتصادية 2016-04-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews