الهجمات الإلكترونية الخبيثة تتكاثر وتكبد الشركات 400 مليار دولار سنويا
قبل أربعة أشهر، حققت "مايكروسوفت" انقلابا إلكترونيا. حدد مختصو التحقيق الرقميون لديها "شبكة برامج خبيثة"، أو خادما وهميا، كانت قد حملت برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم، ومن ثم عملت مع مكتب التحقيقات الفيدرالي وآخرين لإغلاقها. ما تسبب في انزعاجهم، وفقا لتوم بيرت، نائب المستشار العام في الشركة، أنهم اكتشفوا أن ما لا يقل عن 12 مليون - نعم 12 مليونا - جهاز كمبيوتر شخصي كان مصابا.
إذا حاولت الصراخ بكلمة "مرحى" فذلك أمر مفهوم. ففي النهاية، شبكة البرامج الخبيثة تشكل تهديدا ضارا بشكل خاص لأن من الصعب العثور عليها بشكل شيطاني. بشكل عام، الهجمات الإلكترونية تتزايد بشكل كبير وتكلف الشركات 400 مليار دولار سنويا، بحسب بيانات من "مايكروسوفت".
لكن هناك عقبة. "مايكروسوفت" ومكتب التحقيقات الفيدرالي يأملان الآن بجلب قراصنة الإنترنت الذين أنشأوا شبكة البرامج الخبيثة إلى المحكمة. لكن بما أن شبكة البرامج الخبيثة لم تكن تدار بالكامل من أراضي الولايات المتحدة - وتلك الأجهزة الـ 12 مليونا المصابة موجودة في كل مكان في جميع أنحاء العالم، من الصين إلى الهند إلى تشيلي والولايات المتحدة - فإن القصة يمكن أن تكون في سبيلها إلى الانزلاق إلى منطقة رمادية من الناحية القانونية.
قال بيرت في مؤتمر نظمته "فاينانشيال تايمز" في واشنطن الأسبوع الماضي: "لنفكر في حالة حيث توجد شبكة برامج خبيثة في سنغافورة يديرها قراصنة في بلغاريا تسببوا في ضرر لشخص في أمريكا. من يملك السلطة القضائية؟ وما هي القوانين المستخدمة؟". لا أحد يعرف. في الفضاء الإلكتروني، كما هي الحال في النظام المالي العالمي قبل عقد من الزمن، مجموعة كبيرة من النشاط الإجرامي في خطر أن يتم تجاهلها لأن القواعد الوطنية غير مناسبة لعالم رقمي سريع النمو.
المستثمرون والسياسيون في جميع أنحاء العالم ينبغي أن يدركوا الأمر - وأن يشعروا بالقلق بشكل عميق. في الأعوام القليلة الماضية اتخذت الحكومات والشركات في الغرب خطوات كبيرة لبناء الدفاعات ضد الجرائم الإلكترونية. هذا الأسبوع في واشنطن، مثلا، تطلق وزارة الأمن الداخلي برنامج "تبادل معلومات آلي" للشركات العامة. الهدف هو التأكد من أنه "عندما يحاول الخصوم فعل أي شيء" ضد واحدة من الشركات العامة في الولايات المتحدة، يتم تنبيه الآخرين، كما أوضحت سوزان سبولدينج، الوكيلة في الوزارة.
في الحقيقة، مثل تبادل المعلومات هذا لا يزال ناقصا. جون كارلن، مساعد المدعي العام للأمن القومي، يعترف بأن "الأغلبية العظمى من الشركات لا تبلغ عن الانتهاكات الصغيرة" لبعضها بعضا. لكن الوضع أفضل مما كان عليه قبل أربعة أعوام، عندما وصل الشك بين الشركات ومؤسسة الأمن إلى حد بدأت فيه غرفة التجارة الأمريكية العمل ببطء لإعداد برامج إلزامية لتبادل المعلومات. وحقيقة أنه لم يجر أي أحد اختراقا ناجحا على إحدى المؤسسات العامة في الولايات المتحدة، مثلا، هو أحد أسباب الراحة.
لكن في الوقت الذي تعزز فيه الشركات والحكومة دفاعاتها، الجزء الكبير المفقود من هذه الحملة هو العقاب. كما يعرف أحد الوالدين أو أي هيئة تنظيم، من الصعب ردع المخالفات دون وجود نظام لفرض الانضباط. وحتى الآن، عدد قليل بشكل ملحوظ من المجرمين الإلكترونيين تم جلبهم إلى المحاكمة مقارنة بحجم السرقة الحالي البالغ 400 مليار دولار.
هذا يعكس جزئيا الصعوبة في تحديد الجناة والقبض عليهم، خاصة في أماكن مثل روسيا والصين. المشكلة الكبيرة الأخرى هي تلك التي واجهتها "مايكروسوفت": أن إطار العمل القانوني عبر الحدود في حالة من الفوضى.
في عالم عقلاني، هذا من شأنه الإشارة إلى أن هيئة متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة، بحاجة ماسة إلى إنشاء بعض القوانين المشتركة، أو على الأقل تشجيع الاعتراف المتبادل أكثر. لكن في العالم الحقيقي من الصعب تنظيم تعاون معقول الآن. في الواقع، الأحداث مثل قضية إدوارد سنودن - حيث عملت تسريبات المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة المتعلقة بنطاق مراقبة الإنترنت الأمريكية، على إشعال نزاعات عبر المحيط الأطلسي بشأن الخصوصية - تجعل هذا النقاش أصعب بكثير. يقول بيرت إن "الأسوار ترتفع".
لذلك، في غضون ذلك، يستخدم المسؤولون في الولايات المتحدة كل الوسائل المحلية المتاحة لهم. يقول كارلن، مثلا، إن مسؤولي الأمن في واشنطن تمكنوا أخيرا من تسلم قرصان مشتبه به من ماليزيا كان وراء هجوم إلكتروني ضد أحد متاجر التجزئة في الولايات المتحدة.
لكن الإجراءات القانونية القوية في الولايات المتحدة ليست حلا فعالا على المدى الطويل، ولا سيما لأن مثل هذه التدابير الأحادية تخاطر بإثارة رد فعل عنيف. وكثير من الشركات الغربية هي في الواقع عالقة: يمكنها بناء دفاعات ضد الجرائم الإلكترونية، لكنها لا تستطيع الرد على نحو فعال.
بالتالي حين يصف الناس الفضاء الإلكتروني بأنه الغرب الجامح الجديد، فإنهم أصابوا نصف الحقيقة. هذا مكان حيث الأشرار لديهم مدد لا ينتهي من البنادق الرخيصة، في حين أن المواطنين العاديين ليس لديهم شيء سوى الحواجز. ويبدو أن من غير المرجح أن يتغير هذا الوضع قريبا - ما لم - وإلى حين - تعثر الشركات مثل مايكروسوفت على طريقة لوضع هؤلاء القراصنة خلف القضبان. وهذا من شأنه أن يكون انقلابا حتى أكثر إثارة للإعجاب.
(المصدر: فايننشال تايمز 2016-04-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews