الإصلاح الاقتصادي وجيب «الخاص»
لا يعنيني في الوقت الحالي على الأقل من أمر وثيقة الإصلاح الاقتصادي سوى البعد الذي تشير فيه تلك الوثيقة العصماء الى تخفيض راتب دعم العمالة بنسبة 10%، وأنا لا افهم حتى اليوم سبب اعتبار الحكومة والمجلس موظفي القطاع الخاص من الكويتيين انهم أبناء البطة السوداء، فكل شيء على رؤوسهم، زيادات الخمسين والمائة دينار التي أقرت قبل أربعة أعوام لم تشملهم بينما شملت عموم موظفي الحكومة، والإجازات المرضية وحساباتها لموظفي الحكومة مفتوحة بينما محددة بستة أيام لموظفي القطاع الخاص من الكويتيين، والآن تخرج علينا وثيقة الإصلاح الاقتصادي التي اتفق عليها المجلس والحكومة وتفيد بانه لا يمكن ان يكون هناك إصلاح اقتصادي في البلد الا اذا تم تخفيض راتب دعم العمالة 10%.
لن أتحدث عن وثيقة الإصلاح الاقتصادي تلك التي مرت الأسبوع الماضي ولا تعنيني بنودها المختلفة، قدر ما تعنيني قصة خفض راتب دعم العمالة الخاص بالكويتيين 10%.
هل تريدون ان أتحدث لكم بالارقام؟! حسنا سأتحدث بالارقام فقط لأؤكد لكم ان كان الأمر اصلاحا اقتصاديا حقيقيا فيما يتعلق بخفض دعم العمالة أم ان الأمر مجرد بند تم حشره في تلك الوثيقة.
رواتب دعم العمالة للعاملين في القطاع الخاص تكلف خزينة الدولة سنويا في حدود 400 مليون دينار كويتي، أي انه ووفق وثيقة الإصلاح فالحكومة ستوفر 40 مليون دينار سنويا اذا ما تم تطبيق حسم نسبة الـ 10%.
في عشر سنوات ستوفر الدولة 400 مليون دينار، ولكن أنا اعرف مشروعا كلف الدولة اكثر من مليار دينار حتى اليوم ولم ير النور، رغم مرور 12 عاما على البدء به، وهو مشروع جامعة الشدادية، ولم يتم ذكره في الوثيقة، وهذا بالمناسبة مشروع من عدة مشاريع مليارية اخرى، أرى ان الوثيقة لم تتطرق لها لا من قريب ولا من بعيد، لماذا؟! لأن جيب المواطن اقرب وأسهل و«مواطنينا حبيبين وما يقولون شيء».
هل ضاقت حدقة عين رؤيتكم السياسية ولم تجدوا غير جيوب موظفي القطاع الخاص لتكون بندا ضمن بنود تلك الوثيقة؟!
ألم تجدوا بابا ثانيا لتضموه في رؤيتكم الإصلاحية غير تلك الـ 90 دينارا من جيب موظف القطاع الخاص (90 دينارا هي 10% من متوسط ما يحصل عليه موظف القطاع الخاص بحساب متوسط دعم العمالة 900 دينار لعموم المستفيدين منه).
هل ستصلح هذه الـ 90 دينارا اقتصاد البلد، ووالله أنا شخصيا مستعد للتنازل عن هذا المبلغ اذا كان فعلا سيساهم في انعاش البلد اقتصاديا كما يدعون في وثيقتهم، ولكن أولا وقبل ان يسطوا على ما في جيبي وجيب الإخوة الأفاضل العاملين في القطاع الخاص، لم لا يلتفتون الى المشاريع المليارية والأوامر التغييرية فيها والتي تصل إلى أكثر من 40 مليونا لكل مشروع؟!
وبحسب الوثيقة فان خفض الدعم 10% من رواتب دعم العمالة يفترض أن يصدر بقرار من مجلس الوزراء في حد أقصاه 2018.
لا من اللياقة ولا من الحصافة لا الاقتصادية والسياسية ان يقر مجلس الوزراء هذا الخصم من رواتب موظفي القطاع الخاص من الكويتيين، فهل يعقل أن تمنح بدلا تشجيعيا للكويتي ليعمل في القطاع الخاص ثم تقوم بسحب 10% منه، بعد ان كيّف نفسه والتزاماته بهذا الراتب الرديف؟!، هل هذه مكافأة من غامر وخاض غمار القطاع الخاص بتشجيع الحكومة؟!
أعني هل يعقل أن هذا الـ 90 دينارا التي سيخصمونها من موظف القطاع الخاص هي التي ستعدل حال البلد المائل اقتصاديا؟!
توضيح الواضح: لم دائما جيب المواطن البسيط هو الحل الترقيعي الأسهل لأي حركة حكومية للإصلاح الاقتصادي أو غيره؟!
(المصدر: الانباء 2016-04-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews