الإقتصاد العالمي ليس بخير
تبقى تقلبات الأسعار في مختلف الاسواق المالية الشغل الشاغل للمستثمرين ولمختلف القطاعات العامة والخاصة. غير انّ المشكلة الكبرى تبقى في الوضع السيئ للاقتصاد العالمي ومع انعدام المخارج تبقى التوقعات بمراوحة الأسعار ضمن نطاقات ضيقة فلا ارتفاعات كبيرة ولا انهيارات في المقابل.إرتفع النفط أم هبط، زاد سعر الذهب أم انخفض، تقلبت اسعار العملات صعوداً أم نزولاً، ارتفعت بورصات الاسهم ام انخفضت. كل ذلك لا يغيّر في الواقع شيء، فالاقتصاد العالمي في دائرة الضعف حتى لا يقال انه في دائرة الخطر.
وما تحذيرات رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد المتكررة بشأن الاقتصاد العالمي ومعها الكثير من المراجع الدولية سوى غيض من فيض على مستوى الارقام الاقتصادية في الغالبية الساحقة من دول العالم.
وما اللجوء الى أسعار الفائدة السلبية وطبع النقود والودائع المصرفية بفائدة قريبة من الصفر والإربكات التي تتسِم بها تحركات كبريات البنوك المركزية وقراراتها واهتماماتها سوى بعض المظاهر وليس جميعها للمعضلة الاقتصادية المالية الكبرى التي تواجه العالم.
علماً انّ الديون العملاقة التي تئن تحت ثقلها الحكومات من أغنى دول العالم الى أفقرها باتت عاصية عن كل معالجة او حل. وطرح ذلك تساؤلات حول إمكانية الاستمرار بالنظام المالي والاقتصادي العالمي الراهن.
وفي حين تتهاون الحكومات في إجراء الاصلاحات فتصبح المسؤولة الاولى عن التدهور الاقتصادي والمالي وتراجع مستوى معيشة الشعوب، يلجأ أغنياء العالم لى تهريب وإخفاء ثرواتهم التي باتت تفوق ديون الحكومات والعالم. فلا تدفع الضرائب على الثروات الكبيرة وتحرم منها المجتمعات والاقتصادات الوطنية.
وتلجأ الحكومات للاقتراض ما يضخّم الديون السيادية، ولا تقف الاضرار عند هذا الحد إذ انّه عند لجوء الحكومات للاقتراض من القطاع المصرفي فهي تنافس بذلك المواطنين العاديين وتؤدي هذه المنافسة الى ارتفاع كلفة الاقتراض للقطاع الخاص.
فالضرائب الضائعة بسبب إخفاء الثروات والارباح من المفيد أن تستخدم لإطعام الفقراء ودفع أجور الجيوش ولدعم تعليم الاطفال والاولاد والشباب ودعم العائلات وتقليص حجم استدانة الحكومات وصيانة وتطوير البنى التحتية والطرقات والجسور.
انّ الفضائح المالية الكبرى التي كشفتها أوراق بناما هزّت العالم ولم ينج لبنان منها، اذ كشفت ايضاً انّ هناك 46 شركة اوف شور لبنانية و620 شخصاً لبنانياً يخفون ما يتجاوز المئة مليار دولار اميركي. وهو مبلغ كبير جداً يفوق بكثير الديون اللبنانية التي تجاوزت الـ 70 مليار دولار.
يبقى انّ من يُمسك بزمام الامور الاقتصادية والمالية في العالم يعملون على ادارة الازمة لا الى إيجاد حلول لها، لأنّ الحلول قد تستدعي تغييرات جذرية في النظام النقدي والمالي والمصرفي العالمي.
وانطلاقاً ممّا سبق فإنّ تحركات الاسعار في مختلف انواع الاسواق المالية سوف ترسم ضمن إطار الاستمرارية وعدم الانهيار الى أبعد مدى زمني ممكن. فمن مساعدات الدول الكبرى الى الدعم من المراجع المالية العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدولي وغيرها، فليس هناك من ارتفاع كبير لأسعار النفط ولا انهيار ايضاً. كذلك تبقى أسعار الذهب في مدّ وجزر ضمن نطاقات ضيقة، والأمر يبقى ايضاً على اسعار الصرف وبورصات الاسهم.
وكانت اسعار النفط ارتفعت نحو 8 % الاسبوع الماضي الى 39,66 دولاراً لنايمكس و41,94 دولاراً لنفط برنت وذلك نتيجة تقرير المخزونات الاحتياطية الاميركية التي تراجعت اضافة الى استمرار مفاعيل تصريحات حول احتمالات التوصّل الى تجميد الانتاج النفطي العالمي.
كما ارتفع الذهب الى 1240 دولاراً للأونصة والفضة الى 15,31 دولاراً وحافظ اليورو على مكاسبه بقرب 1,14 دولار وتراجع الدولار الى 108,06 ين ياباني والى 0,9537 فرنك سويسري لكنّ الامور تبقى رهن توجهات اسعار الفائدة الاميركية وبيانات المخزونات النفطية الاميركية والضغوط الاميركية لوقف حرب العملات. ومع تقلبات بورصات الاسهم والاسواق الاخرى يبقى للاعبين الكبار الدور الاساسي في قطف ثمار هذه التقلبات، والتي قد يذهب ضحيتها الكثير من المتداولين الأفراد والصغار.
(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2016-04-11)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews