انهيار الهدنة في سوريا ذنب بوتين
تراجع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتصاره في سوريا، أمام خبر تأكيده العزم على استخدام القوة العسكرية ضد منتهكي اتفاق الهدنة إذا لم يحصل على تطمينات من الولايات المتحدة في شأن كيفية مراقبتها ذلك الاتفاق.
وكتب غاريت كامبيل، الزميل في مركز بروكينز لدراسات السياسة الخارجية الأمريكية، أنه بات واضحاً أن روسيا ترسل يومياً مزيداً من العتاد العسكري إلى سوريا، وأن قواتها تنخرط في معارك برية. من هذا المنطلق، يؤكد إعلان بوتين أن روسيا لاعب رئيسي في الصراع السوري، إلا أنها ليست مستعدة لضمان السلام هناك.
حماية مصالح
ويرى كامبيل أن تدخل روسيا العسكري في سوريا مكنها من إعادة صياغة دورها على الساحة العالمية، وأحدث انقلاباً في سياسات القوة في الشرق الأوسط. لقد استخدمت روسيا القوة من أجل حماية مصالحها، ومنع الغرب من الوقوف بحزم ضد شركائها الاستراتيجيين. وباتخاذها تلك الخطوات، جعلت روسيا من نفسها لاعباً فعلياً رئيسياً في الحرب الأهلية السورية.
ولكن بحسب الكاتب، يرتب التدخل العسكري لروسيا في سوريا والمقعد الذي حجزته لنفسها وسط صناع القرار الجيوسياسي مسؤوليات، علماً أن ما تقدمه موسكو حالياً لا يعدو كونه معارضة قوية للولايات المتحدة، والتذرع بمحاربة الإرهاب .
مسؤولية ضمان التسوية
وقد تعتقد القيادة الروسية حقاً بأنها تحارب الإرهاب، أو قد تستخدم هذه الذريعة كستار لتحويل أنظار الرأي العام المحلي نحو قضايا أخرى. ولكن، برأي كامبيل، أياً تكن أفكار المسؤولين الروس فانهم يتحملون المسؤولية عن ضمان تطبيق ناجح لتسوية سلمية للأزمة السورية.
لقد انخرطت روسيا في سوريا في شكل حاسم خلافاً للغرب، وفي مجال التدخل العسكري حصدت نتائج. وفي إطار نقاش يجريه خبراء ومحللون حول مزايا انسحاب روسيا من سوريا، لا بد من تذكر أن روسيا عليها التزامات، وفق البيان المشترك الذي وقعته الولايات المتحدة وروسيا بشأن " وقف العمليات العدائية في سوريا والقرار الدولي رقم ٢٢٥٤".
تطبيق كامل
لذا، يلفت الكاتب الى أن على روسيا تطبيق القرار الأممي رقم ٢٢٥٤، وتسهيل إجراء مفاوضات سلام. ومن جهة ثانية، يجب أن تعمل موسكو على وقف الهجمات" بأي نوع من الأسلحة"، ضد جماعات مسلحة معارضة باستثناء تلك التي صنفها مجلس الأمن الدولي كتنظيمات إرهابية مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة.
ويفترض بروسيا أيضاً الكف عن المطالبة أو السعي لاستعادة مناطق من أطراف وقعت اتفاق هدنة، فضلاً عن السماح بإيصال المساعدات الإنسانية، وبشكل فوري ومستدام، ودون عرقلة، إلى مناطق تخضع لهيمنة النظام، على أن تصل المساعدات لمن يحتاجون إليها. ومن ثم يفترض بالقوات الروسية الرد، وبشكل متناسب، على من يشكلون لها تهديداً مباشراً.
تساؤلات
ويلفت كامبيل إلى أن توقيع موسكو بنود اتفاق لا يقضي فقط بوقف الهجمات، بل بالعمل على تسهيل مفاوضات سياسية، ودعم عمليات الإغاثة، متسائلاً عما إذا كانت سوف تطبق ما التزمته.
وحققت روسيا معظم أهدافها، بمعنى أنها حافظت على نظام الأسد، إلا أنها باتباعها مقاربة لا غالب ولا مغلوب ونجاحها في مفاقمة أزمة اللاجئين، فرضت ضغوطاً هائلة على أوروبا وتركيا اللتين تواجهان اليوم أزمات أمنية ذات صلة بالحرب السورية. وفي نفس الوقت، يعاني جيران سوريا، كالأردن ولبنان من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.
شيشنة
ويشير الكاتب لما وصفه محللون سياسيون بسعي روسيا لجعل الحرب السورية أشبه ما تكون بالحرب الشيشانية، أو" شيشنة" الوضع هناك، بمعنى أن موسكو قضت على تمرد إسلامي دون أن تتورط في الحرب هناك، كما كان حال الجيش السوفييتي في أفغانستان. وتوحي المقارنة بين الحالتين أن الوضع في سوريا سوف يتجه إلى الأسوأ ما لم يقرر الغرب، وفي مقدمه الولايات المتحدة، دعم عملية سلام حقيقية تفضي لحكومة وحدة وطنية جامعة.
(المصدر: نيوزويك 2016-04-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews