الحرب على حلب وتدمير الموصل
إذا كان إلحاق الحشد الشعبي الذي أحرق المدن والشجر والحجر في الجيش العراقي شأنا داخليا عراقيا كما قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ، فإنه وكما يقول المثل : ذاب الثلج وبان المرج .
ففي الوقت الذي تحضر فيه كل الإستعدادات لتهجير مليون مواطن عراقي سني من الموصل ، يتم حصار حلب ، و اقتراح الممرات الآمنة لتهجير نصف مليون حلبي " سني " أيضا من المدينة ، بزعم أن فيها إرهابيين يجب القضاء عليهم وتسليم أسلحتهم .
الموصل التي يحتلها داعش الإرهابي ، وحلب التي يقاتل دونها أبناؤها من مختلف الفصائل السورية الحلبية ، مدينتان سنيتان يتم قصفهما وقصف مستشفياتهما وبيوتهما وقتل أطفالهما ، حيث لا فرق البتة بين أن تكون داعشيا أو من الجيش الحر أو أحرار الشام أو جيش الإسلام إلخ.. ، فكل هؤلاء داعش عى طريقة " عنزة ولو طارت " إلا الذي يعلن انسلاخه من مطلب انطلقت الثورة السورية من أجله وهو إزاحة النظام، وكأن لسان حال واشنطن وموسكو يقول : وافقوا على بقاء النظام ، واستسلموا ، وخذوا العفو المزعوم ، ولا تخدعنكم تصريحات كيري الأخيرة عن " حيلة بوتين " .
هكذا تقول " مضامين" المنشورات التي أسقطتها الطائرات الروسية على سكان حلب ، في مؤامرة خبيثة مبيتة بين القوى الكبرى تهدف لإنهاء الثورة السورية ، والقضاء على المطالب العراقية " السنية " العادلة ، بذريعة داعش ، وهي مطالب تتعلق بدستور عراقي جديد ينبذ الطائفية والمحاصصة ويعتمد على المواطنة ، وهو ما ترفضه إيران رفضا باتا .
وإذا هبطنا جنوبا ، فسنجد نفس المواقف وذات السياسات ،
فلقد بات الأمر مكشوفا وعاريا حتى من ورقة التوت ، وها هم الحوثيون يعلنون مجلس حكم ، في نفس الوقت الذي كان فيه وفدهم يفاوض في الكويت ، وسط صمت دولي مريب ، حيث لم نسمع من أي دولة غربية أي إدانة " حقيقية " لهذه الخطوة التي جاءت لتكريس الإنقلاب وتوزيع الغنائم بين هؤلاء الظلاميين المطالبين بالإمامة، وبين المؤتمر الشعبي العام ورئيسه علي عبد الله صالح الذي وصف السعودية بـ" الشقيقة الكبرى " زاعما أن إيران لم تدعمه إلا بالأقوال ، وهو ما تفنده سفن الأسلحة التي تصل إلى الحوثيين تباعا ، ومنحه أسلحة الجيش لحليفه الحوثي الذي تشرف عليه إيران وحرسها الثوري ، وهذه مواقف مخادعة ولن تنطلي على التحالف وكلها تكشف طبيعة الصراع وحقيقة الخصوم .
لأول مرة في التاريخ المعاصر يطلب من سكان مدينة بمئات الآلاف الخروج منها لأنهم حملوا السلاح دفاعا عن أنفسهم ، ولأول مرة في التاريخ المعاصر يطلب الصليب الأحمر مساعدات تحضيرا لاستقبال مليون نازح من الموصل ، ولأول مرة في التاريخ السياسي المعاصر يضرب طرف طائفي انقلابي حذاءه في وجه أعضاء مجلس الأمن الذين أصدروا قرارهم الشهير بانسحاب الحوثيين من المدن وتسليم السلاح وغيره بينما تمارس الضغوط وتصدر البيانات بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية ضد طرف يدافع عن نفسه وضد أنصاره من العرب .
ليس الامر كيلا بمكيالين ، بل هي مؤامرة ، بكل ما في الكلمة من معنى .
لقد تم تدمير الرمادي ، وحمص ، وحماة ، والشرقاط ، والفلوجة وتكريت ومنبج وقراها ، وتم تدمير تعز ، بل واليمن كله ، والآن مطلوب تدمير ما تبقى من حلب وكل الموصل بسكانها الذين يصلون إلى مليوني " سني " .
حرب جديدة يشنها الغرب والشرق على المنطقة باسم محاربة الإرهاب ، وها هو
برينان ، رئيس الإستخبارات الأمريكية يكشف عن المخطط الحقيقي لما يعرف بـ " سوريا المفيدة " حيث قالها صراحة : إن سوريا قد لا تعود موحدة .
حرب ضروس لن تضع أوزارها بسهولة ، ومخطئ من يعتقد بأن هذه الأمة ستنتهي وتتلاشى من على الخريطة كما يخطط لها .
قد تسقط حلب ، وتدمر الموصل بأيدي تنظيم داعش المجرم وبأيدي من يغذيه ، ولكن هذه الأمة لا تستسلم ، ولا تتلاشى ، وإذا شككتم بمنطق التاريخ فاقرأوه ، وترقبوا ، إني معكم من المترقبين .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews