فريدمان: العرب والمسلمون قادرون على دحر تنظيم الدولة
بعد عامين من الغياب، عاد توماس فريدمان الى العراق للوقوف من كثب عند سؤال مركزي يربك السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط: "ماذا يمكنك أن تفعل عندما يكون الضروري مستحيلاً، ولكن يستحيل تجاهل المستحيل – وحلفاؤك الرئيسيون مستحيلون أيضاً؟".
سؤال معقد يطرحه في تقريره، لينطلق في شرح مسهب للظروف الحالية في سوريا والعراق والتي تعقّد محاربة تنظيم الدولة.
ويقول: "لا شك في أن سحق تنظيم الدولة هو أمر ضروري لتحقيق الاستقرار في العراق وسوريا، لكن تحقيق ذلك يكون مستحيلاً طالما ظل الشيعة والسنة هناك يرفضون تقاسم السلطة. ومع ذلك، يبقى تجاهل سرطان التنظيم وقدرته على التفشي والانتشار مستحيلاً أيضاً. وبلجيكا آخر دليل".
غض الطرف عن تركيا
وإلى هذه المستحيلات، يشير فريدمان الى إن "محاولتنا جعل العراق آمنا من أجل الديمقراطية يتطلب منا غضَّ الطرف عن حقيقة أن أهم حلفائنا داخل الناتو في المنطقة، وهي تركيا، تتحوّل من ديمقراطية إلى ديكتاتورية على يد رئيسها رجب طيب أردوغان الذي يجب أن يطلق عليه الآن لقب السلطان أردوغان بسبب الطريقة التي يغلق بها صحف المعارضة ويقدم الصحافيين إلى المحاكمة. ولكن، كوننا بحاجة إلى القواعد الجوية في تركيا وإلى تعاونها من أجل تعزيز قدر من الديموقراطية في العراق غداً، فإننا نسكت عن تدمير أردوغان للديموقراطية في تركيا".
ويلفت أيضاً الى أولئك الذين يتنافسون على منصب الرئيس في الولايات المتحدة و"للحصول على فرصة لتحمل المسؤولية عن هذه المشكلة"، متسائلاً:" ألم يقل لهم أحد أن هذا هو تماماً أسوأ وقت في 70 عاماً لإدارة السياسة الخارجية للولايات المتحدة؟".
المشكلة ليست تنظيم الدولة
لا حل بسيطاً للمشكلة في رأيه "فقد استغرقتني مجرد محاولة معرفة الفروقات بين الأحزاب والميليشيات الكردية في سوريل والعراق –حزب العمال الكردستاني، والحزب الديموقراطي الكردي، وحزب الوحدة الديموقراطي، ووحدات حماية الشعب، والاتحاد الوطني الكردستاني- يوماً كاملاً".
"المشكلة في العراق ليست تنظيم الدولة"، كما قال لفريدمان، نجم الدين كريم، المحافظ الحكيم لمحافظة كركوك التي يحتل التنظيم جزءا منها، ذلك أن الأخير هو علامة من علامات سوء الإدارة والطائفية ، لذلك، وحتى لو تم طرده من معقله في الموصل، "يمكن الوضع في العراق أن يصير أسوأ إذا لم يُنزَع فتيل الاقتتال الداخلي وسوء الإدارة في بغداد والتوترات الطائفية بين الشيعة والسنة".
أما سبب في رأيه فهو التزاحم المتوقع بين العراقيين السنة والأكراد والتركمان، والميليشيات الشيعية وتركيا وإيران، على تحديد من سيسيطر على هذه الأراضي التي يحتلها التنظيم الآن. و"ببساطة، ليس ثمة إجماع هنا على كيفية تقاسم السلطة في المناطق السنية التي احتلها. لذا، إذا سمعت في يوم من الأيام أننا قضينا على أبو بكر البغدادي وأنزلنا علم التنظيم من فوق الموصل، فامتنع عن التصفيق".
تنظيم الدولة والسكان المحليون
الى ذلك، يورد حقيقة أخرى من شمال العراق، قائلاً: "على رغم كل ما قرأته عن المقاتلين الأجانب الذين انضموا الى تنظيم الدولة، فإن الغالبية العظمى من المواطنين الذين جاؤوا للقتال مع التنظيم في محافظة كركوك كانوا من السكان المحليين، الذين رأوا فيه قوة حماية لهم من الحكومة الشيعية الموالية لإيران في بغداد. أو أنهم من السنة الأكثر فقراً وحرماناً، والذين وجدوا في الانضمام إلى التنظيم وسيلة لكسب السلطة على الطبقة العليا الأكثر ثراء من السنة".
بين السعودية وإيران
وفي رأيه أن الحل في العراق ليس سهلاً، ولكن "لا بد من تخفيف حدة الصراع بين السنة والشيعة، وأن "عملية السلام" الضرورية جداً في الشرق الأوسط، يجب أن تكون بين السعودية وإيران.
ولكن فريدمان يرى أن مجرد انتظار حصول ذلك ليس خياراً سهلاً أيضاً، إذ "من المستحيل تجاهل المستحيل لأن تنظيم الدولة هو تنظيم شرير، ويتمتع بدهاء شرير. وكلما طال أمد وجوده، كلما صار أكثر خطورة".
ويخلص الى أن أوباما قد يستطيع بذل كل جهود ممكنة لإضعاف تنظيم الدولة واحتوائه والتقليل من شأنه، "لكن لدي شعور سيء إزاء هؤلاء الداعشيين. إنهم مرتبطون بشبكات، وقد تحرروا من كل المعايير والأعراف المتحضرة. وليست لدينا طريقة للرد عليهم"، مؤكداً أن العرب والمسلمين هم فقط الذين يستطيعون أن يسقطوا تنظيم الدولة وينزعوا عنه الشرعية. لكن "مجتمعهم" حالياً منقسم جداً وغاضب ومتردد ومرتبك ولا يستطيع القيام بذلك.
(المصدر: نيويورك تايمز 2016-04-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews