التجارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية .. الواقع والفُرص!
قطعت إحدى الدول المجاورة شوطاً كبيراً في مجالي التجارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية، ثم وصلت لأبعد من ذلك لتقفز في ترتيبها من المركز 99 عالمياً إلى المركز السابع عالمياً، في تصنيف الأمم المتحدة للحكومات الإلكترونية. في هذا المقال، سأوضح الواقع الحالي لبلادنا في هذين المجالين، والفرص المستقبلية، مروراً ببعض الأرقام التي توضح مدى إدراك الدول العالمية لدور التجارة والحكومة الإلكترونية على المستوى الاقتصادي بالذات، وعلى المستويات الأخرى بشكل عام.
على الرغم من كون السعودية تأتي في ترتيب متأخر في هذا المجال وفقاً للدراسات والمعطيات، إلا أن بعض الوزارات في الدولة أدركت أهمية تفعيلها. فقامت وزارة التعليم مثلاً بإنشاء نظام (مبتعث)، وأنشأت وزارة الداخلية نظام (أبشر)، وقامت وزارة التجارة والصناعة مؤخراً بإنشاء نظام (السجل التجاري). وكلنا يعلم مدى أهمية هذه الخطوة، فهذه الأنظمة قامت بتسهيل وتسريع مستوى الخدمات، وخفض الضغط على المؤسسات الحكومية، وإيقاف الأخطاء البشرية، بالإضافة إلى الفائدة التي جنتها الدولة من خلال ضبط المعاملات، والمخالفات، وإدارة نُظم المعلومات، إلى جانب تسهيل إجراءات التجارة كما في نظام (السجل التجاري) التي قامت بها وزارة التجارة والصناعة مؤخراً ورافقته حملة إعلامية توعوية.
إلا أن المؤمل أكبر، ولا يزال هناك الكثير، وسأذكر مثالاً (وأتوقف) عنده. قبل أسابيع قال وزير المياه والكهرباء “أن تكلفة طباعة وتوصيل فاتورة المياه للمنزل الواحد تصل لـ 5 ريالات!” وهذا مبلغ كبير، لا سيما وأن الماء هو بحد ذاته تكلفة على خزينة الدولة، فهو لا يزال مدعوماً حتى بعد التعرفة الجديدة. لذا، فإنه من الضروري إدراك الوزارات لأهمية ذلك، ومواكبة التقنيات الحديثة، وتفعيل دور الحكومة الإلكترونية لرفع كفاءة الإنفاق، واستثمارها فيما يعود بالنفع على المواطن.
أما الجانب الآخر وهي التجارة الإلكترونية، وهي شبيهة بالحكومة الإلكترونية، إلا أنها على مستوى الشركات. وفي هذا المجال دراسات وأبحاث عديدة سأذكر منها جزءً بسيطاً فقط. فمثلاً، ذكرت دراسة لشركة بوسطن جروب للاستشارات (BCG) أنه في عام 2011، تعدى حجم الإنفاق على الإعلانات في الإنترنت نظيره في الإنفاق على التلفزيون في دولة بريطانيا. أما مساهمة التجارة الإلكترونية في الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا فأتت في المركز الخامس، متفوقة بذلك على كل من قطاعي التعليم والإنشاء. وربما شاهد الكثير ما تناولته وسائل الإعلام العالمية مؤخراً في أن صحيفة الإندبندنت البريطانية الشهيرة سستوقف عن طباعة النسخة الورقية في شهر مارس الجاري، إيماناً منها بأهمية التواجد الرقمي فقط.
أما الجانب الربحي للشركات، فأشارت (BCG) في دراستها أن الشركات التي تجعل الإنترنت جزء رئيسي من عملية بيع منتجاتها، تضاعف نموها بمعدل 6 مرات عن نظيراتها من الشركات التي لا يوجد لها حضور رقمي في ساحات الإنترنت. وأضافت أنها تتوقع أن يقفز عدد مستخدمي التجارة الإلكترونية من 1.9 مليار في عام 2010 إلى 3 مليار في عام 2016، وأن تصل نسبة مساهمة التجارة الإلكترونية من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدول العشرين 5.3% . أما مجلة Forbes، فتوقعت أن تصل مبيعات التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة لوحدها إلى 414 مليار دولار في عام 2018 (ترليون وخمسمائة مليار ريال).
ويوجد من الشركات من نشأ من الأساس على التجارة الإلكترونية، وفي وقت وجيز أصبحت هذه الشركات في مصاف كبار الشركات عالمياً. فيوجد مثلاً شركة Amazon الشهيرة، والذي بلغ عدد موظفيها 154 ألف موظف! وبلغ إجمالي مبيعاتها 88.8 مليار دولار وفقاً لقوائمها المالية المعلنة على موقعها، أي ما يساوي333 مليار ريال، وهو ما يعادل 75% من إيرادات الدولة النفطية حسب الميزانية المعلنة للعام 2015. والأمثلة تطول، والأرقام لا تنتهي!
نقطة خروج: “هؤلاء الذين سيربطون بين تواجدهم التقليدي في الأسواق وبين تواجدهم الرقمي في الإنترنت، هم قادة الأسواق في المستقبل.” جون فيليبس –نائب الرئيس التنفيذي في شركة ببسيكو.
(المصدر: مال الاقتصادية 2016-04-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews