مقترحات للتغلب على معوقات استخدام الإنترنت المصرفي
تطرقت من قبل إلى المعوقات التي تواجه عملاء المصارف عند استخدامهم الإنترنت المصرفي. وذكرت أن هذه المعوقات تتنوع ما بين معوقات أمنية وقانونية وإدراكية، كما أنها تختلف باختلاف نوعية وخبرة ودرجة أهمية التقنية بالنسبة للمصرف. إلا أن هناك معوقات مشتركة تواجه أغلبية عملاء المصارف التجارية أيا كان موقعها، أو حجمها، أو بيئتها.
تأتي في مقدمتها العوائق التشغيلية وتشمل: صعوبة استخدام الإنترنت المصرفي، وضعف الثقة بالإنترنت المصرفي، وبطء تنفيذ العمليات المصرفية، وتأخر نظام الإنترنت المصرفي في الإجابة عن استفسارات العملاء. وقد أتت العوائق الإدراكية في المرتبة الثانية وتشمل: انخفاض إدراك القيادات المصرفية بمفهوم وأهمية الإنترنت المصرفي، انخفاض دور المصرف في تقديم خدمات تشجع العملاء على استخدام الإنترنت المصرفي، انخفاض إدراك العملاء بمفهوم وأهمية الإنترنت المصرفي. يبدو أن إدراك كل من القيادات المصرفية والعملاء بأهمية الإنترنت المصرفي منخفض ونتيجة لهذا فإن المصارف لا تشجع العملاء على استخدام الإنترنت المصرفي.
وفي ضوء هذه النتائج التي تمت مناقشة جزء منها في مقال سابق أريد أن أذيل هذا المقال بعدد من التوصيات التي يمكن أن يستفيد منها المسؤولون في المصارف التجارية السعودية ويمكن تعميمها على المصارف الأخرى التي لم تدخل في الدراسة والمصارف في الدول العربية خصوصا دول مجلس التعاون للتشابه بين الأسواق المحلية والعربية.
أولا وقبل كل شيء ينبغي العمل على وضع آلية لتذليل الصعوبات التي تواجه عملاء المصارف عند رغبتهم في استخدام الإنترنت المصرفي لدفع العملاء المترددين والمحجمين إلى الاستفادة من هذه التقنية وذلك من خلال عدة آليات منها إصدار قرار من مؤسسة النقد العربي السعودي يهدف إلى ضمان حقوق العملاء عند التعامل بالإنترنت المصرفي لبث الثقة وتحفيز العملاء على التعامل مع هذه التقنية ولا يسمح لأي مصرف بتقديم خدماته المالية إلا بعد حصوله على موافقة من مؤسسة النقد ويقوم المصرف بإيداع مبلغ احتياطي لدى مؤسسة النقد لمواجهة أي اختلاسات أو عبث من قبل القراصنة. فقد بينت الدراسة أن أكثر المعوقات التشغيلية التي تواجه عملاء المصارف تتمثل في ضعف الثقة بنظام الإنترنت المصرفي. وكذلك زيادة وعى وإدراك القيادات المصرفية والعملاء على حد سواء بمفهوم وأهمية الإنترنت المصرفي وكيفية الاستفادة منه ومعرفة أخلاقيات التعامل بهذه الخدمة عن طريق إقامة ورش عمل ودورات في الغرف التجارية ودعوة المتخصصين لها.
كما ينبغي تقوية البنية التحتية لاستخدام الإنترنت المصرفي وهذا يتطلب تعاون عدة جهات منها المصارف التجارية، وشركات الاتصالات حيث أتت معوقات البنية التحتية في المرتبة الثالثة. بعد ذلك يتم تدريب موظفي المصارف على كيفية التعامل مع هذه التقنية ثم نشر البيانات والمعلومات عن طريقة تعامل المصارف في مجال الإنترنت المصرفي كي تتضح للعميل هذه الآلية فعدم الوضوح يؤدى إلى إحجام وتردد كثير من العملاء عن التعامل بهذه الخدمة.
بينت الدراسة أن عملاء بعض المصارف يواجهون هذه المعوقات أكثر من بقية المصارف الأخرى، لذا عليها تحديدا أن تقوم بمسح شامل لعملائها للتأكد من درجة أهمية هذه المعوقات بالنسبة لهم فقد تكون خدمة الإنترنت المصرفي مقدمة بشكل جيد ولكن العملاء غير مدركين بوجودها أو بأهميتها. كما ينبغي التأكيد على أن يشارك في تصميم مواقع الإنترنت الخاصة بهذه المصارف بالذات بمختصي تسويق ليضعوا أساليب إعلانية ودعائية تجذب العملاء وتوعيهم حول كيفية استخدام الشبكات والتقنيات الحديثة من أجل الاستفادة من الخدمات المصرفية. وكذلك وضع خطط عمل مناسبة لتطبيق أنشطة عمل المصرف الإلكتروني وضمان التطوير والاستمرار في التقييم والبحث مع التطورات السريعة في قطاع المصارف الإلكترونية بشكل عام وفي مقدمتها الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.
وكل هذا يعتمد على تهيئة بيئة اقتصادية مبنية على أسس اقتصاد المعرفة بكل ملامحه المعلوماتية والمعرفية لتتسنى الاستفادة من الخدمات الإلكترونية بشكل عام وخاصة خدمات الإنترنت المصرفي. كما يعتمد أيضا على إصدار القوانين والتشريعات التي تنظم عمل الخدمات الإلكترونية والصيرفة الإلكترونية لاعتماد وسائل الدفع الإلكترونية والاستفادة من المزايا التي توفرها للمتعاملين فيها. يصاحب ذلك نشر الوعي التكنولوجي بين موظفي المؤسسات المصرفية مع وضع استراتيجية خاصة وواضحة للمعاملات الإلكترونية المصرفية ومنها خدمة الإنترنت المصرفي.
ولا يقف الموضوع عند هذا الحد بل ينبغي تطوير الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف خصوصا من الناحية الأمنية حتى تزداد ثقة العملاء بخدمة الإنترنت المصرفي عن طريق عقد مؤتمرات وندوات حول هذا الموضوع حتى تستفيد المصارف والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة من نتائج الدراسات لتطوير خدماتها في مجال الإنترنت المصرفي للبعد عن الارتجالية والعشوائية في التطبيق. فرغم أهمية الموضوع إلا أن الأبحاث في مجال "الإنترنت المصرفي" محدودة ولم تحظ بالاهتمام اللازم فغالبية الدراسات تركز على التجارة الإلكترونية والتسويق الإلكتروني إلا أن الأبحاث في مجال الإنترنت المصرفي قليلة لذا سوف أختم المقال ببعض الدراسات المقترحة التي ينبغي إجراء مزيد من الدراسة عليها ومنها:
ـــ أخذ آراء مديري المصارف السعودية عن المعوقات التي تواجههم عند التعامل بهذه التقنية.
ـــ إجراء مزيد من الدراسات على العملاء الذين يستخدمون والذين لا يستخدمون الإنترنت المصرفي لمعرفة الأسباب أو الدوافع التي دفعتهم نحو استخدامهم هذه التقنية الجديدة ومعرفة الأسباب وراء إحجامهم عن استخدامها والعمل على تذليل الصعاب.
ـــ تقدم المصارف خدمة الإنترنت المصرفي لثلاث فئات وهي: العملاء الأفراد، والشركات، والجهات الحكومية. وغالبية الدراسات مقتصرة على المعوقات التي تواجه العملاء الأفراد دون غيرهم من الفئات. لذا يمكن للدراسات اللاحقة التطرق للمعوقات التي تواجه الشركات والجهات الحكومية التي تتعامل مع الإنترنت المصرفي.
(المصدر: الاقتصادية 2016-03-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews