هل الإنترنت المصرفي بنك إلكتروني؟
سادت مفاهيم خاطئة في تحديد مفهوم "البنوك الإلكترونية"، وما المقصود بـالصرفة الإلكترونية؟ وهل تشمل الصرفة الإلكترونية أجهزة الصرف الآلي فقط أم الإنترنت المصرفي فقط أم كليهما معا؟ وهل الصيرفة الإلكتروني تعد مرادفا للنظام المصرفي عبر الإنترنت؟
فالتسميات تختلف حول مفهوم المصارف الإلكترونية ولكنها تصب في مفهوم واحد هو المصارف التي تعمل عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت). ويطلق عليها عدة مسميات مثل المصارف الإلكترونية Electronic Banking، ومصارف الإنترنت أو الإنترنت المصرفي Internet Banking، وأحيانا يطلق عليها مصطلح Online-Banking، المصارف الإلكترونية عن بعد Remote Electronic Banking، والمصرف المنزلي Home Banking، والمصرف على الخط، أو المصارف الخدمية الذاتية Self –Service Banking أو مصارف الويب Web Banking.
ومن أبرز من عرف البنوك الإلكترونية توفيق (2003) حيث يقول، إن البنوك الإلكترونية عبارة عن قيام العميل المرخص له ببعض أو كل العمليات المصرفية التقليدية والمتاحة من البنك والتأثير على النظام المحاسبي للبنك مباشرة من خلال الشبكات الإلكترونية لتنفيذ عمليات مصرفية. وقد يكون الاتصال من خلال منافذ أخرى للبنك (خط هاتف - آلة) عندما يتعامل مع البنك بإحدى وسائل الدفع لنقود إلكترونية كبطاقات الائتمان أو بطاقة الصراف الآلي من أحد المنافذ المتصلة بالبنك لتنفيذ هذه العمليات. وترى البارودي (2005) أن البنوك الإلكترونية ليست حكرا على المؤسسات المصرفية وإنما قد تتدخل أيضا جهات غير مصرفية لتلبية احتياجات التسويق الإلكتروني التي تمارسها عبر مواقعها، لذلك قد نجد مواقع على شبكة الإنترنيت لقطاعات غير بنكية قد دخلت بقوة في سوق الاستثمار في البنوك الإلكترونية، وهكذا فإن التحدي في ميدان الصناعة البنكية الإلكترونية هو في مستوى الخدمة المقدمة والقدرة على جذب العملاء. وظلت البارودي تتساءل عن مفهوم البنك الإلكتروني؟ فقد رأت أن البنوك التي اكتفت بإنشاء موقع تعريفي لخدماتها لا يدخل ضمن مفهوم البنك الإلكتروني، كما أن البنوك التي اكتفت بنقل خدماتها المصرفية على الخط لا تعد أيضا بنوكا إلكترونية. أما مفهوم البنك الإلكتروني الشامل فان البنك يحتفظ بالعميل ويبقيه ضمن الموقع ويوفر له كل ما يطلبه باتصاله بالخدمة المصرفية، وتنفيذ ذلك إما عبر شركات فرعية للبنك، أو مواقع مرتبطة به، أو من خلال جهات خارجة ترتبط مع موقع البنك وتكفل له الرجوع ثانية لإتمام العملية المصرفية المرتبطة بالخدمة غير المصرفية، لذا يجد العميل كل ما يحتاج إليه ولا يتاح له التفكير للخروج من الموقع.
من خلال التعاريف السابقة يتضح أن أغلبيتها تشترك في فكرة واحدة وهي توظيف التقنية لتمكين العميل من الوصول إلى حساباته في البنك وإجراء الخدمات المصرفية التي كان يجريها بالطريقة التقليدية. وقد تبين أيضا أن ليس هناك تعريف دقيق للمصارف الإلكترونية بسبب سرعة التطورات في هذا المجال وظهور عدة مفاهيم متشابهة ومتشابكة مثل الإنترنت المصرفي، والصرافات الإلكترونية، والبنوك الإلكترونية وغيرها.
وبما أن هناك عدة مصطلحات للمصارف الإلكترونية فإن مصطلح "الإنترنت المصرفي" Online-Banking يقتصر على الخدمات التي تقدمها البنوك عن طريق الإنترنت ويستثنى منها الأدوات الإلكترونية الأخرى كالصرافات الإلكترونية والهاتف أي الخدمات التي تقدمها البنوك عن طريق الإنترنت.
وحتى نعرف الفرق بين هذه المصطلحات نحتاج إلى العودة إلى نقطة البداية. فقد بدأت شبكة الإنترنت في نهاية الستينيات من القرن الماضي عندما أنشأت الحكومة الأمريكية شبكة الإنترنت عام 1969 إبان الحرب الباردة خوفا من أي تدمير لأي مركز من مراكز الاتصال الحاسوبي من ضربة صاروخية سوفيتية. وفي أوائل السبعينيات 1972 عقد المؤتمر الدولي الأول لاتصالات الحاسوب وظهرت خدمة البريد الإلكتروني ثم انضمت كل من بريطانيا والنرويج إلى عمل الشبكة لتصبح شبكة دولية بدلا من كونها شبكة أمريكية. وبعد ذلك انتشرت في كثير من الدول إلى أن تبلورت هذه الظاهرة في بداية الثمانينيات لكي تصبح في كثير من المواقع وسيطا تجاريا فاعلا.
أما المصارف الإلكترونية فتعود نشأتها إلى بداية الثمانينيات من القرن الماضي مع ظهور النقد الإلكتروني. وبدأ استخدام البطاقات مع بداية القرن الماضي في فرنسا على شكل بطاقات كرتونية تستخدم في الهاتف العمومي وبطاقات معدنية تستعمل على مستوى البريد في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي عام 1958 أصدرت American Express أول بطاقة بلاستيكية لتنتشر على نطاق واسع. وفي عام 1968 قامت ثمانية مصارف بإصدار بطاقة ""Bank Americard لتتحول إلى شبكة Visa العالمية، وفي العام نفسه تم إصدار البطاقة الزرقاء Bleu Card"" من طرف ستة مصارف فرنسية. وقامت اتصالات فرنسا France Telecom" " في عام 1986 بتزويد الهواتف العمومية بأجهزة قارئة لبطاقات الذاكرة (Cartes à mémoire) لتصبح عام 1992 كل البطاقات المصرفية بطاقات برغوثية (Cartes à puce) تحمل بيانات شخصية لحاملها.
وخلال منتصف التسعينيات ظهر أول مصرف إلكتروني في الولايات المتحدة الأمريكية يميّز بين نوعين من المصارف كلاهما يستخدم تقنية الصرفة الإلكترونية،
- المصارف الافتراضية (مصارف الإنترنت) و تحقق أرباحا تصل إلى ستة أضعاف المصرف العادي.
- المصارف الأرضية ويقصد بها المصارف التي تقدم خدمات تقليدية وخدمات الصرافة الإلكترونية في آن واحد.
ويرجع انتشار المصارف الإلكترونية - كما بينتها أدبيات التسويق الإلكتروني - إلى عنصرين أساسيين، أولهما أهمية ودور الوساطة بفعل تزايد حركة التدفقات النقدية والمالية في مجال التجارة و الآخر تطور المنظمة الإعلامية للاتصال التكنولوجي.
ورغم انتشار هذا النوع من الصيرفة بشكل ملاحظ فيه إلا أن هناك عدة معوقات تواجه البنوك والمتعالمين معها يمكن أن نتطرق لها في مناسبات قادمة إن شاء الله.
(المصدر: الاقتصادية 2015-12-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews