مهمة أوباما الأخيرة
«جئت إلى هنا لادفن آخر ما تبقى من الحرب الباردة في الأمريكيتين»، قال رئيس الولايات المتحدة، براك اوباما، في خطاب أمام الشعب والحكومة الكوبيين في هافانا. لقد جسد اوباما في زيارته التاريخية إلى كوبا معظم الاهداف العظمى التي وضعها لنفسه كرئيس: فقد اتخذ خطوات لانهاء المقاطعة ضد كوبا، أجاز قانون الصحة الرسمي، أخرج الولايات المتحدة من الازمة الاقتصادية، صفى اسامة بن لادن، خرج من العراق ووقع على الاتفاق النووي مع إيران. ليس صدفة أن كان هدف خطاب بنيامين نتنياهو أمام ايباك واحد: منع اوباما من تكريس ما تبقى له من ايام كرئيس للمهمة التاريخية الكبرى التي تنهي ولايته، «المرحلة النهائية» فيها: ان يدفن آخر ما تبقى بالتأكيد من الحرب الباردة ـ النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
كيف يتم هذا؟ التشهير باوباما مرة اخرى؟ هذا لن يكون عمليا. تبقت له تسعة اشهر ولاية اخرى، وهو ليس متعلقا باللوبي اليهودي كي يعاد انتخابه وهو حر في التقدم في الاتجاه الذي يأمره به ضميره التاريخي. وبدلا من ذلك، من المجدي ببساطة التشهير بالامم المتحدة.
الاستراتيجية الجديدة هي: هذا ليس أنت، يا اوباما، بل هم. وهكذا، بعد أن شكر الرئيس على دعمه لاسرائيل وعلى الصواريخ التي زودها بها، وجه سهام خطابه إلى العدو الدولي، جعل منه نحطم الصمت: «في الأمم المتحدة يشهرون باسرائيل، الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الاوسط، مثلما لا يفعلون لاي دولة اخرى. في الأمم المتحدة تتعرض اسرائيل لتمييز منهاجي وثابت. اسرائيل فقط تتعرض للشجب المتكرر في مجلس حقوق الانسان… ونزع شرعية عن مجرد وجودها»…، والمزيد هنا وهناك.
في ضوء كل هذا، تساءل نتنياهو بصوت عال، «لماذا يفكر احد ما ان يكون بوسع الأمم المتحدة أن تقرر السلام العادل والامن لاسرائيل؟»، وأمر اوباما بأن يستخدم الفيتو على قرارات في الموضوع الفلسطيني لمجلس الامن. مثل هذه القرارات، كما شرح، ستبعد السلام فقط. ويفهم تقريبا من اقوال نتنياهو بان الأمم المتحدة هي التي تخرب على فرص تقسيم البلاد إلى دولتين، وهو الحل الذي يتوق له جدا نتنياهو، حسب اقواله في ايباك. ذات السلام الذي تريده جدا اسرائيل ويرفضه الفلسطينيون، ذات مسيرة السلام التي تتحمس اسرائيل لقيامها، بلا شروط مسبقة وانطلاقا من التزام مطلق بحل الدولتين، وفقط محمود عباس هو الذي يرفض.
من كوبا واصل اوباما إلى الارجنتين، في زيارة اولى لرئيستها الجديدة، ماوريسيو ماكري. هناك، في حديث مع التلاميذ والمعلمين، اعترف بانه لا يتوقع اختراقا في السلام في الشرق الاوسط قبل نهاية ولايته وعاد واعلن تأييده لحل الدولتين. وقال: «لم اتمكن من تحقيق هذا، ولا أمل عندي في أن يحصل هذا في الاشهر التسعة القريبة القادمة… نحن لا يمكننا أن نفعل هذا نيابة عنهم». والان السؤال هو ماذا يعني هذا؟
لا شك أنه يفهم من اقوال اوباما بان الأمريكيين لا يدعون المبادرة مرة اخرى إلى مسيرة سلام. فلا يمكن تحقيق السلام في تسعة اشهر، قال. ولكن ممكن بالتأكيد تغيير شروط البدء التاريخية للمسيرة من خلال اعتراف دولي بدولة فلسطينية، وان كانت دولة غير محددة الحدود.
لقد سبق للامم المتحدة أن قررت اقامة دولة فلسطينية، إلى جانب اسرائيل. حصل هذا في 1947، والحاضرة اليهودية في بلاد اسرائيل استقبلت هذا بحماسة هائلة. فهل تلغي التطورات التاريخية المأساوية التي نشأت عن رفض الفلسطينيين المنطق من التقسيم منذ البداية؟
لقد وقعت لاوباما فرصة لاحداث تحول تاريخي ونقل المسيرة السلمية لتتجاوز العائق الاعلى بين كل العوائق ـ العائق الاول. فاذا امتنع عن استخدام الفيتو على قرار بهذا الشأن في مجلس الامن في الأمم المتحدة، فانه سيسمح للمسيرة السلمية بالانتقال إلى خطوط اخرى: إلى بحث بين دولتين، مع كل الحمايات التي توفرها الأمم المتحدة للدول الاعضاء فيها. هذا بالتأكيد سيكسبه سجل انهاء مناسب لولايته المثيرة للانطباع.
(المصدر: هآرتس 2016-03-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews