روسيا لقّنت أمريكا دروساً في الحرب
في خضم التكهنات بالأسباب التي دفعت الرئيس فلاديمير بوتين إلى "الانسحاب" من سوريا، كتب بليك فرانكو، الباحث في السياسة الدفاعية والخارجية والمتخصص في شؤون روسيا وشرق أوروبا ووسط آسيا، في تقرير، أن الخطوة العسكرية الروسية يمكن أن تقدم دروساً للولايت المتحدة حول كيفية شنّ حروب مستقبلية.
الدرس الأهم من سوريا كان بسيطاً، وهو أن وضع أهداف واضحة ومحددة، عند التدخل في صراعات، يمكن أن يحل بديلاً عن رؤى رنانة في شأن تغيير نظام ما، أو بناء دولة.
أهداف متحولة
ويقول فرانكو إن أهداف واشنطن الغامضة والمتحولة في سوريا ساعدت الروس، وهم منافسون ذوو جيش ووسائل مالية وديبلوماسية أضعف، على توجيه ضربة مربكة لإدارة أوباما. ولعل التعلم من تلك الأخطاء يمكن أن يساعد الولايات المتحدة على اتخاذ قرارات أفضل، في حال الانخراط في حروب لاحقة.
تفادي مأزق
ويلفت الكاتب إلى أن الخطوة الأولى التي اتخذها الروس لتجنب الوقوع في مأزق في سوريا كانت في تحديد مصالحهم في الحرب الأهلية هناك. وفي الأشهر الأخيرة، عكف عدد من المحللين على تفنيد تلك المصالح. وكان أكثر المبررات إقناعاً دعم نظام الأسد. وعزا البعض سبب سحب القوات الروسية الى ارتفاع كلفة الحرب، أو الإرهاق العسكري. ولكن ذلك لا ينفي حقيقة أن أهداف روسيا المعلنة من الحرب قد تحققت. ففي أكتوبر( تشرين الأول)، قال مسؤولون روس إنهم سعوا الى دعم نظام الأسد و مساعدته، بقدر الإمكان، على استرجاع أكبر مساحة من الأراضي. ومع أن مكاسب الجيش السوري كانت محدودة، فقد نجح في وضع قوات المعارضة في موقف دفاعي في مناطق رئيسية، وأثار مخاوفها من احتمال أن تكون مكاسبه التي حققها بدعم روسي، دائمة.
تخمينات
ورغم تخمينات بشأن النوايا" الحقيقة" لروسيا، يقول فرنكو إن الوقائع تشير إلى أن روسيا شعرت بأن الأسد معرض للإنهيار ، ولذا تدخلت وأوقفت تقدم المعارضة المسلحة، وشنت هجوماً مضاداً، وهي اليوم تغادر بعدما تركت القوات الموالية في حالة ثبات وفي موقف هجومي. وربما كانت روسيا تأمل في أن يتمكن الأسد من استعادة كامل الأراضي السورية، لكن يبدو أن الرئيس السوري وحده هو من يعتقد بامكان حصول ذلك. لقد نجحت روسيا في الحفاظ على النظام، وثبتت الأسد بعكسها الزخم الذي كان يصب في مصلحة قوات المعارضة، محققة عملياً الأهداف التي أعلنت عنها منذ بداية الحملة الجوية.
خصوم وموالون
ولفت الكاتب إلى أن الخطوة الثانية التي قامت بها روسيا في سوريا هي التركيز على تحديد حلفائه وخصومه. ومنذ وقت مبكر، أعلن كل من دمشق وموسكو أن جميع من يعادون النظام هم، في نظرهما، إرهابيون. وقد أوضح السفير السوري في روسيا ذلك المنطق بقوله إن الهدف لم يكن تدمير تنظيم الدولة فحسب، وإنما أيضاً القضاء على كل قوات المعارضة في سوريا، نظراً إلى أنهم يعملون من أجل هدف مشترك، وهو" نشر الإرهاب".
وأما الموالون، فقد عرّفهم النظام وروسيا معه، بأنهم خليط من الجيش السوري ومتطوعين إيرانيين ومن ميليشيا حزب الله. وقد ركز محللون أمثال مايكل كوفمان على هذه النقطة، قائلا:" تجري في سوريا حربان، حملة بقيادة أمريكية لمحاربة تنظيم الدولة، وحرب روسية/ سورية/ إيرانية لمحاربة جميع أطراف المعارضة. وقد تمتعت موسكو بالمرونة في كيفية إدارة تدخلها في سوريا بسبب تلك القوات البرية الموحدة.
أهداف فرعية
ونظراً إلى عدم حاجتها لنشر العديد من القوات البرية، استطاعت روسيا التركيز على أهداف فرعية، كتطوير التنسيق بين الفروع الخدماتية، واختبار أنظمة عسكرية جديدة، وعرض أسلحة جديدة بغرض الدعاية لتصديرها.
في المقابل، يقول فرانكو، أن المشكلة الرئيسية بالنسبة للولايات المتحدة كانت افتقار أهدافها في سوريا إلى الوضوح. فقد انتقل مسؤولو البيت الأبيض من القول إن "على الأسد أن يرحل" إلى لغة التمنيات، واليوم يقولون:" ليس واضحاً بعد ما إذا كان يفترض بالأسد أن يرحل". ويختم قائلا:" إذا كانت أهداف واشنطن في سوريا تقوم على خلع الأسد ودحر تنظيم الدولة، فإن أياً من تلك الأهداف لن يتحقق قريبا".
(المصدر: ناشيونال إنتريست 2016-03-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews