دمج «أسهم» لندن وفرانكفورت ميلاد لأكبر بورصة عالمية

الإعلان الرسمي عن اندماج مجموعة بورصة لندن مع البورصة الألمانية يتيح للمستثمرين والمستخدمين والمتنافسين، أول فرصة لرؤية كيف تبدو القوة الأوروبية المحتملة في الممارسة العملية.

كانت الشركتان حريصتين على تسليط الضوء على نطاق الصفقة، فهي ستربط لندن، أكبر مركز مالي في أوروبا، مع فرانكفورت، مقر البنك المركزي الأوروبي، ومركز تسوية العملة الموحدة والمقاصة والمدفوعات.

سوف تصبح البورصة الوليدة أيضا أكبر بورصة في العالم من حيث إجمالي الدخل، تحوي على أكبر إدراجات الأسهم، وتسيطر على مزيد من تداولات المشتقات من أي كيان آخر في العالم.

وكما هو متوقع، سيكون مقر الشركة القابضة للأعمال المشتركة في لندن، مع مجلس ذي تمثيل متساو.

ومع ذلك، كانت السوق أكثر اهتماما في مدى نجاح أي كيان مشترك، سواء كان ذلك من شأنه أن يؤثر في المنافسة، وعما إذا كان في إمكان هذا الكيان إقناع الأجهزة المنظمة لمكافحة الاحتكار والمساهمين المدركين، بأن مقدمي العطاءات الآخرين ربما يتربصون بهم. بالنسبة للمستخدمين، من شأن بعض تعاملاتهم اليومية أن تستمر كالمعتاد حتى رغم سعي الشركات إلى إجراء تخفيضات عميقة في التكلفة وراء الكواليس.

وقال كزافييه روليه، الرئيس التنفيذي لمجموعة بورصة لندن: "المفهوم بسيط جدا".

"ستبقى الجهات العاملة حيث هي الآن. وسنوائم التكنولوجيا التي تدعم المنصات لدينا، ونمر على كل شيء بالتفصيل".

التكلفة المقترحة للتعاضد والبالغة 450 مليون يورو تعادل 20 في المائة من قاعدة النفقات المعدلة للمجموعة المشتركة، بحدود 2.2 مليار يورو لعام 2015. وسيكون جزء كبير من ذلك من خلال خفض المئات من فرص العمل في تكنولوجيا المعلومات.

ومع ذلك، كانت البورصتان حريصتين أيضا على التأكيد على ما تعلمتْه كل منهما من صفقات فشلت في الصناعة، ولا سيما اندماج بورصة نيويورك مع يورونكست في عام 2007، وكيف سينتفع مستخدموها بشكل أفضل من هيكلها.

بورصة لندن ستبقي على إمكانية الوصول المفتوح لغرفة المقاصة LCH.Clearnet، وستصبح كل منهما في الواقع عميلا في غرف مقاصة بعضهما بعضا من أجل خلق الوفورات، التي تمت الطنطنة لها على متطلبات رأس المال للمصارف، التي تتداول المشتقات بالمليارات من الدولارات. وإن ذلك سيعني أيضا أن بورصة لندن لا تحتفظ سوى بحصة نسبتها 58 في المائة في LCH، مع بقاء البقية بحيازة عملائها الرئيسيين، أي المصارف.

وقال روليه: "لن يتغير شيء على الملكية"، ستحتفظ كل بورصة أيضا بمراكز بيانات منفصلة، حيث يتم إجراء التداول، وهو ما يشير إلى الإقرار بوجود جاذبية عاطفية لإبقاء البورصة، حيث هي موجودة فعليا داخل الحدود الوطنية.

هل هذا يعتبر مقنعا بما فيه الكفاية بالنسبة للمساهمين؟ يقول بعض المحللين إن ترتيب هذه الشركات يمكن أن يخلق عقبات صعبة. وقال أوين جونز، المحلل في سيتي جروب: "من الصعب تصور صفقة من دخيل يكون قادرا على تقديم مثل هذا المستوى العالي من دمج التكاليف. وكنا قد توقعنا دمج بين 300 مليون يورو و360 مليون يورو باعتباره ممكنا مقابل 450 مليون يورو أعلنت اليوم".

وقد أشارت الشركة المنافسة الأمريكية ICE إلى أنها يمكن أن تقدم عرضا، ولكن لديها الآن مزيد من الوقت لاتخاذ قرار حول ذلك. ووفقا لقواعد لجنة الاستحواذ البريطانية، إعلان اتفاق رسمي بين بورصة لندن والبورصة الألمانية، يعني أنه لم يعد يتعين على ICE التوصل إلى استنتاج بحلول 29 آذار (مارس) المقبل.

وضع الشركة القابضة في لندن وخفض الوظائف، خصوصا في فرانكفورت، يمكن أن يزيد أيضا من الحساسيات السياسية.

ويتساءل آخرون عما إذا كان الجمع بين البورصتين مع عمليات واسعة النطاق في تداول الأسهم والمشتقات والمقاصة، وتقديم البيانات، يمكن أن يلبي موافقة مكافحة الاحتكار دون أي تعديلات. ومن شأن الصفقة تحت مالك واحد أن تجلب بعض أدوات التداول الأكثر شعبية في العالم، مثل مؤشر يورو ستوكس 50 ومؤشر فاينانشال تايمز 100.

ربما كان الاختبار النهائي يكمن في قدرة الشركات على إقناع الأجهزة المنظمة لمكافحة الاحتكار في بروكسل، للسماح بما يمكن أن يكون رائد السوق بلا منازع في أوروبا. كلا الجانبين يعترف أنه يمكن أن يكون من الصعب تمييز الوسائط المحتملة لتحقيق مطول محتمل من سلطات المنافسة.

كما يقول جون كولي، أستاذ الممارسة في كلية وارويك الأعمال: "إن أوروبا بحاجة إلى بطل قوي للتنافس ضد البورصات الأمريكية وهونج كونج".

ويضيف: "ومع ذلك، لا تزال سلطات المنافسة غير مقتنعة بهذا الكلام. في الماضي كانت سلطات المنافسة الأوروبية تميل لرؤية مثل هذه الاندماجات على المستوى الأوروبي".

(المصدر: فايننشال تايمز 2016-03-18)