الأهلى والزمالك بين إعلام الحقيقة والأرقام وإعلام النازية والأكاذيب

عادت مرة أخرى أخبار اقتحام الألتراس والوايت نايتس لمباريات الأهلى والزمالك لتتصدر المشهد من جديد إيذاناً ببداية موجة جديدة من غضب شباب المشجعين ضد حرمانهم من دخول المباريات، وهى القضية التى طالت وباخت ومسَّخت، وباتت تشير إلى عجز الدولة الرياضى والسياسى والأمنى.. وقد كنا نتفهم تأجيل حل هذه المشكلة لتخفيف الضغط عن الأجهزة الأمنية التى تواجه إرهاباً غبياً وشرساً.. أما الآن وبعد أن انحسرت هذه العملية الإجرامية عدداً وكيفاً، وبسطت الدولة يدها على كل مفاصلها، ولأن الإرهاب ليس له موعد أو مكان، ولأنه قادر على أن يضرب أى دولة مهما كانت قوتها واستعدادها، ولأنه من الخطأ الجزم بموعد نهاية الإرهاب، بات من المهم أن نعيد طرح الموضوع، وألا نترك أنفسنا لمسؤول مرتعش يتعامل مع قضايا الوطن الحساسة على طريقة (الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح)، فبقاؤه مسدوداً أكثر من ذلك ليس معناه الهدوء، بل قد يكون الصمت الذى يسبق الانفجار، ووقتها سيكون أثره أكثر تدميراً من أى حسابات أو أضرار قد تقع لو واجهنا المشكلة الآن وليس غداً.. وقد كانت مباراة الأهلى والزمالك فى كرة السلة التى حضرتها جماهير الألتراس والوايت نايتس دون سابق إعداد أو ضوابط - كانت مؤشراً لكارثة قد تقع فى أى وقت.. والعقل والمنطق والإدارة الحكيمة للدولة تقول إن الذهاب للمشكلة وحلها أفضل من انتظار وقوع الكارثة.

وظنى أن الدولة، ممثلة فى وزير الرياضة، عليها أن تتحرك وكفاها مماطلة وتسويفاً وإلقاء كرة النار فى ملعب الأمن. والتحرك كما أفهمه فى ثلاثة اتجاهات:

أولاً: إصدار قانون مكافحة الشغب فى الملاعب، فإذا لم يتوفر الوقت فإن قانون العقوبات الجنائية يكفى ويزيد لردع أى مشاغب أو مخالف أو متجاوز.

ثانياً: تكليف الأندية بتوفير شركات أمن خاصة لتنظيم دخول الجماهير للملاعب تقوم بالتفتيش الذاتى للمشجع، مع وضع كاميرات مراقبة على منافذ الدخول لضبط أى مخالف، وهذه الشركات لديها من الإجراءات ما يضمن دخول المشجع الذى يحمل تذكرة، ولا مانع من أن تبدأ المرحلة الأولى بعدد محدد من الجماهير مع إيجاد وسيلة عادلة ومنظمة لبيع هذه التذاكر من خلال الإنترنت أو غيرها من الطرق التى يتم التوافق عليها، وأن يمنع اقتراب أى مشجع لا يحمل تذكرة من حرم الاستاد، الذى يحدد قبل الملعب بمساحة تسمح للأمن بضمان عدم التكدس أو التزاحم.

ثالثاً: تغليظ اتحاد الكرة للعقوبات على جماهير النادى المشاغب بما فيها خصم نقاط، وأعتقد أن اتحاد الكرة أنجز هذا المشروع، ولا مانع من تشكيل لجنة طوارئ فى بداية عودة الجماهير كى تتابع انتظام الحركة وتراجع الإجراءات حتى نصل للطريقة المثلى.

المهم الآن أن نواجه المشكلة ونبدأ فوراً فى الحل، أما الجلوس وأيدينا على خدودنا فى انتظار الحل السماوى فإنه لن يأتى، بل انتظروا الكارثة.

■ ■ ■

استوقفنى خبر تضامن لاعبى الأهلى مع زميلهم أحمد الشيخ فى المشادة التى وقعت بينه وبين بعض جماهير الألتراس فى أنجولا، واتهامهم له بأنه يهتم بتسريحة شعره أكثر من اهتمامه بالكرة.. ورغم أن المشادة بسيطة وعابرة، وطالما وقعت بين الجماهير واللاعبين، فإنها تصب فيما كنت أتحدث عنه الأسبوع الماضى، وهو أن لاعبى الأهلى لم يقنعوا جماهيرهم بحرصهم وحماسهم وإصرارهم على عودة البطولات الكبيرة للنادى، وأن إمكانياتهم تؤهلهم لما هو أفضل بكثير مما هو عليه الفريق الآن.. لذا عليهم قبل أن يتضامنوا مع زميلهم أن يتضامنوا مع أنفسهم وناديهم، ويلعبوا الكرة التى تُمتِّعنا وتنسى جماهيرهم ما كان.

■ ■ ■

«اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الناس وتصدق أنت نفسك كذبتك».. قفزت هذه المقولة لجوزيف جوبلز، وزير الدعاية النازى ورفيق أدولف هتلر، وهى إحدى القواعد الرئيسية التى قام عليها الإعلام النازى، والتى أراها يعاد إنتاجها من وقت لآخر فى إعلامنا، قفزت هذه العبارة وأنا أشاهد أحد الأبواق الإعلامية المريضة بكراهية الأهلى تتحدث عن ميزانية النادى وتحرض أعضاء الجمعية العمومية لرفضها، لأن الأهلى خربان، والكرة خسرانة مليونى جنيه، والميزانية مبالغ فيها.. وغيرها من الأكاذيب المرسلة، التى يتم تداولها بشكل فيه استغباء للناس وتضليل لحقائق وأرقام لا تخطئها العين المجردة وتفهمها العقول البسيطة،

وعن نفسى لا أمانعك أن تسحب الثقة من مجلس طاهر لأنك تكرهه، أو لا يأتى على هواك، أو لا يلين تحت لسانك الكاذب، أو يقف أمام طموح البعض وأطماعهم، ولكن أن تطالبهم برفض الميزانية فهذا هو الغباء بعينه، والكذب عندها يكون مفضوحاً، وهنا لن أرد بالكلام والأوصاف، ولكن سأعرض ما تحت يدى الجميع من أرقام وحقائق ومقارنات:

المقارنة الأولى «بين الأهلى والأهلى»، أو بين ميزانية الأهلى قبل مجلس طاهر وسابقه، بقصد المقارنة وليس بقصد اللوم على السابقين، فلكل مجلس ظروفه وإنجازاته وسلبياته. والمقارنة الثانية بين ميزانية الأهلى والزمالك هذا العام.

فحجم ميزانية الأهلى هذا العام ٥٧٢ مليون جنيه فى مقابل ٢٥٠ مليون جنيه للمجلس السابق.. بينما الفائض ٢٥٩ مليون جنيه، وهو الفائض الأضخم فى تاريخ النادى والأندية المصرية مقابل (٣ ملايين جنيه) هى فائض آخر ميزانية لمجلس الكابتن حسن حمدى.

ثم نأتى لرقم آخر أهم، وهو الأصول الثابتة، الذى على أساسه يتحدد مدى نجاح أى مؤسسة اقتصادية، حيث بلغت الأصول الثابتة فى ميزانية هذا العام ١٨١ مليون جنيه مقابل ٨٠ مليون جنيه فى ميزانية الأهلى قبل عامين. أما النقدية فى البنوك ففى خزينة الأهلى ١٠٣ ملايين جنيه مقابل ٣ ملايين جنيه تركها المجلس السابق فى خزينة النادى.. والأرقام كثيرة، ولكننى اخترت بعض الأرقام الكاشفة للحقيقة التى تقول إن مجلس طاهر أنجز ما لم يستطع أن ينجزه آخرون، وإذا كان من حقك أن ترفضه لشخصه، فإنه من الصعب أن ترفض ميزانيته.

والمقارنة الثانية مع النادى المنافس، الذى قدمه الإعلام لنا طوال العامين الماضيين باعتباره النادى الأفضل والإدارة العبقرية، وهنا سأقصر المقارنة على ثلاثة أرقام: الأول «الفائض»، حيث إن فائض ميزانية الزمالك ٦٢٠ ألف جنيه بفارق ٢٥٨ مليوناً و٤٠٠ ألف جنيه عن النادى الأهلى، وهو فارق خيالى يكشف لنا كيف أن الإعلام كان يُصدِّر لنا عن الزمالك صورة ليست حقيقية، أما الثانى: «النقدية» أو الأموال الموجودة فى خزينة الزمالك وقت إصدار الميزانية فهو ٣ ملايين و٣٠٠ ألف جنيه، بفارق مائة مليون جنيه عن الأهلى، أما الثالث: «خسائر الكرة» ففى الأهلى ٢ مليون جنيه بينما فى الزمالك ١٨ مليون جنيه، ولكن حتى لا نظلم الزمالك فى مقارنة أجبرنا عليها الإعلام النازى فإن ما حققه فى هذه الميزانية يعد الأفضل عن الأعوام السابقة، ولا يمكن أن نغفل أنه حقق بطولتين مهمتين، هما الدورى والكأس.

للمرة الثانية والثالثة والمليون أقولها: ليس معنى أنكم تريدون رأس محمود طاهر من قبل الغيرة أو الانتقام أو الطمع أو الكراهية أن تحرقوا الأهلى وإنجازاته والمستقبل العظيم الذى ينتظره بعد أن تحول إلى مؤسسة اقتصادية عملاقة فى وقت تنهار فيه المؤسسات.

.. وإذا كان قدر النادى الأهلى أن يتحمل أخطاء غيره فإن جمعيته العمومية قادرة بذكائها ووعيها وحضورها وحشدها الضخم أن ترد كيد المتربصين والمخطئين، وأن تحمى استقرار ناديها وتقول كلمتها الفاصلة فى هذا المشهد العبثى، وهى الكلمة التى تعلو كل الكلمات والصغائر والصغار، فالمشاركة فى هذه الجمعية العمومية باتت واجبة للاختيار والرد، وإعطاء درس للمتربصين والمزايدين والكاذبين والطامعين.

(المصدر: المصري اليوم 2016-03-17)