الشراكة مع الشركات الناشئة .. الدوافع والمزايا
لطالما كانت سبل التعاون بين الشركات الكبرى والناشئة محدودة في السابق، ومن المستغرب كيف أصبحت أمرا شائعا في يومنا هذا.
يعد مصرف "دي بي إس" ومقره سنغافورة أكبر مصرف في جنوب شرقي آسيا من حيث الأصول، ولكن لا يعتبر الأشخاص المشرفون عليه الاستمرار في ازدهاره أمرا مفروغا منه، ولا يجب عليهم أن يقوموا بذلك، مع العلم أنهم يدركون أنهم وعلى غرار المصارف الآسيوية، أكثر عرضة للتأثر بالتكنولوجيا المصرفية التخريبية من أقرانهم الغربيين.
استثمر مصرف "دي بي إس" مبلغ 1.2 مليار دولار في المبادرات الرقمية لتجنب هذا التهديد. ومن الغريب أن يتضمن ذلك مد يد العون لرواد الأعمال الآسيويين، في الوقت الذي يقوم فيه بمواجهة التحديات الناجمة عن عالم الشركات الناشئة. كما أطلق مصرف "دي بي إس" أخيرا بالتعاون مع أحد مراكز الأعمال الرائدة، برنامج التوجيه للشركات ومقره هونج كونج. ويعتبر البرنامج مكملا لبرنامج تسريع الأعمال في سنغافورة الذي يقدم للمشاركين رأسمال أوليا بقيمة 25 ألف دولار. وقد قدم المصرف أيضا حسابات منخفضة التكلفة لأصحاب المشاريع الناشئة، وأطلق تطبيقا على الموبايل لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة في سنغافورة، إضافة إلى خدمات أخرى.
وأكثر من ذلك، فقد أعطى مصرف "دي بي إس" في عام 2015 وحده لخمسة آلاف موظف ـــ ما يقرب من ربع إجمالي عدد موظفيه ـــ فرصة المشاركة في تحديات القرصنة ومشاريع الفرق الهجينة بما فيها الشركات الناشئة.
على عكس رأس المال الاستثماري التقليدي أو عمليات الدمج والاستحواذ، لا توجد أهداف استراتيجية أو مالية شاملة واضحة هنا، فما المكسب الحقيقي الذي يسعى "دي بي إس" لتحقيقه من ذلك؟ صدقوا أو لا تصدقوا، هناك عديد من المكاسب المهمة التي سيجنيها. وعلى الرغم من أنه قد يكون من الصعب أو المستحيل أن تقوم المؤسسات الكبرى بتعليم نفسها كيف تكون مدفوعة بالابتكار. إلا أن حدس "دي بي إس" أن الانخراط بشكل وثيق مع الشركات الناشئة وبمختلف الطرق، من شأنه أن يساعد المؤسسة على الاستفادة من إبداعها، وثقافتها المرنة. والمصارف بأي حال من الأحوال ليست حالة استثنائية: حيث يسعى عديد من الشركات الكبرى ذات الشهرة الواسعة لتبني ثقافة الشركات الناشئة، بالاعتماد على مجموعة واسعة من القنوات الجديدة.
للمرة الأولى، يتم توثيق الطرق المختلفة للانخراط مع الشركات الناشئة في تقرير واحد، شارك في تأليفه كل من كلية إنسياد و500 ستارت آبس إحدى شركات وادي السيليكون: "كيف تتعامل كبريات الشركات العالمية مع ثورة الشركات الناشئة". لا يزال رأس المال الاستثماري هو القناة الأكثر شهرة وشعبية، "164 شركة من فوربس جلوبال 500"، وهو القطاع الذي شهد ارتفاعا في عدد الصفقات بنسبة 30 في المائة بين عامي 2009 و2013، تماشيا مع ارتفاع سوق الأسهم. في الواقع، حصل الأغلبية "61.7 في المائة" من نادي المليار للشركات الناشئة التابع لـ "وول ستريت جورنال" على تمويل من شركة واحدة على الأقل. "التي لا تشمل شركات استثمار مثل جولدمان ساكس".
ومع ذلك، لا يسعنا إلا أن نقول إن رأس المال المخاطر هو مسألة مكلفة، وقد تكون بعيدة عن متناول الشركات الصغيرة. طرح تقريرنا أخبارا سارة تفيد بأنه في حال افتقار الشركة للموارد المالية بهدف الاستثمار، أو في حال لم تكن جاهزة لأخذ زمام المبادرة، يبقى لديها الكثير من الحلول الأخرى المنخفضة التكلفة وقليلة المخاطر.
ينطبق الأمر ذاته على الشركات الباحثة عن مواهب مبتكرة بهدف الحصول على السيولة النقدية التي تفتقر إليها، أو الاستحواذ على شركة أو فريق عمل. الانخراط مع الشركات الناشئة بشكل صريح من شأنه أن يبني جسرا قد ترغب بعض المواهب في اجتيازه دون المساس بالعلاقة مع تلك الشركة.
نورد هنا بعض الطرق الأكثر شيوعا للتعاون مع الشركات الناشئة، بشكل تنازلي بحسب شعبيتها:
مسابقات الشركات الناشئة: تعمد 76 شركة من قائمة "فوربس" العالمية 500 إلى تنظيم مسابقات حيث يطرح رواد الأعمال أفكارا عن الشركات الناشئة مقابل جوائز نقدية. على سبيل المثال مسابقة الابتكارات التي تقوم بها شركة كومكاست لرواد الأعمال، ورعاية "فيليبس" لجائزة الابتكار، ومسابقة بيرنو ريكار للأثر الاجتماعي للشركات الناشئة التي يطلق عليها "ذا فينتشر". بإمكان الشركات استخدام المسابقات لإشراك شريحة ديموغرافية معينة "مثل برنامج شركة لوريال للنساء في الولايات المتحدة" و/أو تعزيز شراكات متنوعة "على سبيل المثال "هيد هيلث تشالنج"، وهو ثمرة جهد مشترك بين "جنرال إلكتريك"، و"أندر آرمور"، والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، والجامعة الوطنية لكرة القدم".
برامج تسريع الأعمال/ مراكز الأعمال: وضعت 64 شركة من "فوربس" العالمية 500 مراكز أعمال و/أو مسرعات أعمال للمساعدة على تطوير الشركات الناشئة. تستخدم بعض الشركات هذه البرامج باعتبارها أدوات لتسهيل التواصل وبناء العلاقات. على سبيل المثال، تم إطلاق نموذج واعد من قبل مجموعة "إيرباص" مع شركة "بيزلاب"، حيث يعمل كل من رواد الأعمال والموظفين تحت سقف واحد. وإضافة إلى ذلك، أخذت كل من "دويتشه تليكوم، أورانج، ومايكروسوفت، وكوكا كولا" إحدى الشركات التي تدير برنامج تسريع أعمال على الصعيد الدولي: تشمل منصة كوكا كولا 11 بلدا، في حين وصل عدد برامج مايكروسوفت إلى سبعة.
برامج الشركات الناشئة: توفر 57 شركة في قائمة فوربس العالمية 500 منتجات وخدمات للشركات الناشئة بشكل مجاني، على سبيل المثال، تنازلت شركة باي بال عن رسوم المعاملات التي يصل حجمها إلى 1.5 مليون دولار. تعد هذه الطريقة الأكثر استخداما في المصارف الإقليمية للتعامل مع الشركات الناشئة. كما تستهدف الشركة القابضة البرازيلية ايتاو يوتينكو والمصرف التركي جارانتي النساء من خلال برامج خاصة في ريادة الأعمال. ويمنح "مايبانك" وصندوق الريادة الجديد قروضا للشركات الناشئة تحت الملكية الكاملة للجماعة العرقية "بوميبيترا".
بتحليل عوامل رأس المال المخاطر للشركات، نجد أن 68 من أكبر 100 شركة في قائمة "فوربس" العالمية 500 تنخرط أعمالها مع الشركات الناشئة بطريقة أو بأخرى.
(المصدر: الاقتصادية 2016-03-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews