بوتين .. دخول سوريا والخروج منها
من قال بأن بوتين مرتاح جدا لسير المعارك في سوريا يكون حالما ، وإن ظهر الرجل ، ميدانيا ، مصرا على إكمال ما بدأه من استراتيجية " جروزني " ، أو ما يطلق عليه العسكريون : " السجادة " .
فات بوتين ، وقادته العسكريين ، أن العدو ، هنا ، ليس - بالعرف الدولي - جزءا لا يتجزأ من روسيا الإتحادية ، وإن كان ذلك بالإحتلال والظلم ومغالطة التاريخ ، ومن جهة أخرى : فإنه عدو يراد لأرض أجداده وآباء أجداده أن تقسم إلى ثلاث كيانات : شمال كردي ، غرب علوي ، وشرق " صحراوي سني " .
من يعلن حربا مقدسة في القرن الحادي والعشرين لا بد سيذوق وبال أمره ، ذلك أن إنسان اليوم ، هو ليس إنسان سايكس بيكو : الجائع الجاهل ، المسلوبة إرادته ، وغير المنفتح على عصر الأنترنت وما فيه من معرفة " تشمل : طريقة ثقب الإبرة وصناعة الصاروخ .
قد يتمكن بوتين من إنشاء مبتغاه ، وقد يقع التقسيم المر بمباركة أمريكا والغرب المنافق " راجع تصريحات لوران فابيوس المستقيل " .. وتاريخيا ، فإن الستة عشر عاما التي شكل فيها العلويون دولتهم في اللاذقية وطرطوس بدعم فرنسي (1920 - 1936 ) عقب الإحتلال ( 1918 ) كانت زمنا طويلا قياسا بالزمن الراهن ، إذا ما قورن الزمنان بما ذكرناه من اختلاف ، وعليه تقاس كل المآسي ومنها - بالطبع - ما يجري للعرب السنة الذين هجرهم النظام والطيران الأمريكي والروسي ووحدات الحماية الكردية " صالح مسلم " ، عقب عمليات تطهير عرقي منظم .
أمريكا المنشغلة بكل عقلها ببحر الصين في صورة كل ما يفعله القيصر ، وتخلي الأطلسي عن حليفهم الجنوبي في محنته ، وتكذيب الرواية التركية ضمنا ، حول الجهة التي نفذت تفجير أنقرة ، ليست " مؤشرات " فقط كما يذهب البعض ، بل هي "معطيات " أكيدة عن أن الدولة السنية الكبرى ، والقوية ، مطلوب إضعافها أو سكوتها عما يدبر لسوريا والمنطقة ، ورفض المشروع الروسي في مجلس الأمن حول مزاعم استقلال سوريا ومنع أي أحد من دخولها ( رد على عادل الجبير وحلفائه الأتراك ) لم يكن ليكون لولا حسابات مختلفة ، ومصالح متضاربة ، بالإضافة إلى أن أردوغان ليس وحيدا في الحكم ، فهناك خصوم في داخل البيت يتربصون ، وأعداء أقوياء وشرسون وبعضهم مرتبط بالخارج ، ولهم ممثليات ومكاتب ، أي أن أردوغان محاصر الآن ، ويشعر بالخذلان .
قلنا ذات مقال: إنه لم يكن لبوتين أن يفعل ما فعل في سوريا لولا الرضا والتواطؤ الأمريكي ضد شعب وأمة ، وضد حليف عضو في الناتو ، ولكن السطوة الروسية الراهنة في الشرق الأوسط والتي بنيت على قصف المدارس والمستشفيات والأطفال والنساء ، هي - في المحصلة - سطوة لن تدوم .
لقد تمكن بوتين من دخول سوريا ، والسؤال : كيف سيخرج منها ؟ .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews