تخفيض ساعات العمل.. تعطيل للاقتصاد وارتفاع في الأسعار
رغم تباين وجهات نظر أعضاء مجلس الشورى بين (مؤيد ومعارض)، حيال قرار تخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى أربعين ساعة أسبوعياً، ومنح العاملين بالقطاع يومي إجازة، إلا أن المجلس تمسك بقراره السابق بالتخفيض، من منطلق أن هذا التخفيض، سينعكس بشكل إيجابي على توطين الوظائف والسعودة، وبالذات في حال تزامن تطبيق القرار مع رفع الحد الأدنى للأجور إلى ستة آلاف ريال.
مؤيدو قرار تخفيض ساعات العمل، يرون أن ذلك سيسهم بفاعلية في القضاء على أحد أهم وأبرز أسباب عزوف الشباب من الجنسين عن العمل في القطاع الخاص، المتمثل في طول ساعات العمل، ما سينتج عنه تَحَول بيئة سوق العمل المحلي، من بيئة طاردة إلى بيئة جاذبة لعمل المواطنين والمواطنات، وبالذات للمواطنات، حيث قد طالب أحد أعضاء المجلس، بأن لا تتجاوز ساعات عمل المرأة العاملة في القطاع الخاص ست ساعات يومياً.
وفي المقابل يرى عدد من الأعضاء المعارضين للقرار، أن تخفيض ساعات العمل، سيضر بالاقتصاد والإنتاجية، وسيزيد من الأخطار الاجتماعية والأمنية، بسبب أنه سيدفع بالعمالة الوافدة إلى القيام بأعمال أخرى خلال يومي الإجازة.
برأيي أن تمسك مجلس الشورى بقرار تخفيض ساعات العمل بالقطاع الخاص، ومنح العاملين بالقطاع يومي إجازة، مدعاة واضحة لتعطيل الاقتصاد وحركة الانتاج في القطاع الخاص، بما في ذلك تعطيل لطاقات الشباب، وبالذات في مجتمع مثل المجتمع السعودي، الذي تغلب على تركيبته الديموغرافية فئة الشباب. إضافة إلى أن مثل هذا القرار سيعيق من جهود الحكومة الرامية إلى توطين الوظائف وزيادة نسب السعودة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة، باعتبار أن القطاع الخاص لن يكون متحمساً لتوظيف العمالة الوطنية بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل في عمومها نتيجة لهذا القرار، والتي قدرت بنحو 37 مليار ريال فقط للعمالة الوافدة، نتيجة لدفع أجور ساعات عمل إضافية وأجر يوم كامل في الأسبوع، إذ يتوقع لهذا القرار أن يتيح للعمالة الوافدة الحصول على أجور إضافية (بالزيادة) تقدر بنحو 30 في المئة عن عقود العمل الحالية، بسبب تغطية النقص في ساعات العمل من جهة ومنح يومي إجازة في الأسبوع من جهة أخرى، وبالذات لبعض المهن والأنشطة التي تستدعي نوعية وطبيعة العمل بها، العمل على مدار الساعة وخلال جميع أيام الأسبوع، مثل نشاط الصيدليات، ونشاط محطات الوقود وغيرهما من الأنشطة.
ويتوقع لهذا القرار أيضاً، أن يزيد من أعداد العاملة الوافدة لسد العجز الناتج عن تخفيض ساعات العمل ومنح يومي إجازة، وبالذات للمهن والأنشطة، التي لا يقبل على العمل فيها السعوديون، مما سيعيق من جهود السعودة.
أخيراً وليس آخراً، إن تخفيض ساعات العمل ومنح العاملين بالقطاع الخاص يومي إجازة، سينعكس سلباً على أسعار السلع والخدمات، التي من المتوقع لها أن تشهد ارتفاعاً بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل وتكاليف الانتاج بالقطاع الخاص.
أَخلُص القول، أن تمسك مجلس الشورى بقرار تغيير ساعات العمل والاجازة الأسبوعية للعاملين بالقطاع الخاص، سيضر بالاقتصاد الوطني، وسوف يتسبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ولربما سيزيد من معدلات البطالة بين السعوديين من الجنسين.
برأيي أن المجتمع السعودي يمر بفترة اقتصادية مختلفة مقارنة بسابقاتها في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، والتي تتطلب حشد الهمم وبذل المزيد من الجهود الرامية إلى الارتقاء بأداء الاقتصاد الوطني والرفع من انتاجيته، وليس على العكس من ذلك البحث عن السبل واتخاذ القرارات التي تُبطئ من تلك الجهود.
(المصدر: الرياض 2016-02-11)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews