مؤتمرات السلام… الضرر أكبر من الفائدة
تهديدات فرنسا المتجددة لعقد مؤتمر سلام دولي من اجل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حرفت الاهتمام عن مؤتمر سلام آخر حاول الفرنسيون تحقيقه مع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. الحديث بالطبع عن مؤتمر السلام حول الحرب في سوريا الذي تفجر بضجة كبيرة في وجه الفرنسيين وباقي شركائهم، والامر الاخطر هو ـ في وجه ملايين السوريين الذين يحاولون الهرب في هذه الاوقات إلى خارج سوريا خوفا من القصف الروسي ومن جنود بشار الاسد المعززين بمحاربين إيرانيين.
من فشل مؤتمر السلام في سوريا يمكن أن نعرف ماذا ينتظرنا في مؤتمر السلام الذي تحاول عدة دول عقده بخصوص الموضوع الفلسطيني، وخاصة إلى أين قد يقودنا المجتمع الدولي والثمن الذي سيكون لمؤتمر كهذا.
منذ البداية لم يكن الاسد جديا في نواياه في التوصل إلى اتفاق معين مع معارضيه. ففي النهاية لا يوجد ما يمكن التوصل اليه في الوقت الذي يطالب فيه هؤلاء برأسه. أما هو فيريد الاستمرار في السيطرة كشخص وحيد على ما بقي من الدولة السورية. لكن في الاشهر الاخيرة نجح بشار ونجح الروس والإيرانيون في تغيير مجريات الحرب في سوريا بشكل أعاد طرح امكانية أن يخرج الديكتاتور السوري منتصرا من الصراع ويعيد سيطرته على معظم مناطق سوريا بما في ذلك هضبة الجولان.
في ظل هذا الوضع لا يريد بشار اتفاق حل وسط مع خصومه. بالنسبة له ولشركائه الإيرانيين والروس فان الحل الوحيد هو بالحديد والنار وباخضاع معارضيه وتنظيف سوريا من المتمردين ومن السكان المؤيدين لهم. وهذا يعني طرد 8 ملايين لاجيء إلى خارج حدود سوريا. ونجاحه في الاونة الاخيرة اضاف 2 ـ 3 ملايين لاجيء آخر. وهكذا يبقى بشار مسيطرا على دولة اكثر من نصف سكانها هربوا منها.
كل ذلك كان باستطاعة أي انسان فهمه إذا كان مستعدا للاعتراف بالواقع. لكن دول الغرب لا يمكن بلبلتها. التدخل العسكري من اجل انقاذ ابناء الشعب السوري غير وارد الآن. وهو لم يكن موجودا في مراحل أولية للصراع حيث كان الامر أبسط وفرص النجاح أكبر. ولكن الدخول في مواجهة مع الروس هو أمر لا يريده الأمريكيون. في المقابل، يجب ارضاء بعض الحلفاء العرب لواشنطن واشعار العالم أن هناك شيء يتم فعله في موضوع التراجيديا الحاصلة في سوريا.
اضافة إلى ذلك فان اوروبا يائسة اليوم أمام ازمة اللاجئين التي ستتفاقم في السنوات القريبة. حيث سينضم إلى ملايين اللاجئين السوريين ملايين السنة العراقيين الذين ستكنسهم حكومة العراق الشيعية خلال صراعها ضد داعش. من اليأس الاوروبي تطل علينا افكار سيئة، مثلا حل الصراع الإسرائيلي العربي سيُسكت المنطقة كلها بشكل سحري ويحل مشكلة داعش ويعيد اللاجئين من اوروبا إلى الشرق الاوسط.
كل ذلك تلاقى في السياق السوري بجهد عقد المؤتمر الدولي الذي يستند إلى خارطة طريق تفصيلية تبناها مجلس الأمن كقرار الزامي. لكن ما العمل حينما تكون بين خارطة الطريق والواقع الصلة صدفية فقط. وما العمل حينما يضع وزير الخارجية الروسي الخرائط وتقوم الطائرات الروسية بمئات الطلعات في اليوم، فيهرب ملايين السوريين من بيوتهم من اجل فتح الطريق أمام جيش بشار الاسد.
بنظرة إلى الوراء، اقاويل السلام في الاشهر الاخيرة ليس فقط لم توقف الحرب في سوريا بل زادت من حدتها ومنحت الشرعية والوقت لنظام بشار الاسد وحلفاءه لاكمال الحرب التي يديرونها ضد معارضيهم. ويجب الاعتراف ايضا أنهم حققوا نتائج على الارض.
لكن بعد فشل جهود السلام العقيمة منذ البداية في سوريا على ضوء الانجازات المثبتة لعشرة ملايين لاجيء ومئات الآلاف من القتلى، فان الغرب يتوجه إلى المهمة التالية ـ مؤتمر سلام إسرائيلي فلسطيني.
إسرائيل اليوم 9/2/2016
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews