المدينة الذكية .. وفرص التعاون بين القطاعين
تمثل مبادرات المدينة الذكية فرصة كبيرة للشركات التطلعية. وقد تم تخصيص 70 في المائة من النفقات الرأسمالية العالمية في عام 2013 إلى الطاقة، والنقل، والأمن العام، مع 90 في المائة من هذه النفقات الممولة إما بصفة كلية أو جزئيا من قبل الحكومات الوطنية أو المحلية. وقد تم استثمار نحو 22 مليار دولار على مدى العقد الماضي من قبل حكومة سنغافورة وحدها لبحث وتطوير واختبار وتسويق تقنيات المدن الذكية الجديدة والحلول. وتتوقع التقارير حجم استثمار أكثر من 33 مليار دولار لتركيب أجهزة استشعار فقط في المدن الذكية في عام 2016.
يجب على المدينة الذكية الاستفادة من مجتمع ريادة الأعمال العالمي من أجل الوصول إلى وتنفيذ التحليلات المتقدمة، والحوسبة السحابية، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء، والشبكات الدقيقة، وتكنولوجيا أجهزة الاستشعار المتطورة منخفضة التكلفة. فإن المدينة الذكية بحاجة إلى شريك مع كيانات جميع الشركات بكل أحجامها، الشركات متعددة الجنسيات والشركات المحلية الكبرى والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم والشركات الناشئة، لتحقيق أهدافها.
يجب على المدينة الذكية أيضا التعاون مع المؤسسات المحلية والأجنبية للتعليم العالي والبحوث لتطوير حلول مبتكرة. فإن على الحكومة بناء المواهب في الداخل من خلال كبريات الجامعات الوطنية والتكنولوجية. وعلى معاهد البحوث بالتعاون مع الشركاء في الصناعة أن تطلق عديدا من المختبرات المشتركة في مجالات من بينها الاتصالات، والمصارف، والنقل، والرعاية الصحية.
يمكن لوكالات حكومية أن تعمل مع القطاع الخاص لإيجاد خدمات ذكية جديدة في عدد من المجالات. على سبيل المثال، دعوة الشركات المحلية للعمل على تحسين البنية التحتية من خلال تجميع بيانات الاستشعار المحيطة على حركة مرور المركبات وحركة سير البشر وكذلك نوعية الهواء ثم نقل هذه المعلومات بشكل آمن للوكالات الحكومية ذات الصلة لتحليلها.
إن التوصل إلى مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار الذكية هذه لها القدرة على توفير الطاقة بشكل كبير.
وتشكل المباني الخضراء جزءا رئيسا ذا أهمية كبيرة من المدينة الذكية وتتيح فرصا كثيرة للتعاون بين القطاعين العام والخاص لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وخفض التكاليف، والسعي لأجل أن تحقق المباني صافي استهلاك الطاقة صفرا سنويا على الرغم من زيادة الحمولة في كل عام.
وحتى نصل لبناء المنازل الذكية لا بد أن يخوض القطاعان سويا سلسلة من التجارب الطويلة لتقديم قائمة من حلول الحياة الذكية التي تأخذ في الاعتبار الإضاءة الموفرة للطاقة وأيضا المطابخ الذكية حيث يكون استهلاك الموارد.
وتطوير نظم الرعاية الصحية الرقمية يحفز نمو سوق تكنولوجيا المعلومات بالرعاية الصحية في المدينة الذكية. وتشمل الرعاية الصحية من بعد الاستشارات والمراقبة الطبية من بعد، والتي ترتبط معا بواسطة نظام السجلات الطبية الإلكترونية. وهي آلية تتيح تبادل بيانات المرضى بين المتخصصين في الرعاية الصحية وتطبيق تحليلات على بيانات المرضى، ما تجعل العلاج أكثر استهدافا وذا طابع شخصي مع خفض التكاليف. فمن الممكن للشركات، بالتنسيق مع المستشفيات العامة، اختبار نظام إعادة تأهيل الرعاية الصحية من بعد حيث يتم نقل البيانات لاسلكيا من خلال أجهزة الاستشعار التي تعلق على أطراف المرضى وهم ينفذون جلسات العلاج في المنزل. والهدف هو تقليل الحاجة للمرضى المسنين للسفر أو التنقل ثم الانتظار لمواعيدهم في المستشفيات.
وفي مجال وسائل النقل العام وإدارة الحركة، تستطيع المدينة الذكية أن تمنح العقود لرصد الطرق السريعة من خلال نظام حاسوبي لمراقبة حركة المرور على الطرقات لأجل الكشف والاستجابة للحوادث، وأيضا لاقتراح بدائل لمسارالمسافرين. وفي مجال الإدارة البحرية والموانئ والمراسى، يوجد فرص للاستثمار في نظام الاستعلامات الخاصة بالميناء بما في ذلك ساحة الحاويات ورافعات التحكم الآلي المحمولة على السكك الحديدية.
ولعله من الممكن الاستعانة بالمختصين في إدارة الموارد للتعاون في استخدام تحليلات لتطوير شبكة المياه الذكية، والتخطيط لتطوير أداة دعم لاستحداث إدارة مياه الأمطار، وقراءة العداد الآلي، وتتبع استهلاك المياه.
وفي ما يخص إدارة النفايات، قد تبدأ المدينة الذكية بالتنسيق بين هيئة البيئة الوطنية والقطاع الخاص ببعض المشاريع التجريبية، وبصرف النظر عن اختبار نظام النفايات القائم، عن تركيب أجهزة الاستشعار بصناديق القمامة والتي يمكنها الكشف حينما تكون كاملة فضلا عن تقييم أداء مسار جمع النفايات وكيفية التخلص منها.
وأيضا تشجيع برامج شبكات الطاقة الذكية والعدادات الذكية والتي تهدف إلى دفع اعتماد الأجهزة الذكية والطاقة المتجددة وخاصة الشمسية في جميع أنحاء المدينة من خلال غرس الوعي في العامة لتبني مثل هذا المنهاج.
إن المدن الذكية قادرة على تحفيز النمو الاقتصادي وعلى توليد فرص عمل جديدة من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص. وبمجرد أن تترسخ برامج المدن الذكية في أجزاء مختلفة من البلاد، سوف يتم بناء شراكة بين الحكومات المحلية والشركات لأجل الاستعداد لمواجهة شح موارد الطاقة وتحسين نوعية الحياة لمواطنيها في المستقبل.
(المصدر: الاقتصادية 2016-02-08)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews